أزمة لبنان قد تنعكس على إسرائيل

جنود للاحتلال الإسرائيلي يمشطون المنطقة الفاصلة للحدود في جنوب لبنان - (أرشيفية)
جنود للاحتلال الإسرائيلي يمشطون المنطقة الفاصلة للحدود في جنوب لبنان - (أرشيفية)
هآرتس بقلم: عاموس هرئيل 24/7/2020 في ظل العناوين التي لا تتوقف والتي يقدمها تفشي كورونا في إسرائيل توجد أزمة شديدة آخذة في التطور على الحدود الشمالية. حتى الآن هذه أزمة لبنانية داخلية. جارنا في الشمال يمر بهزة اقتصادية شديدة تضع علامات استفهام حول ابسط النشاطات اليومية. التوتر في لبنان يضع حزب الله في وضع غير مريح. وفي نفس الوقت الحزب يتعرض بين فينة واخرى الى اضرار غير مباشرة من المعركة السرية جزئيا التي تديرها إسرائيل ضد ايران في سورية. في هذا الأسبوع في إحدى الهجمات التي نسبت لسلاح الجو الإسرائيلي في سورية قتل أحد مقاتلي حزب الله في منطقة مطار دمشق. وفي الجيش استعدوا لامكانية رد محسوب من هذه المنظمة الشيعية استنادا لتصريحات سابقة لحسن نصر الله الذي هدد بترسيخ معادلة ردع مع إسرائيل. في شهر آب (أغسطس) الماضي قال نصر الله إن الحزب سيرد على إسرائيل من اراضي لبنان على أي قتل لمقاتليه في سورية. أول من أمس نشر الجيش الإسرائيلي كتيبة من لواء غولاني على طول حدود لبنان. التقدير في القدس (المحتلة) يقول إن حزب الله ينوي القيام بعملية محدودة ترسل رسالة الى إسرائيل دون جر الطرفين الى تصعيد شامل. هكذا تصرف الحزب في شهر نيسان (أبريل) الماضي عندما قطع رجاله الجدار الحدودي بين لبنان وإسرائيل في ثلاث نقاط ردا على اصابة صواريخ لجيب تابع لحزب الله على الحدود بين سورية ولبنان. وقبل ذلك في ايلول (سبتمبر) الماضي اطلق حزب الله صواريخ مضادة للدبابات، التي اخطأت اصابة سيارة اسعاف عسكرية إسرائيلية على الحدود ردا على الهجوم الذي قتل فيه ناشطين لبنانيين في هضبة الجولان السورية على قصف آخر نسب لإسرائيل في الضاحية في بيروت. تقاطع الاحداث الاخيرة، حيث توجد في الخلفية ادعاءات ايرانية بشأن تخريب إسرائيلي غامض في المنشأة النووية في نطنز في بداية الشهر الحالي، يزيد العصبية الاقليمية. ويبدو أن الامر الاخير الذي يعني نصر الله الآن هو مواجهة عسكرية. في الوقت الذي فيه الاقتصاد في لبنان ينهار والشارع في لبنان عاصف فان توجيه النار نحو إسرائيل لن يعتبر بالضرورة المخرج المرغوب فيه من الازمة. نصر الله الذي تضرر بشكل كبير من تعادل الاستراتيجية التي نشأت مع إسرائيل في حرب العام 2006، غير متحمس للعودة الى تكرار تلك التجربة، رغم الندب التي تركتها ايضا في المنطقة الجنوبية للحدود. احيانا، كما يظهر للمراقبين هنا، فان السكرتير العام لحزب الله يعمل بالتحديد كشخص بالغ ومسؤول عن المحور الشيعي والذي يهتم بأفكار طموحة جدا يطرحها أسياده في طهران ودمشق. في الاسبوع الماضي قبل الهجوم الاخير في سورية، لكن عميقا في داخل الازمة في لبنان، جلس قائد المنطقة الشمالية