أطباء: الكربونة تهزم السرطان" كذبة"

ارشيفية
ارشيفية

الغد- تسجيل صوتي جديد يطوف مجموعات الواتساب، مقدما وصفة للحماية من إنفلونزا الخنازير، عبر ما أسماه "زيادة قلوية الجسم"، من خلال شرب بايكربونات الصوديوم (الكربونة) واليانسون والقرفة والميرمية، ويؤكد أيضا أن هذا الأمر يحمينا من السرطان، الذي يحدث عندما يكون الجسم حمضيا، فهل هذا صحيح؟

لنبدأ بأهم المزاعم التي يقدمها التسجيل، ويتم تداولها في منشورات أخرى على مواقع التواصل، وليست محصورة في هذا التسجيل، وهي:

زيادة حامضية الجسم تؤدي إلى الأمراض، مثل السرطان والإصابة بإنفلونزا الخنازير.
للحماية من الأمراض يجب زيادة قلوية الجسم.
الإنسان يمرض إذا تحول كيمياء جسمه إلى حمضي، وعندها يصبح الجسم حاضنا يستقبل كل أنواع الجراثيم والفطريات والفيروسات والسرطانات.
بكل بساطة إنفلونزا الخنازير وكل أنواع الإنفلونزا لا تصيب الجسم إذا كان قلويا.
شرب بايكربونات الصوديوم (الكربونة) واليانسون والقرفة والميرمية تحول الجسم إلى قلوي.
لزيادة قلوية الجسم ينصح بتناول الحمضيات قبل الطعام، أما بعض الطعام فهي تتحمض ويصبح الجسم قلويا. (كيف هذا!)
اليانسون أقوى مضاد لإنفلونزا الخنازير.
إنفلونزا الخنازير أنتجتها أطراف (نظرية المؤامرة) وأخذت حقوق تصنيع اللقاح شركات أميركية.
الصين صنعت لقاحا، ولكن منظمة الصحة العالمية رفضته، وقالت الصين لا نريد تطعيم إنفلونزا الخنازير لأن منتجيه شركات أميركية "نحن سنستعمل اليانسون".
في الجزيرة نت قمنا بالبحث حول هذه المزاعم في اتجاهين: الأول مدى دقتها، والثاني أصل هذه المزاعم.

لنبدأ مع أصل هذه المزاعم، حيث قمنا بالبحث، وتبين أن أصلها يعود إلى عام 2009، حيث تحدثت مواقع عن موضوع قلوية الدم، وأنه يحمي من إنفلونزا الخنازير، أي أن هذ المزاعم منذ نحو عشر سنوات.

وجاء هذا مع تفشي إنفلونزا الخنازير عام 2009، الذي سببها فيروس "إتش1 إن1"، وظهر في المكسيك أواخر مارس/آذار 2009، وأطلق إنذار من خطر انتشار الوباء على نطاق واسع في 11 يونيو/حزيران 2009، ورفع في العاشر من أغسطس/آب 2010.

في البداية، قدرت منظمة الصحة الوفيات بنحو 18500، ولكن مراجعة نشرت في مجلة لانست الطبية عام 2012 رفعتها إلى ما بين 151 ألفا و575 ألفا.

أما بالنسبة للمصداقية العلمية، فإن فحص المزاعم السابقة يكشف أنها هراء محض، وذلك للأسباب التالية:

توازن الأحماض-القواعد في الجسم دقيق جدا، ويتم التحكم فيه من قبل الجسم بشكل مستمر، وعبر آليات معقدة، وتتراوح درجة حموضة الدم الشرياني الطبيعية "الأس الهيدروجيني" من 7.35 إلى 7.45.

