أسعار النفط الخام: إلى أي مستوى يمكن أن تهبط؟

ينال ابوزينة

وضع "وودي سموك هاوس" وهو مطعمٌ ومحطةُ وقود تقع في سنترفيل (تكساس) بمنتصف الطريق بين دالاس وهيوستن سعراً للوقود تمثل في 1.999 دولار للجالون الواحد يوم الأربعاء الماضي.اضافة اعلان
وسرى هذا العرض مدة يوم واحد فقط، لكنه كان في نفس الوقت إشارة إلى توجه أكثر استدامة: حيث تنخفض أسعار النفط في الولايات المتحدة الأميركية بشكل سريع.
وانخفض متوسط أسعار التجزئة للنفط في الولايات المتحدة تحت 3 دولارات للجالون الواحد خلال الأسبوع الماضي، وهوانخفاض تجاوز الـ70 سنتاً منذ حزيران (يونيو) من العام الحالي.
وتعد تكساس ولاية منتجة للنفط؛ ولكن سنترفيل منطقة زراعية بطبيعتها، وبالتالي قوبل الانخفاض الذي بلغت نسبته 25 % في أسعار النفط الخام خلال الأربعة أشهر الماضية بالترحيب.
وعلى صعيد متصل، تقول ديانا وود، احد مالكي مطعم وودي: "أنها لأنباء عظيمة للمزارعين، ونبأ سار لسائقي الشاحنات وللاقتصاد ككل".
بينما يتعافى الاقتصاد الأميركي، تلقى قوة الإنفاق الإضافية التي أطلقتها انخفاضات أسعار النفط الترحيب بواقع الحال.
ففي حال استمر الانخفاض في أسعار الوقود وحدها مدى عام كامل، سيعادل ذلك في المتوسط أكثر من 500 دولار لكل أسرة أميركية (كنفقات تتخلص منها).
وعلى الصعيد العالمي، تعني أسعار النفط الأضعف انتقال الثروة من المنتجين إلى المستهلكين حيث أن متوسط إنتاج مصدري النفط في العالم -الذي تراوح حول 40 مليون برميل في اليوم الواحد خلال العام الراحل، ما شكل انخفاض بلغ حجمه 30 دولاراً في أسعار النفط (وما يقارب الانخفاض الذي عاناه مؤشر برنت الخام حزيران (يونيو) الماضي)- يمكن أن ينقل مبالغ يتجاوز حجمها الـ400 مليار دولار من المصدرين إلى المستوردين في حال استمرت الانخفاضات إلى نهاية العام.
ونظراً لكون الدول المستهلكة للنفط أقرب لأن تنفق دخلها بسرعة أكبر من الدول المنتجة له، فمن المحتمل أن يكون التأثير الصافي على الاقتصاد العالمي إيجابياً.
ويضيف انخفاض من 10 دولارات في مؤشر برنت الخام ما بين 0.13-0.18 نقطة مئوية للناتج المحلي الإجمالي العالمي، وفقا لـ"مجموعة بيرا لاستشارات الطاقة" الأميركية.
ويحتمل أن تتمثل الدول المستفيدة الأكبر، بين الاقتصادات العظمى، في تلك التي تنفق المعظم على صافي واردات النفط بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي وهي تشمل الصين، حيث تتبلور الحصة في حوالي 2.5 %، ومنطقة اليورو عند ما يقارب 3 %، واليابان عند 5 % تقريباً.
وبفضل ازدهار الصخر الزيتي، انخفض صافي واردات النفط بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 1 % فقط، ولكن الدولة ما تزال تستفيد من الأسعار الأضعف.
ويقول خبراء استراتيجيون في بنك "باركليز" إن "الأسعار المنخفضة يمكن أن تكلف شركات النفط الأميركية 40 مليار دولار كنفقات رأسمالية محتومة، لكنها ستمنح المستهلكين 70 ملياراً إضافية لكي يُنفقوها على الترفيه والإلكترونيات وغيرها من السلع".
في بعض المناطق المنتجة للنفط، يمكن أن تفوق الخسائر المكاسب ويمكن للتطورات الجيدة على صعيد الصخر الزيتي في أميركا الشمالية أن تعود على رأس المال بعائدات معقولة في ظل انخفاض أسعار النفط الخام الأميركية إلى ما يقارب 40 دولار للبرميل، وفقاً  لشركة "أي.إتش.إس" الاستشارية.
ومع ذلك، هناك مناطق أخرى –عادة ما تكون مناطق جديدة ذات نطاق تنمية أضعف للصخر الزيتي- تحتاج إلى أن يبلغ سعر برميل النفط لديها 110 دولارات على الأقل لتضمن أرباحاً جيدة.
يهيمن النفط على اقتصادات أعضاء أوبك -الدول المنتجة للنفط في منظمة الأوبك حيث بلغ إجمالي صادراتها النفطية 1.11 تريليون دولار العام لماضي، ما يعادل 70 % من المجموع الكلي لصادراتها التي يبلغ حجمها 1.58 تريليون دولار.
يتفاوت مصدرو النفط إلى حد كبير في قدرتهم على تحمل مثل هذه الصدمات؛ فقد كانت الكويت حذرة في ماليتها العامة، وتحتاج إلى سعر برميل يتراوح حول 44 دولاراً فقط لتحافظ على اتزان ميزانيتها خلال العام الحالي، وفقاً لـ"سيتي جروب".
وفيما يخص المملكة العربية السعودية، فلديها احتياطات من النقد الأجنبي تقدر بحوالي 750 ملياراً تحصن بها نفسها ضد أخطار انخفاض الأسعار.
لكن بعض الدول أقل حظاً من الدول مسبوقة الذكر؛ حيث سجل كل من الروبل الروسي والعملة النيجيرية انخفاضاً قياسياً مقابل الدولار الأميركي، في ظل قلق المستثمرين إزاء ضغوط الميزانية.
وتحتاج كلتا الدولتين إلى سعر نفط يتجاوز المائة دولار للبرميل الواحد للحفاظ على توازن ميزانياتها.
وبينما يزداد الضغط الذي يشكله ارتفاع أسعار النفط، يتوقع المحللون احتمالية أن تخفض الدول الأعضاء في الأوبك الإنتاج في محاولة تحقيق الاستقرار في السوق، وذلك خلال اجتماعهم المقبل في السابع والعشرين من شهر تشرين الثاني "نوفمبر" الجاري.
تتمثل إحدى الدول التي تجب مراقبتها عن كثب بفنزويلا، فهي تحتاج إلى تسعيرة 160 دولار لبرميل النفط الواحد من أجل اتزان موازنتها –وهو السعر الأعلى بين أعضاء الأوبك. وكانت هناك تكهنات تقول بأنها ربما تٌجبر على التقصير.
بواقع الحال، ساعد هبوط أسعار النفط السابق رئيس فنزويلا، هيوغو شافيز، على تقلد منصبه الرئاسي في العام 1998. ويبدو أن العام القادم يتشكل على سجية اختبار لمرونة فنزويلا.
"فاينانشال تايمز"