أسس تحديد كفاءة المنتجات المالية الإسلامية

غسان الطالب* حتى نتحدث عن فعالية الأدوات المالية الإسلامية وكفاءتها، لا بد لنا من الوقوف عند مفهوم الهندسة المالية الإسلامية التي تعد الوسيلة الفعالة والمنطقية لحلول مشكلات التمويل، وهي المعنية بالتصميم والتنفيذ للأدوات المالية المبتكرة في إطار الشريعة الإسلامية. بمعنى أنها تتضمن ابتكار أدوات مالية جديدة وتؤدي الوظيفة التمويلية وطرق إدارتها، كما أنها تهدف إلى تحقيق الكفاءة في المنتجات المالية الإسلامية وتطويرها بما يتلاءم والاحتياجات المالية المتنوعة والمتجددة، إذا لا بد من تحديد الأسس التي لا بد منها لمعرفة كفاءة هذه المنتجات المالية ومدى فعاليتها واستجابتها لمتطلبات التمويل الإسلامي وانسجامها مع المعايير الشرعية. وحتى نصل إلى الهدف المرجو منها، فإننا نتوقف عند بعض منها للإشارة إلى أهميتها وعلى النحو الآتي: - توفر المصداقية في كل ما يطرحه المصرف من أدوات مالية وملتزمة بمبدأ الشفافية وفي كل تعاملاته بحيث لا تكون هناك فجوة بين العملاء والمصرف تفقدهم الثقة بالمصرف، وبالتالي ستتأثر قدرة المصرف على جذب الودائع أو توظيفها وانعكاس هذا على دوره التمويلي أو مساهمته في تنمية الاقتصاد الوطني. - الالتزام بالجانب الشرعي، ويتأتى هذا من خلال وجود هيئة الرقابة الشرعية التي تعطي رأيها في جميع عمليات المصرف ومدى انسجامها مع أحكام الشريعة الإسلامية؛ حيث يسعى العميل دائما للتأكد من أن وديعته أو استثماره مع المصرف ضمن المعايير الشرعية، وأن فعالية العمليات أو الأدوات المتبعة من قبل المصرف تقيّم بمدى التزام المصرف بالجانب الشرعي وتطبيق معاييره. - مدى تحقيق المصرف الكفاءة الاقتصادية؛ حيث تبرز هنا قدرة المصرف على الاستجابة لاحتياجات الاقتصاد الوطني وذلك من خلال الأدوات المالية التي يطرحها لجمع المدخرات ووسائل استثمارها، وبقدر ما تكون هذه الأدوات فاعلة في جمع المدخرات وتوظيفها ستكون رسالة المصرف فاعلة وتأكيد قدرته على تأدية وظائفه الاقتصادية مثل تقديم التمويل للمشاريع الاقتصادية ذات الأهمية للمجتمع وتعمل على إحداث تنمية اقتصادية تسهم في زيادة الدخل القومي للبلد. - تحقيق المصرف للكفاءة الاجتماعية؛ فالمصارف الإسلامية لها رسالة اجتماعية ودور أخلاقي في المجتمعات التي تتواجد فيها، فمن خلال كفاءة الدور الاقتصادي يمكن لها توظيف أيد عاملة وتقلل من عبء البطالة على المجتمع، كما تسهم في جمع وإدارة صناديق الزكاة، كذلك مدى اهتمامها بالتمويل الإسلامي الأصغر وتمويل المشاريع الصغيرة التي تنعكس نتائجها مباشرة على الأسرة ويساعدها على توفير قدر ولو بسيط من الدخل. إن الأدوات المالية الإسلامية المتبعة وُجدت كبديل للأدوات المالية التقليدية المعتمدة على سعر الفائدة، لكن حتى تكون قادرة على تغطية أوجه التمويل كافة في الاقتصاد الوطني عليها عدم الاكتفاء بطرح البديل بل يجب أن تبادر إلى وضع استراتيجية للابتكار وتطوير القائم لديها، لأن السعي لكسب المزيد من السوق المصرفية العالمية يتطلب ذلك وأن تولي أهمية كبرى للبحث العلمي المتخصص في هذا المجال ويرفع من كفاءة وفعالية الأدوات المالية الموجودة. إننا على قناعة تامة بأن المصارف الإسلامية حتى ترتقي إلى ذلك وتتمكن من المنافسة على المستوى العالمي، لابد لها من اختيار منهج الابتكار والتجديد وطرح أدوات مالية تناسب التقدم الاقتصادي الذي يشهده العالم وقادرة على أن تواجه مشاكله التمويلية مع الالتزام بأحكام وفلسفة الشريعة الإسلامية، مع إيماننا القوي بأن المصارف الإسلامية تمتلك عناصر القوة التي تؤهلها لذلك ولديها القدرة على الاستفادة من التطورات العلمية والتكنولوجية المتجددة والمتسارعة لتأكيد الدور المستقبلي للصناعة المالية الإسلامية، وتمسك بزمام المبادرة لتوجيه بوصلة المصرفية الإسلامية باتجاه المكانة العالمية التي تستحقها. *باحث ومتخصص في التمويل الإسلامياضافة اعلان