أزمة جديدة بحال قرر "الفيدرالي" الاميركي رفع أسعار الفائدة

ترجمة: هيا خريس *

عمان- ترجيح وقوع الاقتصاد العالمي في أزمة مالية جديدة. لم تأتِ تلك النظرة الممعنة في الأزمة التي يمر بها الاقتصاد العالمي من عدم، فعندما ننظر إلى الواقع الملموس أمامنا من التوقعات السيئة في الاضطرابات التي تواجهها الصين المؤثرة على أسواق الأوراق المالية والتراجع الذي شهدته الأسواق الناشئة خلال الأشهر الـ15 الماضية حين سحب المستثمرون ما يقارب تريليون دولار وما يضع الاقتصاد العالمي تحت خانة الشك والقلق هو اليوم المصيري 17أيلول (سبتمبر) المقبل الذي بات ينتظره عمّال البورصة بفارغ الصبر لتقرير مصير رفع أسعار الفائدة مرة أخرى بحسب قرار المجلس الاحتياطي الفيدرالي، هذا كله يدعو الخبراء إلى توقع أزمة جديدة سيشهدها الاقتصاد مرة أخرى.اضافة اعلان
وما لا يبعث على الاطمئنان انخفاض المؤشرات الرئيسية بشكل كبير في الآونة الأخيرة مثل مؤشر داكس الألماني الذي تراجع إلى مستوى كبير نحو 3 % في منتصف شهر كانون الثاني (يناير) ومثيله داو جونز الذي هبط بنسبة 5.8 % في اليوم نفسه، كما هبط مؤشر نيكي الياباني أكثر من 5 % في خمسة أيام فقط. وهذا يشير إلى تضعضع أحوال الاقتصاد العالمي، وكما أن نهاية شهر آب (أغسطس) 2015 شهدت واحدة من أطول الطفرات في التاريخ. الآن وقد تبيّن فجر أسابيع حاسمة نتساءل: هل انتهت هذه الطفرة؟
الاقتصاديون في بنك "بيل ماير" حذروا من مخاوف الأسواق المالية التي يمكن أن تنتشر إلى الاقتصاد مؤدية بذلك إلى زيادة الاستهلاك وتردي الاستثمار خاصة في البلدان الصناعية، فعلينا ألا ننسى أن نمو الاقتصاد العالمي في السنوات الأخيرة قد تراجع كثيراً، وخصوصاً ما حصل مع الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم بحيث تراجعت الأسواق بشكل كبير في العام الحالي رغم سعي الحكومة إلى سدّ هذا التراجع من خلال دعم المشتريات، إلا أنه في غضون أسبوع واحد تراجعت بورصة شانغهاي بصورة كبيرة مع انخفاض قيمة اليوان بشكل حاد، وكان هذا أكبر انخفاض لقيمة العملة شهدته منذ العام 1994 ليخفف ذلك من المصدرين الصينيين ويزيد الضغط على الشركات الأجنبية التي تبيع سلعها في الصين. ويقول ستيفان بيل ماير كبير الاقتصاديين في بنك دي تسي الألماني، إن تطوير الاقتصاد العالمي الآن ما يزال يعتمد بشكل كبير على الصين. وفي طرح هذه الشكوك، فإننا أمام حقيقة واحدة هي في الوصول إلى واحد من أكبر المخاطر التي تواجه تطوير أسواق الأوراق المالية في العالم.
وبعد الاطلاع على الأزمة المالية، لا حاجة لنا إلى البحث عن تراجع أسواق الأسهم بعد أن شهدت العديد من الأسواق الناشئة في دول مثل ماليزيا وتركيا وكوريا الجنوبية تراجعا حادا، وكان هناك 20 سوقا من الصف الثاني تحطمت أسعارها في غضون شهر. ووقعت أيضاً الاقتصادات المعتمدة تحت الضغط الكبير بعد تراجع أسعار السلع الصناعية الأكثر أهمية إلى جانب أسعار النفط. وفي الوقت نفسه، انخفضت قيمة العملات في كثير من البلدان الناشئة بشكل حاد.
وعلى صعيد تدفق رأس المال وسحب ما يقارب التريليون دولار من الأسواق الناشئة في غضون الأشهر الـ15 الماضية، قال يواكيم فلس المستشار لشركة بيمكو الاستثمارية إن نمو الاقتصاد بطيء وينبغي أن يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى المزيد من الاستثمارات وزيادة أرباح الشركات، ولكن هذا التأثير المرجو لم يتحقق بعد، ولذلك فإن العالم يعاني من نقص في الطلب.
اليوم المشؤوم بالنسبة لوسطاء الأسهم هو 17 أيلول (سبتمبر) المقبل، في هذا اليوم سوف يقوم المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بتقرير ما إذا كان سوف يحافظ على سياسة معدلات الفائدة الصفرية لدعم الاقتصاد أو ما إذا كان الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة أصبح قويا حتى يتمكن من القيام بالخطوة الجريئة للمرة الأولى منذ تسع سنوات في زيادة أسعار الفائدة مرة أخرى.
وينظر الباحثون إلى فشل هذا القرار نظرا للبيئة المضطربة التي يمكن أن تؤدي إلى تدهور أسواق الأسهم مرة واحدة، ما ترك سعر الفائدة الرئيسي عند مستوى الصفر، يمكن أن نعول عليه كدليل على أن البنك المركزي ما يزال غير واثق من استقرار وضع الاقتصاد الأميركي. وبهذا فإن الرأي المتمحور بعد الخوض في تحليل هذه العوامل الرئيسية الثلاثة التي يشهدها الاقتصاد العالمي بات متفقاً على وقوع الاقتصاد في فخاخ الأزمة مرة أخرى وأن تلك الأزمات لم تنته بعد ولم ينته صراع الاقتصاد العالمي مع هذه الأزمات، إلا أن يوم 17 أيلول (سبتمبر) المقبل سيكون الدليل القاطع لمستقبل الاقتصاد العالمي.

ترجمة عن صحيفة (سود دويتشه الألمانية)