"أصحاب الكهف": فتية إفسوس أو جماعة قمران؟

"وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِه ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا" (الكهف، الآية 16).اضافة اعلان
ما تزال قصة أصحاب الكهف تثير الفضول والتوق. وفي التراث المسيحي السرياني، أن سبعة من المؤمنين في إفسوس التي تقع قريبا من مدينة إزمير التركية، لجأوا إلى كهف قريب من المدينة هربا من الحاكم الوثني. ثم بعثهم الله بعد سنوات طويلة. ويرى البعض أنهم كانوا في طرسوس، المدينة السورية الواقعة اليوم في تركيا (لواء الاسكندرونة الذي ضم إلى تركيا العام 1939). وأعلن العام 1953 أنهم كانوا في الرجيب جنوب عمان، حيث يوجد كهف وقواعد بناءين، لعلهما مسجدان أو كنيستان، وتعتبره اليوم وزارة الأوقاف كهف أهل الكهف، حيت أقامت هناك مسجدا ومزارا.
لكن هناك دراسة ملفتة لطارق عبده إسماعيل "انجيل قمران"، يرجح فيها أن أصحاب الكهف هم مجموعة يهودية لجأت إلى كهوف قمران بجوار البحر الميت في القرن الثاني قبل الميلاد. ويرى أن أحد هذه الكهوف (الرابع) تنطبق عليه أوصاف ومجريات القصة، كما وردت في القرآن. ويستدل بكون القصة من التراث اليهودي، ولم يكونوا ليحفلوا بها لو كانت قصة مجموعة من المسيحيين بسبب عداء اليهود للمسيحيين. ثم تبعت هؤلاء أعداد كبيرة من اليهود ولجأوا إلى الكهوف نفسها، وأقاموا هناك مجتمعا مثاليا متقشفا، وهم يسمون اليوم "الأسينيون".
ومن الملفت ألا يعرف شيء عن هذه الطائفة "الأسينية" التي لجأت إلى الكهوف في القرن الثاني قبل الميلادي، وظلت لمئات السنين تعيش هناك في مجتمع خاص معزول؛ حتى العام 1947 عندما اكتشفت مكتبة هائلة لهذه الطائفة "مخطوطات قمران أو البحر الميت"، والتي تصل إلى أربعين ألف صفحة. وقد كتبت بالعبرية والآرامية واليونانية، وهناك جزء منها لم يكشف عنه بعد لأن إسرائيل تتحفظ على هذه الوثائق ولم تسمح بالاطلاع عليه.
هل أصحاب الكهف هم الأسينيون الذين اعتزلوا قومهم إلى الكهوف، وظلوا يعيشون فيها ثلاثمائة سنة من القرن الثاني قبل الميلاد الى القرن الأول الميلادي، ولم يعرف عنهم شيء إلا في العام 1947-1949؟ وهل لتاريخ اكتشاف هذه الجماعة المؤمنة علاقة بالأحداث التي جرت في الوقت نفسه؟