أسعار النفط

خلال الفترة الوجيزة الماضية، اتخذت دولتا قطر والامارات العربية المتحدة قرارات برفع اسعار بعض المشتقات النفطية. وهذه القرارات تصدر عن دول نفطية وغنية، لكن يبدو ان ما يشهده العالم من ارتفاعات قياسية وغير متوقعة في سوق النفط العالمية سيعيد رسم كثير من معالم اقتصادات الدول، ويفرض عليها استحقاقات عديدة.

اضافة اعلان

واذا كانت الدول التي تملك نفطا تقوم برفع اسعاره على الناس، فإن الدول التي تعاني من مشكلة غياب النفط عن مواردها الطبيعية تعاني من مشكلة حقيقية، ومنها الاردن الذي تعاني موازنته من عجز، واخطأت تقديرات واضعي موازنة هذا العام في حجم المساعدات والمنح. ولهذا، فإننا في مواجهة استحقاق وتحد حقيقي فيما يتعلق بأسعار النفط التي تتزايد بين الحين والآخر. واذا كان المواطن الاردني يعاني من اي ارتفاع على اسعار المشتقات النفطية، فإن القصة الكبرى تتعلق بالدولة بكل مفرداتها. ويبقى السؤال: كيف يمكن مواجهة هذا الامر؟ تبدو هذه الحكومة، او اي حكومة، في حالة حرجة بين الحفاظ على اقتصاد الدولة والحفاظ على حق الناس في عدم تحمل مزيد من الاعباء، ولهذا فإن السؤال "النفطي" هو السؤال الاهم على اجندة اي حكومة او لجنة او برلمان، فيما تبدو موازنة الدولة غير قادرة على تحمل مزيد من الاعباء في ظل تزايد اسعار النفط.

السؤال ليس حكوميا بل اردنيا، وعلينا جميعا ان نتعامل مع الامر بمسؤولية وطنية مشتركة. فرفع الاسعار في شهر تموز فرض اعباء على الناس، لكن الحكومة كانت تبدو في وضع صعب وهي تتخذ قرارا تبدو مجبرة عليه. لكننا لسنا مضطرين الى البقاء في خانة الطرفين، وعلى الجميع التفكير في خطوات بعيدة المدى كفيلة بإبعاد الاقتصاد الاردني عن تحمل اثار هذا الامر الذي يتجاوز قدرات الناس والحكومة على حد سواء.

واذا كانت الاوساط السياسية تنشغل بالقضايا السياسية في عمل الاجندة، فإن ما يجب ان تخرج به الاجندة هو مسار الموضوع الاقتصادي وقضايا الطاقة. وربما لا نكون مبالغين اذا قلنا ان علينا التفكير بمرحلة ليست سهلة في مواجهة ارتفاع اسعار البترول عالميا، وعلينا ان ندرك اننا كمواطنين لا يمكننا احتمال مزيد من الاعباء، لكن الدولة او الاردن، اقتصادا واداء، عليه مواجهة هذا وتبني الخيار الاقل ضررا.

اذا كنا نتحدث عن التماسك الوطني والانتماء والصف الداخلي فإن مثل هذه الملفات هي التي تختبر هذه القيم او الشعارات، لكن العبرة دائما في ان نبذل كل الجهد ليكون المواطن هو الخيار الاخير في تحمل مزيد من الاعباء، وان تبذل الحكومات كل ما لديها من خيارات اخرى، فإن فعلت، فإن الناس لن تبخل على بلادها بموقف مهما كان صعبا.