أزواج يتحولون إلى أعداء بعد الطلاق

يتحول الطليقان بعد الانفصال في بعض الأحيان إلى عدوين - (أرشيفية)
يتحول الطليقان بعد الانفصال في بعض الأحيان إلى عدوين - (أرشيفية)

مجد جابر

عمان- عشر سنوات طويلة تحت سقف واحد تبددت في لحظة بعد أن قررت نيفين صلاح الانفصال عن زوجها بعد أن استحالت الحياة بينهما.اضافة اعلان
وما إن طلبت نيفين الطلاق حتى تحول كل طرف منهما إلى عدوين يفكر كل منهما في طريقة تدمر الآخر.
تقول نيفين “دخلنا في تفاصيل الدعاوى ورفع القضايا ليتحول الشخص الذي كان يجمعني به سقف واحد إلى وحش لم أكن أعرف أين كان يخبئ كل هذه العدوانية والقسوة بعد عشرة سنين طويلة”.
وتضيف “بدأ يشهر فيّ أمام القاضي ويتهمني بأمور من العيب أن يتلفظ بها لا سيما أن معظمها كان كذبا وزورا”، متابعة “كما أذاع عني للناس والمعارف أمورا ونواقص كان يتحملها من أجل الأبناء”.
ما رأته نيفين من طليقها لم تكن تتوقعه يوما، وكيف تحول هذا الزوج إلى شخص “لئيم ومبتز” ويحاول تدميرها والانتقام منها بشتى الطرق والأساليب التي يقدر عليها.
يلجأ بعض الأزواج ممن باتوا أغرابا بعد الزواج لاتباع وسائل عدوانية وتدميرية للانتقام من الشريك، ليتحول كل منهما من زوجين يعيشان تحت سقف واحد إلى عدوين كأنهما لم يعرفا ويختبرا بعضهما بعضا من قبل.
الثلاثيني ابراهيم علي، يعترف أنه شن حربا على طليقته بعد أن طلبت منه الطلاق كونه شعر بإهانة كبيرة منها، خصوصاً أنها بدأت تتصرف تصرفات “مشينة”؛ حيث كانت تخبر المعارف والأصدقاء المشتركين بينهما أنه كان يحرمها من الطعام والمصروف.
يقول علي “ما قامت به هي وأهلها من طلبها أغراضا لها في المنزل يخجل أي شخص أن يطلبها، فضلا عن اتهامها لي بما ليس فيّ جعلني أمرمرها في الطلاق ولا أعطيها أي شيء تريده بسهولة”.
ويضيف أنه لم يكن يحب النزول الى هذا المستوى على الإطلاق خصوصاً أن بينهما أبناء وهي أمهم في النهاية، “فضلا عن أن تفاصيل دقيقة جمعتنا، لكن أسلوبها فرض عليّ اتباع هذه الطريقة معي والبادئ أظلم”.
وفي ذلك، يرى الاختصاصي الاجتماعي ورئيس جمعية العفاف الخيرية مفيد سرحان، أن الأصل في الحياة الزوجية الاستمرار والديمومة لأن الله شرع الزواج لتحقيق الاستقرار والطمأنينة والسكينة.
وإذا استحالت الحياة الزوجية وأصبحت غير قادرة على تحقيق أهدافها، فإن الله شرع الطلاق بين الزوجين بعد استنفاد الحلول كافة، وهذا الحل يجب أن يتم بنوع من التوافق بين الأزواج وأن يحقق الطلاق مصلحة الأبناء وألا يكون على حسابهم وحساب مستقبلهم.
ويجب على الزوجين أن يسعيا الى التوافق على إجراءات الطلاق وألا تؤثر حدة إجراءات الطلاق والتقاضي بين الزوجين على العلاقات الإنسانية، وأن تتحول العلاقة الى حقد وعداء وكراهية ويسعر كل منهم لاستقطاب الأبناء الى طرفه وتحفيزهم ضد الطرف الآخر، كون ذلك من شأنه أن يترك آثارا سلبية على الأبناء ويؤثر على مستقبل حياتهم وقد يترك لهم آثارا نفسية من فكرة الزواج نفسها، مبينا أنه بمجرد حدوث الطلاق وانقطاع العلاقة بين الزوجين لا بد أن يسعى كلا الطليقين الى التخفيف من الآثار النفسية على الأبناء وعدم منعهم من زيارة الطرف الآخر أو مشاهدته حتى لو كانت الحضانة لأحد الأبوين في فترة عمرية معينة، وبخاصة أن هناك نماذج من الطلاق الناجح، وهو الطلاق الذي يتم بالتوافق بين الطرفين، وفق سرحان.
