أسئلة أردنية

في جعبتي، وربما معي كثير من المواطنين، عشرات الأسئلة وعلامات الاستفهام عن القضايا العامة المحيطة بنا. ولعلّي اكتفي بطرح بعضها في هذا المقال.
السؤال الأول عن السبب وراء هذا الارتخاء الأمني المفاجئ في التعامل مع ظاهرة إطلاق العيارات النارية في المناسبات الاجتماعية؛ بل أصبح حضور مسؤولين وسياسيين بارزين خلال إطلاق هذه العيارات أمراً مألوفاً واعتيادياً. فهل هناك قرار اتخذ بالسماح، مرّة أخرى، بهذه الظاهرة الخطرة والمؤلمة، أم أنّ الموضوع خرج عن السيطرة وفقدنا القدرة على ضبطه، أم الموضوع مجرد حالة ارتخاء؟!اضافة اعلان
ما تزال الطفلة راما من سحاب، ترقد في المستشفى جراء إصابتها بعيار ناري عشوائي، الأغلب أنّه أُطلق خلال مناسبة زواج. وما يزال الأمن يبحث عن الفاعل. وأمس، كذلك، قُتل شاب آخر (يبلغ من العمر 19 عاماً)، خلال حضوره حفل زفاف في مدينة الزرقاء، فانقلب الفرح إلى ترح.
ليس الأمر مقتصراً على الأفراح والمناسبات الاجتماعية الشبيهة؛ إذ صار استخدام السلاح في المشاجرات والجامعات أمراً طبيعياً، ويشي بانتشار واسع وكبير وازدهار هذه السوق في الآونة الأخيرة. وربما كشفت أحداث معان وما جرى فيها من تبادل كثيف لإطلاق النار، عن إرهاصات لثقافة جديدة تجعل من السلاح اللغة المتداولة حتى بين الدولة والمجتمعات المحلية!
الغريب في الأمر أنّنا لم نسمع خلال الفترة الماضية، وما تخللها من حالات متعددة استخدم فيها السلاح، عن عقوبات رادعة، وعن متورطين تمت محاكمتهم كيّ يكونوا عبرةً للآخرين! ولم نرَ حملات كبيرة، أمنية وسياسية وإعلامية، لمواجهة هذا الانفلات في استخدام السلاح وانتشاره! وما يدفع إلى القلق أنّ هذا التراخي الرسمي بحدّ ذاته هو بمثابة رسالة غير مباشرة تشجع هذه الظاهرة وتجذّرها في المجتمع.
السؤال الثاني، يتعلّق بمجريات التحقيق في قضية الشهيد القاضي رائد زعيتر. فبالرغم من مرور قرابة 3 أشهر على استشهاده، ثم تشكيل لجان تحقيق مشتركة أردنية-إسرائيلية، إلا أننا لم نسمع كلمة واحدة من رئيس الوزراء والمسؤولين، مع أنّ معطيات القضية وحيثياتها لا تستدعي هذا الوقت الطويل بأيّ حال من الأحوال.
للأسف، هذا الصمت الرسمي يعزّز القناعة لدى شريحة واسعة من المواطنين بأنّ حكومتنا كانت تريد فقط شراء الوقت والخروج من عنق الزجاجة مع مجلس النواب، لا أكثر؛ وأنّنا لسنا جادّين بصورة واضحة في متابعة التحقيقات.
السؤال نفسه يطال مجلس النواب الذي أشبعنا بطولات وهمية وخطابات إنشائية، بينما لا نجد سؤالاً نيابياً واحداً، اليوم، عن مسار التحقيق في هذه القضية، ولا حتى متابعة نيابية فاعلة؛ فهل يعني ذلك أنّ دم الشهيد الأردني ضاع؟!
السؤال الثالث يتعلّق بظاهرة الشباب الأردني الذي يذهب إلى سورية للقتال هناك إلى جوار "داعش" أو حتى "جبهة النصرة". فبالرغم من تعديل قانون مكافحة الإرهاب وتشديد الموقف الرسمي، وبالرغم، كذلك، من الصراعات والصدامات الداخلية بين "داعش" و"النصرة"، إلاّ أنّ ظاهرة هجرة الأردنيين إلى هناك ما تزال مستمرة، وثمّة رقم يتم تداوله يصل إلى 2000 شاب أردني في سورية، ورقم آخر يتحدث عن 300 شخص منهم قُتلوا في الصراع الطاحن هناك.
ما يثير القلق أكثر ما ورد قبل أيام في تقرير للزميل موفق كمال، في "الغد"، عن أرامل القتلى الأردنيين في سورية؛ وهنّ أردنيات غادرن مع أزواجهن، وبعضهن معهن أطفال صغار، إلى سورية، حيث قتل أزواجهن، وهنّ اليوم "عالقات" هناك. أيّا كان الأمر، من الضروري أن تكون هناك إجراءات من الدولة لتسهيل عودتهن؛ فهن مواطنات أردنيات أولاً وأخيراً، ولم يشاركن في قتال أو صراع، لكنّهن ضحايا لهذه الظروف القاسية.