أعطوا فرصة للمفاوضات

يديعوت أحرونوت

عاموس يدلين

اضافة اعلان

بعد فشل مبادرة كيري، دحرت المسيرة السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين إلى الهوامش. والآن يلوح بأن السنوات الخمسة من الجمود السياسي تقترب من نهايتها، مع بوادر حياة من ناحية واشنطن، وارسو، موسكو والرياض.
ان المفتاح لفهم النهج الصائب للمسيرة السياسية هو استيعاب الواقع المعقد. فمن جهة، الوضع الراهن هو مفهوم خيالي، كون الدينامية في الميدان لا تتوقف. وهذه الدينامية، فضلا عن قدرتها على خلق أزمة امنية حادة في غزة او في يهودا والسامرة في المدى القصير، نهايتها ان تؤدي إلى نشوء محتم لدولة واحدة، ثنائية القومية. من جهة اخرى، فإن الاوهام حول القدرة للوصول إلى تسوية إسرائيلية - فلسطينية في المفاوضات هي الاخرى عديمة الاساس تماما في صورة الوضع الحالي في الساحة الفلسطينية.
ان التسريب عن استكمال "صفقة القرن" لترامب حظي بالنفي الضعيف بعض الشيء من جانب المبعوث الخاص إلى الشرق الاوسط جيسون غرينبلات الذي انضم مع زميله في الفريق جارد كوشنير إلى وارسو، حيث حاولا ربط الدول العربية البرغماتية لتأييد خطتهما. في هذه الاثناء، يخيل أن عرسان الفرح يترددون في الاستجابة إلى الدعوة.
ابو مازن بدوره رفض العرض للوصول إلى وارسو وبدلا من ذلك توجه إلى ثلاث قنوات اخرى: في غزة يحاول ان يشعل نار مواجهة عسكرية بين إسرائيل وحماس من خلال تشديد العقوبات على القطاع؛ وفي موسكو حاول ممثلو الرئيس بوتين المصالحة بين فتح وحماس، التي ترفض حتى الاعتراف بإسرائيل في حدود 67؛ وفي الرياض التقى ابو مازن مع الملك سلمان في محاولة لمنع انضمام السعوديين إلى المبادرة الأميركية. ومن الجهة الاخرى، صحيح أن نتنياهو وصل إلى وارسو ولكنه فعل ذلك فقط كي يعنى بالتهديد الوجودي الوحيد الذي يراه امام ناظريه، ايران.
ان ميل نتنياهو للانشغال في المسألة الايرانية، هو ميل ثابت وعنيد، ولكن هو أيضا يعرف بان التهديد للتدهور إلى دولة واحدة خطير بقدر لا يقل على استمرار الرؤيا الصهيونية. وهو يفهم بأنه حتى لأجل تحقيق بوادر التطبيع التي بدت في وارسو بين إسرائيل والدول العربية فإن إسرائيل ملزمة بان تعرض تقدما هاما في مساعيها لانهاء الجمود السياسي حيال الفلسطينيين.
خسارة أن الانشغال بالمسألة الفلسطينية يتلخص في هذه الايام في إسرائيل في اشرطة دعاية سامة وسطحية تركز على التشهير بالخصم السياسي الداخلي. اما النقاش الجدي فغائب. وبدلا من تراشق الاتهامات، يتوقع المرء من القوائم المتنافسة ان تعرض على الجمهور رؤياها في الموضوع. فأي دولة يريد الزعماء ان يروا في 2040 او 2050؟ دون عرض هدف، ستنجرف إسرائيل بلا كوابح في المنزلق السلس الذي سيؤدي إلى نهاية واحد من عناصرها الحيوية، دولة يهودية أو ديمقراطية.
ينبغي منح فرصة حقيقية لمفاوضات مباشرة للسلام بالاستناد إلى خطة ترامب، حتى لو كانت فرص النجاح طفيفة. فإسرائيل في نهاية اليوم سيتعين عليها ان تصمم مزاياها المستقبلية – الجغرافية، الامنية، الديمغرافية والاخلاقية – في الاتجاه الذي يؤيده بثبات نحو 70 في المئة من الجمهور. لا مفر من خطوة مبادر اليها، منسقة قدر الامكان مع الأميركيين والدول العربية التي ستؤيدها. هذه هي الاستراتيجية الصحيحة، بما في ذلك لتصميم مستقبل إسرائيل وكذا للحفاظ على مكانتها السياسية القوية في وجه قوى تعمل على عزلها وفرض تسويات اشكالية عليها.
مطلوب خطوة ذاتية مدروسة ومسنودة بغلاف امني صلب – لا أوهام سلام، بل تصميم الشروط لحل مستقبلي. في يوم الانتخابات، حين تتوجه للتصويت، اعطوا صوتكم لاحزاب تتماثل مع هذا التطلع ومستعدة لان تتبنى صيغة سياسية. هكذا فقط سيكون ممكنا ضمان الحفاظ على دولة إسرائيل يهودية، ديمقراطية، آمنة واخلاقية. رئيس الوزراء هو الاخر يفهم هذا جيدا.