أسلحة عربية في معركة القدس

ربما باستثناء الموقفين الأردني والفلسطيني اللذين دانا رسميا موقف غواتيمالا بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس المحتلة لحاقا بالقرار الأميركي، لم يصدر عن باقي الدول العربية أي مواقف تجاه خطوة غواتيمالا، البلد الواقعة في أميركا الوسطى، فيما كان لافتا الانتقادات الشديدة التي وجهها إليها رئيس بوليفيا إيفو موراليس، والذي وصف خطوة غواتيمالا بـ"الإهانة الصارخة للمجتمع الدولي"، بل وأعرب عن أسفه لأن "بعض الحكومات تبيع كرامتها كي لا تخسر فتات من مساعدات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" على حد وصفه.اضافة اعلان
بات متوقعا اليوم أن تحذو مجموعة دول، التقديرات تشير إلى أن عددها بحدود عشرة دول، حذو الولايات المتحدة بقرارها العدائي للأمتين العربية والإسلامية وللمجتمع الدولي، ونقل سفاراتها لدى الكيان الإسرائيلي إلى القدس المحتلة، ما يشكّل هزيمة دبلوماسية وسياسية للمنظومة العربية والإسلامية، التي يفترض بها التصدي بفعالية لمثل هذه الخطوات باتجاه إبقاء الخطوة الأميركية معزولة دوليا، كأضعف الإيمان، خصوصا أن ثمة شبه إجماع دولي على رفض القرار الأميركي.
إن صدقت النوايا فثمة مروحة واسعة من الخيارات والإجراءات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية التي يمكن أن تلجأ لها المنظومة العربية للدفاع عن موقفها تجاه القدس. وإذا كانت لغة العالم اليوم هي لغة المصالح فإن بعض الدول التي يمكن أن تلجأ الى خرق الإجماع العالمي بنقل سفارتها للقدس يمكن الإضرار بمصالحها عبر قطع العلاقات الدبلوماسية معها إن كان هناك علاقات، ووقف أي تبادل تجاري أو اقتصادي معها، والأهم ربما اصدار قرارات بحظر سفر المواطنين والسياح العرب، وتحديدا الخليجيين، إليها، خصوصا تلك الدول والجزر الصغيرة بالمحيط الهادي التي تدور بالفلك الأميركي وصوتت ضد القرار العربي بالأمم المتحدة، فيما تعتمد في اقتصادها أساسا على السياحة.
قد لا تؤثر بعض الإجراءات والقرارات التي يمكن أن تتخذها الدول العربية على سياسات بعض الدول، خصوصا الصغرى منها والتي تدور بالفلك الأميركي، لكنها بلا شك ستردع العديد من الدول الأخرى التي ترتبط بمصالح اقتصادية وسياحية مع الدول العربية عن الإقدام على خطوات سياسية تضر بالقضية الفلسطينية والمصالح العربية.
تعد الأسواق العربية والسياحة العربية والخليجية هدفا مهما لاغلب دول العالم وقواه السياسية والاقتصادية، وأيضا لمناطق الجذب السياحية حول العالم، ما يشكل كما يفترض سلاحا فاعلا في يد العرب يمكن توظيفه للدفاع عن القدس والقضية الفلسطينية، وبما ينضاف إلى باقي الخطوات من تحركات دبلوماسية وسياسية وشعبية وحشد للرأي العام العالمي باتجاه عزل الكيان الإسرائيلي المحتل وداعمته الكبرى الولايات المتحدة وإدارتها اليمينية المتطرفة.
في هذا السياق، يمكن أن يشكل اجتماع عمان المرتقب في السادس من الشهر المقبل، والذي سيضم وزراء خارجية ست دول عربية إضافة إلى الأمين العام للجامعة العربية لبحث القرار الأميركي بالاعتراف بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال، مناسبة للتباحث في اتخاذ قرارات عربية جماعية، دبلوماسية وسياسية واقتصادية ضد غواتيمالا والتلويح بمثلها ضد أي دولة يمكن أن تحذو حذوها.
لا يجوز أن تكتفي الدول العربية والإسلامية بالتصريحات والمواقف المنددة بإقدام دول على خرق القانون الدولي ونقل سفاراتها للقدس، بل يجب أن يكشّروا عن أنياب سياسية واقتصادية هم يمتلكونها وتعد فاعلة في العلاقات الدولية، وهو ما يعد أضعف الإيمان، فهل يفعلها العرب؟!