امير برعام وأجرى مكالمة مطولة مع "هآرتس". هذا حدث في مكان فيه مشهد طبيعي جميل ومتميز قلائل يمكنهم الوصول اليه، في أعلى موقع للمراقبة في موقع عسكري في رأس الناقورة. ومن هناك على ارتفاع اكثر من مئة متر فوق الناقورة كان يمكن رؤية منطقة الحدود بين الدولتين، وايضا ساحة النزاع المحتملة القادمة التي هي فضاءات البحر المتوسط ومخازن الغاز في الاعماق حول حق السيطرة عليها توجد خلافات بين إسرائيل ولبنان. امير برعام قال إن ما يميز الفترة الحالية في المنطقة بشكل خاص هو عدم الاستقرار الذي ازداد بسبب الاحداث منذ بداية السنة الحالية مثل اغتيال اميركا للجنرال الايراني قاسم سليماني والازمة الاقتصادية الشديدة في لبنان وسورية وضرب كورونا لدول في الشرق الاوسط. "اقتصاديا لبنان يوجد كما يبدو في الوضع الأسوأ له الذي لم يشهده من قبل"، قال قائد المنطقة واضاف "هذا يقترب من فترة الحرب الاهلية في منتصف السبعينيات. نسبة البطالة هناك تبلغ تقريبا 40 %، ونصف السكان تقريبا يوجدون في الوقت الحالي تحت خط الفقر. وهناك تقارير تفيد بأن هناك اشخاص ينتحرون بسبب الجوع". هذا الأسبوع نشرت صحيفة "التايمز" اللندنية بأن شبكة الكهرباء في لبنان تعمل فقط بضع ساعات يوميا. "كل ذلك لا يرتبط بشكل مباشر بنا"، أكد برعام واضاف "اذا سألت أي مواطن في لبنان فأنا أشك بأن إسرائيل توجد في المكان العاشر في سلم أولوياته. ويفهم أن أحد اسباب ذلك هو سلوك حزب الله. والتشكك يتسرب ايضا الى الطائفة الشيعية في الدولة. لبنان يوجد في شرك حقيقي تحت عقوبات خارجية آخذة في التشدد، الذي ينبع من خطوات أميركية ضد إيران وسورية، والى جانب ذلك عدم ثقة المؤسسات الدولية بالاقتصاد اللبناني. السنة القادمة ستكون مصيرية بالنسبة للبنان، حيث يمكن أن تؤدي الى تفكك وعدم القدرة على تسديد الدين". حسب اقوال برعام، حزب الله يواجه اصعب ازمة واجهته طوال حياته. "عندما حارب رجاله لصالح نظام الاسد في سورية كان يمكن للتنظيم تبرير ذلك بأنه يدافع هناك عن اللبنانيين امام داعش حتى لا يصل اليهم. هذا التبرير اختفى، ومعظم مقاتلي حزب الله عادوا الى لبنان. المنظمة الآن هي جزء مهيمن في الحكومة اللبنانية. "بشكل مبدئي هذا مريح لنصر الله. فهو يمسك بزمام الأمور ولكنه موجود في الخلف. ويجد صعوبة في فصل نفسه عن الازمة. وإذا اهتم فقط برجاله وبالشيعة فهو يقوض ادعاءه الذي يقول بأن مبرر وجود الحزب هو كونه درع لبنان. في هذه الاثناء ايران غير قادرة على أن تساعد ماليا حزب الله بنفس المستوى الذي كانت تستطيعه في السابق. هذه ازمة يعاني منها المحور الشيعي، لا سيما منذ اغتيال سليماني . هذا الشخص عبر بجسده عن محور المقاومة، من ايران ومرورا بالعراق وسورية وانتهاء بلبنان. وفي الوقت الحالي لا يوجد أي شخص يستطيع أن يكون في كل هذه الاماكن وأن يدخل في حذائه بشكل كامل. "نحن ليس لنا أي دور في ازمة لبنان الداخلية. يجب بذل كل جهد ممكن