وينوه اختصاصي الطب النفسي د.محمد حباشنة، أن تحول الأزواج إلى أعداء “ظاهرة مسجلة” في الأردن؛ حيث “لا يوجد الأمان بأن يتم الطلاق بطريقة حضارية وطريقة صداقة”.
والسبب في ذلك أن “تعريفنا مطلق؛ فإما أن يكون هناك أزواج في المطلق أو أعداء في المطلق وهذا تعريف خاطئ جداً”، كونه يجلب الكثير من الخطورة لأن الطلاق له معان ثقافية مغلوطة وظالمة، على أنه إعلان للحرب وإهانة للطرفين وأن الشخص أصبح “بضاعة فاسدة وأن أحد الأطراف سيئ الى جانب أنه وصمة اجتماعية”.
فجعلت هذه المفاهيم كل واحد منهم يحاول أن يدافع عن نفسه حتى يلصق هذه التهم بالآخر، مبيناً أن هذه حالة ثقافية اجتماعية سيئة، بالاضافة الى الطبيعة الشخصية للشخص نفسه.
الى جانب أن كل شخص يفكر كيف يخرج هذا المفهوم الخاطئ وما نسب له من تهم عن نفسه وبأنه يجب أن يكون أمام أبنائه أنه الشخص المظلوم الذي وقع عليه الضرر كون كل واحد يريد كسب الأطفال لطرفه بالتشهير بالشخص الآخر.
ويضيف حباشنة أن هناك العديد من العوامل الاجتماعية والشخصية التي تلعب دورا في هذا الموضوع، فبعض الأشخاص من يعرف نفسه بالمطلق على أنه زوج فلانة أو زوجة فلان وهذا أمر خاطئ وليس تعريف الشخص الكامل.
كون الاعتمادية في التعريف، وفق حباشنة، تجعل الشخص يقع في مطب أنه بعد الطلاق تنسحب منه هذه الصفة، مبيناً أن الأنثى يجب أن تكون معتمدة على نفسها ولديها محصول ثقافي واجتماعي بعيد عن تعريفها على أنها زوجة فلان فقط في هذا المجتمع الذكوري.
ويعتبر أن العداوة التي يتحول لها الشخص بعد الطلاق ليس لأنه يتحول أو يتجرد من صفاته الطيبة التي كانت عنده بل لأنه تظهر عنده الصفات العدائية التي لم يكن بحاجة لأن يظهرها في مرحلة الزواج، ويعلن الحرب بدون أن يأخذ الأمر على أنه فك رابط زوجي ويظهر أسوأ ما عنده.
ويرجع حباشنة كل تلك العدائية لأن الخطوة تكون بمثابة ضربة على “الأنا” للشخص كون الطرف الثاني يجعل الشخص يقع في العدائية، خصوصاً لدى شخصيات معينة مثل الشخصية النرجسية، والهستيرية، والسلبية العدائية، والشخصية المعتمدة، والمضادة للمجتمع والحادة، هذه كلها شخصيات خطيرة جداً في حالة الطلاق كون الطلاق بالنسبة لهم قصة كارثية ولا يعرفونها على أنها نهاية مرحلة وبداية حياة جديدة قد تكون أفضل.
في حين يذهب المختص في الشؤون الأسرية د.فتحي طعامنة، إلى أن الحياة الزوجية عندما شرعت كانت لمقاصد كثيرة ومتعددة وأن يكون الزواج هو الاستقرار النفسي والعاطفي بين الزوجين. وقد يحدث في بعض الحالات أن يحدث بين الأزواج طلاق، الا أنه يجب أن يكون وكما قال الله تعالى “إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان” وكذلك “ولا تنسوا الفضل بينكم”، أي أن الزوجين بينهما فضل ومعاشرة وعشرة وأبناء وهذه العلاقات يجب على كلا الزوجين أن يحافظا عليها.
الا أن ما يحدث في الواقع الآن هو عكس ذلك تماماً، فينقلب الزوجان الى عدوين وينتقم كل منهما من الآخر، إما مادياً أو بالأولاد أو من الحرمان من النفقة والمصروف وكله نكاية لكل منهما بالآخر.
ويعتبر طعامنة أن هذه التصرفات بعيدة عن المنطق والواقع، ويجب على الزوجين أن يفكرا في الطلاق بأن يكون طلاقا راقيا وناجحا أي أن كل طرف يعطي الآخر حقوقه، وأن يترك كل منهما الآخر بدون أن يغتابه ويشهر فيه ويبيح أسراره، ويجب أن يكون بعد ذلك نوع من التعامل الطيب والراقي.