أسئلة لا تستحق التجاهل!

العالم، ولا سيما الدول الكبرى المسكونة بمعتقداتها الفكرية والسياسية ومصالحها، لا تحب الاستماع إلى الوصف الدقيق والتشخيص السليم للواقع، كما لا تحب ان يقول لها احد ان مسارها خاطئ، وانه فضلاً عما يسببه هذا المسار من عدوان وظلم للشعوب والدول المظلومة، فإنه يسبب اضراراً لهذه الدول الكبرى ومصالحها، ويهدد امنها واستقرارها؛ هذا الاستقرار الذي لا تحققه الاسلحة النووية والطائرات والجيوش. فاميركا، بكل جبروتها، يهزها هاتف يحمل انذارات بوجود قنابل، وجيوشها التي تحتل العراق لا تستطيع ان تحمي نفسها.

اضافة اعلان

فقرة واحدة تضمنها خطاب جلالة الملك في نيويورك قبل ايام لخصت جزءاً كبيراً من حالة المنطقة والعالم: "فالازمات المعاصرة في المنطقة هي نتاج الظلم الذي يشعر به الناس في جميع ارجاء الشرق الاوسط وفي العالم كله ايضاً. وهذا الظلم ببساطة ووضوح هو الاحتلال الاسرائيلي وانكار الحقوق الفلسطينية".

في عالمنا العربي يتفق الجميع على هذا التشخيص؛ فالازمات ناتجة عن الظلم الذي تعيشه امتنا، وغياب العدالة حتى تلك التي تقوم على قرارات الامم المتحدة التي اعطت للاحتلال الصهيوني ما لا حق له من الأرض والاعتراف، فيما إسرائيل قبل هذا ومع ذلك ترفض العالم العربي الرسمي، وتستمر في عدوانها واحتلالها.

وعلى العالم الذي يعقد الندوات والحوارات السرية والعلنية، ويرسل الباحثين والجواسيس، ان يتوقف عند سؤال طرحه الملك في خطابه، سؤال يسأله المجتمع العربي وشبابه، إذ يقول جلالته: "ان شبابنا يتساءلون: اين عدالة المجتمع الدولي، واين ارادته؟ وعلينا ان نقدم لهم جواباً بأن نقيم سلاماً دائماً مستنداً الى الشرعية الدولية".

واذا كان العالم يحاول ان يدرس التغييرات في طبقات الشباب العربي والمسلم، فليتوقف عند اسئلته، ومنها السؤال المركزي: "اين عدالة المجتمع الدولي، واين ارادته؟"؛ هذا المجتمع الدولي الانتقائي، الخاضع لارادة الاقوياء ومصالحهم، فيقف ضعيفاً امام اشكال العدوان الذي تتعرض له الدول الضعيفة والمستهدفة، ويُنتج قرارات تخدم المعتدين! وهو أيضا يقف عاجزاً امام تجاهل المحتل لهذه الشرعية الدولية، لكنه يتحول الى وحش كاسر في تطبيق قرارات تدفع ثمنها الشعوب المظلومة!

مشكلة الدول الكبرى، وتحديداً الادارة الاميركية، انها لا تسمع لاصدقائها، ولا تستجيب لأصوات العقل والاعتدال. وسياساتها تؤذي اصدقاءها قبل اعدائها؛ فهي تمارس ما تريد بتعنت وغطرسة، وستثبت الايام ان هذه السياسات تُدخل اميركا في ازمات حقيقية، على النحو الذي تعانيه في العراق وافغانستان، فضلاً عن نتائج هذه السياسات على اميركا من الداخل.

والرئيس الاميركي إذ يعلن ان الله سبحانه وتعالى يأمره بما يفعل في العالم من احتلال وقتل وظلم، فإن هذه القناعات ليست ملزمة الا له ولشركائه في المصالح والمعتقدات المتصهينة، أما ما لا يختلف عليه اثنان عبر التاريخ، فهو ان الله تعالى، وكل الاديان السليمة، والفطرة الصحيحة لا يمكن ان تكون اداة بيد ظالم ومحتل.

على اصحاب القرار الدولي ان يستمعوا إلى صوت الاردن، وإلى كل صوت عربي صادق؛ فغيات العدالة، كما اشار الملك، عن اي نظام عالمي كما الحال الان، هو الذي يسمح للعدوان ان يحل محل القانون الدولي. فنحن نعيش مرحلة لا يظهر فيها القانون الدولي الا عندما يخدم الكبار، اما عندما يكون لمصلحة الشعوب والدول المظلومة فلا يتحدث به الكبار، بل يستبدلونه بدباباتهم ونفوذهم، وقصف الطائرات والسجون والمعتقلات.

عندما يغيب العدل عن مسار القوى الكبرى، فيفترض ان لا يفاجأ احد منهم بردة فعل، حتى لو كانت خارج اطار المنطق او ما يسمى القانون الدولي.

[email protected]