أزمة ثقة.. ميثاق اجتماعي جديد

يديعوت أحرونوت غيورا آيلند 5/8/2020 حتى قبل نحو 300 سنة كان يحكم اوروبا الملوك بحكم ما كان يُعد كحكم إلهي – وما كان يمكن لأحد ان يشكك بالصلاحيات المطلقة، ولم يكن لهؤلاء الملوك اي التزام تجاه الرعايا. وابتداء من منتصف القرن السابع عشر بدأت تهب ريح جديدة ومعها الادعاء بأن الدول توجد بفضل "ميثاق اجتماعي" بين المواطنين وصاحب السيادة – اي ان المواطنين يتخلون عن جزء من حريتهم وبالمقابل يفترض بصاحب السيادة ان يوفر لهم الامن والاستقرار. وهذا الميثاق الاجتماعي هو الامر المسلم به الاهم. حتى وان لم يكن محددا بدقة ولا يجد تعبيره في وثيقة مكتوبة. فضلا عن ذلك فانه مصدر الشرعية للقوانين بل وللدستور. فلماذا مثلا يقبل كل الاميركيون كأمر مسلم به حقيقة ان الدستور ساري المفعول اليوم ايضا. فالحديث يدور عن وثيقة وضعتها مجموعة صغيرة من النخب من مؤيدي العبودية قبل نحو 240 سنة. الجواب بسيط: يوجد اجماع واسع على أن هذا هو ما يجب ان يكون. لقد اقيمت اسرائيل هي ايضا وفقا لـ"ميثاق اجتماعي" غير مكتوب يخلق تفاهمات حول طبيعة العلاقات بين الحكم والمواطنين. غير انه على مدى السنين ولا سيما في العقد الاخير، نشأت شروخ في هذا الميثاق. وتتعلق الشروخ بمجالين: بأنماط السلوك وبطريقة ادارة الدولة. نمط السلوك المتوقع من الحكم هو أن يتصرف كـ"مؤتمن" للجمهور وفي صالح الجمهور فقط. يمكن للطريق ان يكون مختلفا – بن غوريون وبيغن كانا خصمين سياسيين شديدين وآمنا بأيديولوجيتين مختلفتين، مثلهما ايضا رابين وشمير – ولكن لا خلاف في كونهم "مؤتمنين". الادعاء الثاني والمهم بقدر لا يقل هو أن دولة اسرائيل تدار بشكل غير ناجع. وهذا لا يتعلق بالكورونا. عمليا، نحن نتصرف في ظل استنادنا كأمر مسلم به الى قائمة كبيرة من الفرضيات المغلوطة – بعضها كانت مغلوطة دوما، بعضها كانت صحيحة فقط في حينه وبعضها هي نتيجة انحراف متواصل عن الطريق الصحيح أو الناجع. ميزانية الدولة، مثلا – سواء "قانون التسويات"، أم "الاموال الائتلافية" ام "طريقة نقل المال بين البنود لا تستهدف مساعدة الجمهور بل السماح للنواب بالاحسان لجماعات مختلفة ونيل الحظوة على ذلك. هذه ليست نتيجة لفعل من رئيس وزراء معين، هذه طريقة متبعة. قبل ثلاثة اشهر اقيمت حكومة مع 36 وزيرا – لا يدور الحديث عن ثمن ضروري لحل وسط سياسي، إذ إن ذات التوازن بين الجانبين كان سيحفظ ايضا مع حكومة وفيها 18 وزيرا، بل عن رغبة في ارضاء بعض الناس على حساب الصندوق العام. يوجد خط مباشر يربط بين شكل تشكيل الحكومة وقرارات عديدة في موضوع ادارة ازمة الكورونا، بينما القاسم المشترك هو اعتبارات غريبة تعرض كمصلحة قومية. وضع السلطة القضائية ليس افضل بكثير. عندما يشدد قاض كبير على اهمية "حكم القانون"، فانه يقصد أن يتحدث عن عكس ذلك – حكم القضاة. لقد قال الرئيس جورج بوش الابن: "من الافضل دوما للتنظيم ان يكون اقوى من رئيسه"، بينما كان القصد أولا وقبل كل شيء الدولة. والادعاء الاساس ضد نتنياهو هو أنه يحاول –بل وينجح– في تثبيت واقع معاكس. وبالفعل مسؤوليته عن الوضع كبيرة، ولكن يشاركه الكثيرون، في السلطات الثلاث الحكومة، الكنيست والمحكمة. في كل الاماكن سحقت مصلحة الجمهور في صالح صراعات قوى شخصية او تنظيمية. وأزمة الكورونا تجسد فقط ما هو موجود منذ زمن بعيد. ان الادعاء الاساس للمتظاهرين الآن هو ضد القطيعة بين الشعب ومنتخبيه. هذا ليس مطلبا لتخفيض غلاء المعيشة، مثلما كان في 2011، بل مطلب اهم بكثير- مطلب من الزعماء لان يكونوا "مؤتمني الجمهور". ازمة الكورونا سرعت فقط ما كان واضحا منذ زمن بعيد: اسرائيل بحاجة لتغيير عميق، لـ"ميثاق اجتماعي 2020".اضافة اعلان