من اجل عدم الانشغال بذلك. أنا اعتقد أن المواطنين في لبنان يعرفون أن الدولة أسيرة في أيدي حزب الله، المرتبط بنظام فاسد. ولا يوجد لإسرائيل أي طموحات عدائية في لبنان. حزب الله هو الذي يستثمر الاموال في تهريب السلاح وفي مشاريع زيادة دقة صواريخه وبناء قوة نيران امام إسرائيل. مبدئيا، يمكن أن يتطور سيناريو يحاول فيه نصر الله توجيه اصبع الاتهام لإسرائيل وأن يسخن الوضع معنا. وأنا اعتقد أنه يقوم بفعل ذلك الآن. فهو يوجد في نقطة حاسمة". برعام اشار ايضا الى أن "الازمة في لبنان عميقة جدا، حيث أن نصر الله لا يتحدث عن نطنز. فهو منشغل بمستقبل حزبه وبقائه. وأنا اعتقد أنه ملح جدا له الانشغال بأمور اخرى". وحسب اقوال برعام، "تفكك داخلي في لبنان سيكون خطيرا عليه ايضا. في الاشهر الاخيرة وجدت ظاهرة جديدة لمواطنين من السودان يتسللون الينا من الحدود مع لبنان، ويتم القاء القبض عليهم قرب الجدار الحدودي. العامل يتم تسريحه في الصباح من مطعم في بيروت، ولا توجد رحلات طيران الى بلاده بسبب الكورونا ولا يوجد لديه ما يأكله. عندها، يحاول اجتياز الحدود في الظهيرة والقدوم نحونا. هذا هستيري: لو قلت لي قبل سنة بأن هذا ما سيحدث لكنت سأقول لك بأنك ثمل. ولكن اذا استمر هذا الوضع فانه ليس فقط السودانيين هم الذين يمكن أن يحاولوا اجتياز الحدود". عودة الى جنوب لبنان من موقع المراقبة في رأس الناقورة تظهر بشكل واضح مواقع قوة اليونفيل والجيش اللبناني قرب القرى الشيعية التي في معظمها تنتشر وسائل حزب الله القتالية. بعد انتهاء المعارك في سورية عاد معظم مقاتلي قوة الرضوان الى جنوب لبنان، وهي وحدة النخبة في حزب الله، وهم الذين تحملوا الجزء الاكبر من العبء في الحرب الاهلية السورية. ورغم الازمة الاقتصادية، قال برعام، المنظمة لم تتنازل عن استثمار موارده في هذه الوحدات، ولم تتنازل عن مشاريع دقة الصواريخ. برعام معجب بالتجربة العملية التي راكمها مقاتلو حزب الله في المعارك في سورية. ولكنه يرفض الموافقة على الرواية العسكرية التي تقول إنه يجب بين حين وآخر تخويف الجمهور في إسرائيل من رعب الحرب القادمة. نصر الله يهدد بشكل جدي منذ سنوات بـ "احتلال الجليل". ولكن قائد المنطقة الشمالية يقترح وضع هذه الاقوال في حجمها الصحيح. "في سورية تعلموا الانتقال من وضع الدفاع الثابت الى مناورة هجومية للوحدة. وهذا حدث ايضا بفضل الانكشاف على الوحدات الروسية التي حاربت الى جانبهم. من جهة اخرى، نحن لسنا داعش. في سورية كان لهم تفوق بري وجوي وتغطية روسية. هذا ليس الوضع بالنسبة لنا في لبنان. "هم يتحدثون عن هجمات في اراضينا وعن اخلاء مستوطنات تحت النار. هذا يمكن أن يحدث. نحن نتعامل بكل جدية مع خططهم ونستعد لها. التدريبات التي تجريها وحداتنا اكثر صعوبة واكثر تطلبا من اجل مواجهتهم. ولكن يجب علينا أن لا نخوف انفسنا عبثا. وقد تعلمت هذه العبرة من "السور الواقي"، حيث كنت قائد كتيبة