أشخاص يسعون لإرضاء الآخرين وينسون أنفسهم

يشير خبراء إلى أن الشخص الذي يستمتع بالعطاء والتقديم للآخرين يشعر براحة لا توصف - (أرشيفية)
يشير خبراء إلى أن الشخص الذي يستمتع بالعطاء والتقديم للآخرين يشعر براحة لا توصف - (أرشيفية)

مجد جابر

عمان- ضغط نفسي وشعور بعدم الارتياح هو ما تشعر به الثلاثينية نهاد سائد التي اعتادت العطاء اللامنتهي والانصياغ لرغبات الآخرين على حساب نفسها وراحتها تاركة كافة أولوياتها الشخصية للنهاية.اضافة اعلان
ولعل نهاد اعتادت منذ صغرها أن تقوم بتقديم طلبات كل من حولها، لخجلها وشعورها بالذنب في حال رفضت القيام بشيء ما طلب منها، وخوفا من "زعل" أي أحد منها، الا أنها قد وصلت الى مرحلة باتت فيها تمل من كثرة تلك الواجبات التي تقدمها.
تقول "لقد اعتدت هذا الاسلوب في التعامل مع الأصدقاء والاقارب وأسرتي في المنزل، الا أنني الآن قد تعبت لأن الناس لا تعاملني بالمثل، وحين أحتاجهم لا أجد أحدا منهم.
وحال نهاد لا يختلف كثيرا عن حال أحمد عوض وهو شخص متزوج ويعيش مع والديه في منزل واحد، وما بين طلبات أبنائه وزوجته وأبويه وأحيانا أقاربه، يعيش في دوامه لتلبية رغبات الآخرين دون الالتفات الى نفسه على الاطلاق.
ويقول عوض إنه أحياناً كثيرة يلقى عليه باللوم إذا تأخر في عمل الأمر الذي طلب منه، مبيناً أنه ليس غاضبا من قيامه لتلك الأشياء فهذا واجبه اتجاه أهله، الا أن ما يحزنه عدم ايجاد الوقت الكافي لنفسه، وما يريحه من الداخل.
والعشرينية لمى حسين اعتادت الخروج هي وزميلاتها خلال الأسبوع، الا أنه في كل مرة يخرجون بها تحدث مناكفات بين الفتيات على المكان الذي يردن الخروج له وفي كيفية التجمع للخروج، وغيرها من التفاصيل الصغيرة التي قد تكدر الأجواء، مبينة أنها في كل مرة تقوم هي بحل هذا النزاع من خلال العمل على إرضاء كافة الأطراف كالقدوم من مكان بعيد جدا، لإحضار صديقاتها من منازلهن من ثم إيصالهن في المساء.
تقول لمى "في بادئ الأمر لم أكن أغضب من تلك التصرفات فكل ما كان يهمني هو تحقيق الهدف من الامر كالخروج والانبساط وقضاء وقت ممتع، إلا أنني شعرت بالاستياء الشديد حينما تعطلت سيارتي في احد الايام، ولم تقبل صديقتي أن تأتي لتأخذني لأن منزلي ليس على طريقها، رغم أنني كنت أشبه بـ "سائق" لها، ذلك الشيء جعلني أعيد التفكير بكل ما كنت افعله، وأن هناك أشخاصا يحبون "الكسب" فقط.
وفي ذلك يرى الاختصاصي النفسي د.أحمد الشيخ أن هذا يتبع لنمط الشخصية، فإذا كان الشخص يستمتع بالعطاء والتقديم للآخرين فذلك العطاء يسبب له الراحة والسعادة. أما إذا كان يقوم به تحت ضغط أو لأنه لا يستطيع أن يقول لا أو رغما عنه، فهنا يعيش حالة تغييب لذاته من أجل تلبية احتياجات الآخرين وهذا يؤدي إلى الشعور بفقدان ذاته وإهمال حاجاته وأولوياته وقصر في أداء بعض الحاجات التي تخصه.
ومن هذا المنطلق يجب على الشخص أن يحدد مشاعره نتيجة هذا التقديم بالاضافة الى تحديد أولوياته، والتفكير بنفسه ومتطلباته الشخصية.

[email protected]