اضافة اعلان

أي اضطراب في مستوى حموضة الدم يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، سواء زيادة الحموضة أو القلوية، ومثال على ذلك الحامض الكيتوني السكري، حيث يكون مستوى الأس الهيدروجيني أقل من 7.30، وهو يعد حالة مهددة للحياة، ويمكن أن يكون مميتًا إذا لم يتم علاجه.
من السخف زعم أن شرب بايكربونات الصوديوم يزيد قلوية الجسم، فهو ينزل إلى المعدة حيث الأس الهيدروجيني 1.5 إلى 3.5، والذي سيقوم بالتغلب على أي مادة قاعدية تدخل المعدة، وهذا يشمل اليانسون والقرفة والميرمية.

لا توجد أي معطيات علمية تدعم الزعم بأن قلوية الجسم –إن كان فعلا يمكن تغييرها عبر الطعام دون إحداث كارثة في الجسم- تحمي الجسم من السرطان أو إنفلونزا الخنازير.
السرطان مرض ينجم عن حدوث طفرات في المادة الوراثية تؤدي إلى تكون خلايا غير طبيعية تنمو وتنتشر باستمرار، وهناك أسباب جينية ووراثية متعددة له، وأخرى متعلقة بنمط الحياة مثل التدخين والخمر والسمنة، وهذا أيضا يختلف من سرطان لآخر.

من المتناقض والمضحك زعم أن أكل الحمضيات قبل الطعام يزيد قلوية الجسم! فهي حمضيات، وعند تناولها بعد الأكل تحمّض وتزيد الحامضية؛ وهذا خلط وتضليل للسامع.
المزاعم الأخيرة المبنية على نظرية المؤامرة، وأن إنفلونزا الخنازير تم تصنيعها، وأن الصين رفضت استعمال اللقاح وهي تستخدم اليانسون، كلها أكاذيب محضة، ويمكن العودة لموقع المركز الصيني للتحكم بالأمراض والوقاية منها، والتي لا يوجد فيها أي إعلان رسمي يقول هذا الهراء.

أخيرا نختم بمجموعة من الحقائق حول مرض إنفلونزا الخنازير؛ فوفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن إنفلونزا الخنازير مرض تنفسي حاد وشديد العداوة، ويصيب الخنازير ويسبّبه واحد أو أكثر من فيروسات إنفلونزا الخنازير من النمط (أ) ، ويتسم هذا المرض -عادة- بمعدلات إمراض عالية ومعدلات إماتة منخفضة (1%-4%).

ينتشر الفيروس المسبّب للمرض بين الخنازير عن طريق الرذاذ والمخالطة المباشرة وغير المباشرة والخنازير الحاملة للمرض عديمة الأعراض. ويُسجّل وقوع فاشيات من هذا المرض بين الخنازير على مدار السنة، مع ارتفاع نسبة حدوثها في موسمي الخريف والشتاء في المناطق معتدلة المناخ.


وتنتمي فيروسات إنفلونزا الخنازير -في معظم الأحيان- إلى النمط الفرعي (H1N1)، ولكن هناك أنماطاً فيروسية فرعية تدور أيضاً بين الخنازير (مثل الأنماط الفرعية H1N2 و H3N1 و H3N2). ويمكن أن يُصاب الخنازير كذلك بفيروسات إنفلونزا الطيور وفيروسات الإنفلونزا البشرية الموسمية وفيروسات إنفلونزا الخنازير.


تؤكِّد منظمة الصحة العالمية أن إنفلونزا الخنازير ليس مرضاً يقتصر على الحيوانات. وذلك وفقا للمدير الإقليمي لشرق المتوسط في المنظمة في عام 2009 الدكتور حسين عبد الرزاق الجزائري، الذي قال وقتها: إن فيروس إنفلونزا الخنازير ينتقل الآن من إنسان لإنسان ولم يعد تعرض الناس للخنازير عاملا مؤثرا في انتشار الفيروس.


للوقاية من إنفلونزا الخنازير ينصح باتباع شروط النظافة العامة، مثل غسل اليدين جيدا قبل الطعام وبعد الحمام، وتغطية الفم عند العطاس وإلقاء المنديل في القمامة، وأخذ تطعيم إنفلونزا الخنازير، وفقا لتوصية الطبيب. " الجزيرة نت"