أطفال "الركبان".. معاناة إنسانية

في منطقة صحراوية، لم يحدث أن شهدت وجودا مجتمعيا، يقع مخيم "الركبان"، الذي يقطنه حوالي 45 ألف نسمة، 80 % منهم نساء واطفال، يعيشون في ظروف قاسية، لا تصلح لأن تكون مكانا ملائما للعيش، فهذا المخيم يفتقد لأبسط أنواع الحياة والظروف المعيشية الأساسية.اضافة اعلان
يشهد هذا المخيم، الذي يقع داخل الأراضي السورية وبمحاذاة الحدود الشمالية الشرقية للأردن، وفاة طفل كل خمسة أيام، حسب تأكيدات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).. ما يُنذر بوجود خطر كبير، يُحيط بقاطنيه من شيوخ ونسوة وأطفال في حال لم تقم الدول بإيجاد حل له، وخاصة أن وفيات الأطفال بازدياد، جراء نقص خدمات رئيسية تتطلبها الحياة.
ومع تصريحات النظام السوري بأنه تم القضاء على عصابة "داعش" الإرهابية، فإنه يقع على عاتق دمشق والدول المعنية ضرورة تأمين عودة هؤلاء المقيمين في "الركبان"، خصوصًا أن معظم ساكنيه جاؤوا من مناطق تم تحريرها من ذلك التنظيم الإرهابي.
ألا يكفي موت 12 طفلًا، بعضهم لم يتجاوز الأسبوع من عمره، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي فقط، أن يكون دافعا قويا للأطراف المعنية لإيجاد حل دائم لإنهاء معاناة أطفال رضع ونساء ثكالى امتدت إلى أعوام عديدة.
"الركبان" بظروفه القاسية، ليس مكانًا يصلح لعيش أناس أصحاء أقوياء، فما بالك لنمو أطفال أو حتى ولادتهم، فهذا المخيم يفتقر إلى أبسط أنواع الرعاية الصحية، التي تُعتبر شيئا بديهيا في معظم دول العالم، فضلًا عن محدودية إمكانية الحصول على الغذاء والماء سواء أكان للغُسل أو للشرب.
جهود "خجولة" يبذلها المجتمع الدولي، إذ يكتفي بتقديم دعم، أقل ما يُقال عنه بأنه بسيط، لسكان مخيم الركبان وفي حالات الطوارئ فقط، فهو لم يُجهد نفسه في إيجاد حل لأطفال ونساء وشيوخ يعانون الأمرين، فهم من ناحية عليهم تحمل برد شتاء قارس، وحر صيف لاهب، ومن ناحية ثانية يُعانون من نقص في المواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب، ناهيك عن حاجاتهم لرعاية طبية، وبالأخص الأطفال وتحديدًا حديثي الولادة منهم، فالجميع يعلم مدى أهمية الأيام الأولى من حياة الطفل لبقائه يتنفس.
أطفال تموت بسبب سوء تغذية وتعفّن دم وأمراض يمكن منعها بسهولة لو وجدت رعاية طبية "عادية".. كل ذلك يتم على مرأى ومسمع دول، منها العظمى، التي تدعي أن لها باعا طويلا في الحفاظ على حقوق الإنسان وحياته، ومن قبله الحيوان.
نعلم أن الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، تتنازعان أو تتحاربان هناك في سورية، لكن يتوجب على هاتين الدولتين بالإضافة إلى بقية الدول وخصوصًا المتقدمة أن تجد خطة دائمة لأطفال ونساء الركبان، تضمن وصول المساعدات الغذائية والطبية والإنسانية بلا شرط أو عائق، وبشكل دائم.
الأردن، الذي عانى من هجوم إرهابي أتى من "الركبان" أدى إلى استشهاد سبعة من رجال الأمن والقوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي وإصابة آخرين، قام بدوره الإنساني وسمح بمرور المساعدات إلى المخيم عبر حدوده، حيث كانت وقتها الأوضاع الميدانية تُصعب من عملية إدخال المساعدات الإنسانية، من الداخل السوري.
أما الآن وقد هدأت الأوضاع، فبإمكان المنظمات الدولية أن تدخل مساعداتها من داخل الأراضي السورية، إن لم ترد دمشق وعواصم العالم تسهيل عودة لاجئي "الركبان" إلى مناطقهم بشكل آمن.