أسر تتكاتف لإنقاذ الابناء من الأزمات المالية

منى أبوحمور

عمان- وقوف أسرة الأربعيني خالد تميم إلى جانبه ومساندتهم له بعد تعرضه لأزمة مادية أفقدته جميع أمواله، كان لها دور كبير في تقبله لتلك الأزمة ومعايشتها ومحاولة تجاوزها.اضافة اعلان
يقول “وجود عائلتي إلى جانبي ساعدني على الوقوف من جديد”، واصفا حالة الإحباط الشديد والخوف من الأيام المقبلة التي كانت تؤرق تميم كلما فكر في وضعه وحاله، خصوصا وأنه كان المعيل الوحيد للعائلة.
ويبين مدى سعادته وفخره بتلك الإيجابية الكبيرة التي وجدها في تعامل أهله معه، لاسيما وأنهم لم يوجهوا له أي لوم أو عتاب لما حصل.
في حين لم يكن وقع خبر الإفلاس والديون الطائلة التي تراكمت بين يوم وليلة بالأمر الهين على مسامع عائلة الأربعيني حسام الطيب الذي خسر جميع أموال عائلته، اضافة إلى الديون التي تراكمت بين ليلة وضحاها، الأمر الذي أرجعهم وبعد فترة من الرخاء إلى نقطة الصفر.
“لم أكن أتوقع وقوف أهلي إلى جانبي ودعمهم لي”، مقدرا ذلك الدعم الكبير الذي وجده من أبويه وإخوانه وحتى أعمامه وعماته الذين لم يفكروا يوما في لومه أو حتى معاتبته بل على العكس تماما قدموا له يد المساعدة حتى يتمكن من مواجهة تلك المصيبة التي حطت على رأسه، وفق قوله.
ويردف أن حرص الجميع وخوفهم عليه منحه الأمان والقوة لمواجهة تلك الأزمة ومحاولة تجاوزها، لاسيما أن وقوفهم لم يكن معنويا فقط وإنما ماديا أيضا حتى يتمكن من سداد ديونه التي تراكمت بسبب تلك الأزمة.
كما أن الأزمة المادية التي عاشها الثلاثيني علاء مفتخر كانت هي الأخرى كبيرة، فقد خسر منزله وسيارته وما يملكه من أموال له ولإخوانه الأيتام في البورصة، الأمر الذي وضع جميع أفراد العائلة في مأزق كبير.
“تقبل عائلتي لما حدث هون عليّ مصيبتي”، خصوصا وأنهم خسروا كل شيء بين يوم وليلة وأصبحوا مستأجرين بعد أن كانوا أصحاب أملاك.
ويشير إلى أن وجود أشخاص يحبونه ويخافون عليه ويساندونه على الحلوة والمرة ساعده كثيرا على تجاوز المحنة، خصوصا وأنه لم يسمع من أي أحد أي شيء يكدر خاطره أو يغضبه حتى انهم اعتبروا المشكلة صفحة وانطوت وكأنهم لم يملكوا شيئا من قبل.
بدوره، يشير اختصاصي علم النفس الدكتور موسى مطارنة، إلى أهمية وجود من يدعمون الشخص ويساعدونه ويقفون إلى جانبه عند وقوعه في أزمة، الأمر الذي ينعكس على الكثير من الأمور.
ويؤكد مطارنة ضرورة أن يكون هناك دائما دعم نفسي ومعنوي، خصوصا في مجتمعنا الحالي الذي ارتبط وبشكل مباشر بالعولمة والقيمة المادية؛ إذ أصبح من الضروري أن يكون هناك شخص يدعم ماديا ونفسيا ومعنويا.
ويتعرض الشخص الذي يقع في أزمة، وفق مطارنة، للعديد من الإحباطات والضغوطات المادية والنفسية التي قد تسبب الكثير من المشاكل النفسية له، لاسيما وأن كثيرا من الأشخاص الذين أقدموا على الانتحار كان بسبب الضغوطات المادية والنفسية الكبيرة.
ويردف مطارنة أن وجود الداعم للشخص فترة وقوعه في أزمه يشكل نوعا من الأمان وضرورة من ضرورات الحياة وبدونه تصبح الحياة فيها نوع من الفراغ الإنساني والعاطفي والاجتماعي.
وتكمن المشلكة النفسية في المجتمع، بحسب مطارنة، في غياب هذا الإنسان الداعم والمساند، ما يخلق حالة من التوتر والقلق والشعور بعدم الأمان وركود التفاعل الاجتماعي وخلق حالة من الفوبيا من المستقبل، مؤكدا أن وجود الدعم يجعل الشخص يعيش بحالة من الأمان والتوازن والاستقرار النفسي.
من جانبه، يشير الاستشاري الأسري مفيد سرحان، الى أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش بمعزل عن الآخرين وهو بحاجة إلى غيره سواء كانت هذه الحاجة مادية أو معنوية، لافتا إلى الأثر الطيب لمساعدة الآخرين.
ويشير إلى مدى تقدير الشخص للذين يقدمون له يد المساعدة والعون، لا سيما أن ذلك يسهم في تفريج الكرب عنه وقضاء حوائجه وإدخال السرور إلى قلب الشخص الذي يعاني من الضيق، مشددا على أهمية الوقوف إلى جانب الآخرين وقت المصائب والشدة، خصوصا عندما يتعرض الشخص لأزمة مالية أو ضائقة تضطره إلى طلب المساعدة من الآخرين.
ويرى سرحان أن على الأسر والعائلات أن تتكافل فيما بينها من خلال صندوق للعائلة يسهم فيه جميع المقتدرين مساهمة شهرية مع إفساح المجال للمقتدرين بالتبرع بحيث يخصص جزء من هذا الصندوق لمساعدة الآخرين.
ويعتبر سرحان هذا النوع من التكافل بأنه أمر مرغوب ومطلوب ويعمق أواصر المحبة والألفة بين الناس ويسهم في تفريج كرب الآخرين ويحميهم من اللجوء الى وسائل غير مقبولة أو قد يصابون في الإحباط وينظرون إلى الآخرين بسلبية.
ويشير إلى أن على الجميع معرفة أنهم معرضون لحاجة الآخرين بشكل أو بآخر، وهذا لا يعني أن يتصرف الشخص بشكل غير مسؤول سواء في انفاقه على نفسه وأسرته أو التوسع في مشاريع غير مدروسة حتى “لا يورط” أفراد أسرته وعائلته بالديون ويجعلهم ينظرون إليه نظرة سلبية حتى لو قاموا بتقديم المساعدة له، وهنا لابد من استشارة أهل الخبرة والاختصاص قبل الإقدام على مشاريع غير مدروسة.
ويركز سرحان على عدم الإكثار من اللوم للشخص الذي يتعرض للضائقة المادية؛ حيث يؤثر على علاقاته وأسرته وأقاربه وأصدقائه ، لافتا إلى أن العلاقات الاجتماعية مقدمة على الأمور الأخرى.

[email protected]

munaabuhammour@