شاب، وطلبوا منا توقع مئات القتلى في العملية. حينها في صف الحركة للكتيبة نحو بيت لحم ارفقت شاحنتين من اجل اخلاء القتلى. وقد أخذت جنودي. في الحرب سيحاول حزب الله احتلال مواقع والوصول إلى الصفوف الأولى من بيوت المستوطنات. ولكن لن يكون هناك أي احتلال للجليل. نصر الله هو بطل العالم في الحرب النفسية، لكنه لا يعرف جيدا نسبة القوة الحقيقية. والضرر الذي سيصيبه سيكون اكبر بكثير مما يمكن أن يسببه لنا. "افضلية حزب الله في تنظيمه العسكري ستكون كارثته ايضا. نحن سنحارب حسب قواعد الحرب: كل بيت تخرج منه وحدة الرضوان، وكل بيت تطلق منه النار سيتم قصفه. المواطنون في لبنان يعرفون ذلك وهم لن يبقوا في بيوتهم. وقد قال في السابق أحد وزراء الدفاع (عمير بيرتس في بداية حرب لبنان الثانية) بأن من سيذهب الى النوم مع الصواريخ يجب عليه أن لا يستغرب من أنه سيستيقظ مع انفجار. هذا يمكن كتابته حتى في "هآرتس". اذا حاولوا العمل فنحن لن نجلس مكتوفي الأيدي وننتظر الى أن يصل رجال الرضوان الى شلومي. لا يوجد هنا "قتال عادل". لا يوجد احتمال لأن نسمح لذلك بأن يحدث. وقد قال "اعضاء المنظمة المعادية، ليسوا انتحاريين شيعة. وأي تقدير استخباري زائد هو سيء مثل الاستخفاف. أنا أنظر الى التهديد بشكل واقعي وأستعد لذلك. الاستخبارات لدينا جيدة، لكننا نستعد ايضا لوضع فيه لن يكون لدينا ما يكفي من المعلومات ونتفاجأ. أنا لم أكن هاديء في أي وقت، حتى لو كانت لدينا جميع المعلومات. ربما قدرناه بصورة خاطئة". ليس مثلما في السابق في الأشهر الأخيرة حذر الجنرال احتياط اسحق بريك من التقليص المتواصل للجيش في جهاز الدبابات. بريك قلق بالاساس من امكانية أن الجيش السوري سيعيد ترميم نفسه بسرعة، بمساعدة من الخارج، وسيضبط إسرائيل وهي غير مستعدة للتحدي. "أنا ايضا مواطن إسرائيلي وأعرف الظروف الاقتصادية الجديدة"، قال برعام. "اذا بنينا مرة اخرى الجيش مثلما قمنا ببنائه في السابق، فلن تبقى لدينا الاموال لأي شيء آخر. وأنا اشتاق جدا لجيش مثل الجيش الذي كان في 1974 – 1975، عندما حصل الجيش على جميع الموارد التي طلبها بعد حرب يوم الغفران. في حينه كانت هناك 18 فرقة. وكل اسبوع كانت الدبابات تذهب للتدرب مسافة 300 متر، وجندوا الاحتياط بدون حساب. "الزمن تغير. الآن نحن نأخذ في الحسبان كل ساعة يشغل فيها المحرك وكل يوم للاحتياط. يوجد للدولة المزيد من الاحتياجات ويجب عليها أن تأخذ المخاطر. نحن نتابع اعادة بناء الجيش السوري. والى حين تكون هناك قوة تقليدية لها قدرة حقيقية سيمر على الاقل 3 – 5 سنوات. وكتائب الكوماندو في نظام الاسد كانت الاولى التي تفككت عند اندلاع الحرب الاهلية في 2011. وأنا لا أوصي بالاستثمار في هذا التهديد كأولوية اولى في الخطة الحالية متعددة السنوات". نحن تقريبا لم نتحدث عن كورونا. لبضع ساعات، رغم جميع سيناريوهات الاستعداد لحرب لبنان الثالثة، كان في ذلك قدر من الراحة.اضافة اعلان