أصل التآمر ليس عربيا

في حديث يقطر صراحة ممتزجة بمرّ الشكوى، يقول البرتغالي اندريه فياش بواش إن تجربته المنقوصة مع نادي تشيلسي اللندني، دليل صارخ على الظلم الذي يمكن أن يتعرض له مدرب في مقتبل العمر، ويشير إلى أن تقارب السن بين أي مدرب شاب وعدد من مراكز القوى في الفريق قد يفضي إلى انهيار العملية التدريبية، وقد يؤدي بالنهاية إلى فشل يلاحق المدرب فيما بعد، إذا ارتضى أن يكون ضحية عاجزة لا قدرة لها على مقاومة الضغوط.اضافة اعلان
كنت أطالع حوار بواش مع احدى الصحف، وأشعر بالمزيد من التعاطف مع مدرب واعد كان نجاحه المبكر جدا في بلاده سببا في استدراجه الى عاصمة الضباب.. فقد كان بواش يتحدث عن (التآمر) بجمل وعبارات تحاول تصوير الامر بالمعنى أو بالايحاء .. وقد كان اصبعه يشير مثلا الى اللاعبين جون تيري أو فرانك لامبارد أو ديدييه دروغبا، وهؤلاء بالذات في عمر مقارب للمدرب الشاب، لهذا كانوا يضعون العصي في عجلة الفريق من منطلق أنهم أكثر خبرة منه في كرة القدم، وأنهم أبناء النادي وأنه ليس سوى قادم جديد سيحمل عما قريب عصا الرحيل ليعود الى بلاده.
وكلما كان يغرق بواش في اعترافاته، كنت ازداد قناعة بأن (تآمر) اللاعبين على مدربهم ليس ابتكارا أو صنعة أو (امتيازا) عربيا، كما نتوهم في أحيان كثيرة، فنحن في كل يوم نسمع عن حكايات يؤلفها لاعبون عرب بقصد التأثير على نتائج الفريق في المنحى السلبي طبعا، من أجل أن تتحرك الادارة في خاتمة المطاف نحو تنحية المدرب، فهي عاجزة عن الاطاحة بفريق كامل من اللاعبين بجرّة قلم واحدة.. وهي كذلك أعجز من أن تضع نفسها كإدارة تحت طائلة المحاسبة أو التحقيق.. لهذا ينجح اللاعبون دوما في حبك مثل هذه القصص حين يضيقون ذرعا بطريقة المدرب في إدارة الأمور أو حين يرتفع عليهم الحمل التدريبي أو عندما يطالبهم بابداء المزيد من الانضباط في السلوك واللعب، ولما فيه خير الفريق ككل.
لاحظوا أن نتائج تشيلسي، بعد خروج المغلوب على أمره بواش، قد تحسنت كثيرا بوجود اللاعبين أنفسهم.. لا عجب في الأمر عندي.. فقد رفع اللاعبون الضغوط عن كواهلهم وباتوا أكثر تحررا، كما أن ارتفاع مؤشر الخط البياني كان أمرا لا بد منه بعد التغيير التدريبي، على الأقل كي يثبت اللاعبون أن المدرب وحده كان السبب في انحدار المردود، لأنه كان يكبّل أقدامهم ويعيقهم عن ارتياد آفاق الإبداع.
لست هنا في صدد الدفاع عن بواش أو أي مدرب في الدنيا يُبتلى بالعناصر الكبيرة الضاغطة داخل الفريق.. لكني أشدد، هذه المرة أيضا، على أن العرب ليسوا وحدهم من يبتكر قصصا من هذا النمط، ومن الخطأ تصور أن اللاعب الاوروبي «ملاك» ولا يعرف أساليب التآمر على الفريق من أجل اقتلاع المدرب من كرسيه المهزوز.

[email protected]