أسبوع حاسم

لم تعد تفصلنا عن الانتخابات النيابية سوى أيام محدودة، ليختار الأردنيون ممثليهم للبرلمان السابع عشر.
وهناك شبه إجماع على أن هذه الانتخابات تشكل نهاية مرحلة وبداية أخرى جديدة. ولكن هناك اختلاف حول موقع هذه الانتخابات من عملية الإصلاح، وما إذا كان البرلمان المقبل سيكون بمستوى الطموح، ويؤسس لبداية مرحلة جديدة من الإصلاح السياسي أم لا.اضافة اعلان
المتشائمون، وهم كثر، يؤمنون بأن نتائج الانتخابات المقبلة لن تكون مختلفة عن سابقاتها، وأنها سوف تأتي بمجلس نواب هزيل وغير مسيس. ومن ثم، لن يكون البرلمان محطة جديدة في عملية الإصلاح السياسي المنشود، لا بل إنه سيكون المحطة الأخيرة في عملية الإصلاح.
أصحاب هذه النظرة المتشائمة يبررون موقفهم بقانون الانتخاب والمقاطعة للانتخابات. وفي رأيي أنه لا يوجد خلاف حول مثالب قانون الانتخاب الحالي، ولا على سلبية غياب بعض المكونات السياسية المهمة عن المشهد السياسي الآتي. ولكن هذه النظرة المتشائمة تغفل التطورات على المشهد السياسي والانتخابي التي لا بد من الاعتراف بأهميتها، وأثرها الإيجابي في المشهد السياسي، وهي:
أولاً: إن الانتخابات النيابية المقبلة تجرى، وللمرة الأولى، من قبل هيئة مستقلة وغير حكومية، قامت وما تزال بجهود استثنائية، وضمن معايير دولية معترف بها، في إدارة العملية الانتخابية بشفافية وحيادية، وبكل اقتدار. وهذا تطوّر بالغ الأهمية في الحياة السياسية.
علاوة على ذلك، وللمرة الأولى أيضاً، ستكون هناك عدة هيئات دولية وعربية ووطنية (وهي الأهم) لمراقبة سير العملية الانتخابية؛ إذ سيكون هناك الآلاف من المراقبين في كافة مناطق المملكة يوم الانتخاب.
ووجود الهيئة، وهذا الكم والتنوع من المراقبين، سوف يعزز نزاهة الانتخابات بعد أن أدى غيابها إلى فقدان الثقة بمجلس النواب. وإجراء الانتخابات بنزاهة وشفافية سيؤدي دوراً مهماً في تعزيز صدقية مجلس النواب المقبل، بالإضافة إلى إعطاء النواب الثقة بأنفسهم والتي كانت مفقودة أيضا في السابق.
ثانياً: إن وجود القائمة العامة للمرة الأولى، وبالرغم من الازدحام الشديد في تلك القوائم، يضفي نكهة جديدة على الانتخابات، تتمثل في النقاشات والحوارات السياسية التي تجريها الكتل في مناطق المملكة كافة، بالإضافة إلى وجود عدد من الكتل السياسية والحزبية، ما سيعطي معنى مختلفاً لمفهوم الكتل البرلمانية في المستقبل.
وإذا كان الحديث عن كتل وقوائم، فإن وجود ولو عدد محدود من الأحزاب والكتل السياسية التي تضم سياسيين، كفيل بأن يؤدي إلى بلورة مواقف سياسية جماعية، بدلاً من المواقف الفردية المعتادة.
ثالثاً: بما أن التجربة الحزبية في الأردن ما تزال ضعيفة وغير متجذرة، فقد يكون تشكيل الكتل البرلمانية نقطة انطلاق لتشكل أحزاب جديدة، أو لتعزيز قوة وحضور بعض الأحزاب السياسية التي شكلت قوائم انتخابية، وأثبتت وجودها من خلال فوزها بمقاعد برلمانية. ستكون الانتخابات، وبخاصة على القوائم العامة، أول اختبار حقيقي للأحزاب المشاركة في الانتخابات.
بالإضافة إلى كل ما ذُكر، فإن الرؤية الإصلاحية التي طرحها جلالة الملك في الورقة النقاشية، وفي مقابلته مع مجلة "نوفول أوبزرفاتور" الفرنسية، تؤسس لمستقبل الأجندة الإصلاحية التي تتجاوز هياكل الديمقراطية، وتنقلنا إلى مناقشة طبيعة المجتمع والديمقراطية التي نُريد.
هذه العوامل مجتمعة إذا تحققت، بالإضافة إلى الحكومة البرلمانية، قد تكون بداية لمرحلة جديدة، وانطلاقة لمجلس نيابي يحظى باحترام المجتمع، ويؤسس لعلاقة جديدة بينه وبين الحكومة.

[email protected]