أعطوهم ألاسكا وخلصوهم من القلق الوجودي على مصيرهم

ما دمتم في الغرب -حكومات وشعوباً- تحبون اليهود في فلسطين بهذا المقدار، وتسهرون على راحتهم طيلة الليل والنهار، ومستعدون للتضحية في سبيلهم بكل أريحية؛ فلماذا لا تحلوهم عنا، وتضعونهم في عيونكم؟ فهم لا ينامون الليل قلقاً على المصير، لأن العنف النازي الذي تمارسه إسرائيل، يتناسب طردياً مع القلق الوجودي اليهودي المتعاظم على المصير. وقد صارت إسرائيل بهذا القلق أخطر مكان على اليهود في العالم، كما قال السيد ناصر اللحام مندوب قناة الميادين في فلسطين.اضافة اعلان
لقد اعتقدتم أنكم بإقامة دولة لهم في فلسطين سيأكلون المن والسلوى فيها، وسيعيشون في وئام وسلام في أرض بلا شعب، وإذا بكم وبهم تُفاجأون بأرض وشعب. لقد أوقعتم بهم بوضعهم في وسط معادٍ لهم، يرفضهم ويلفظهم.
سقط الحمار من السفينة في الدجى
    فبكى الرفاق لفقده وترحموا
حتى إذا جاء الصباح أتت به
    نحو السفينة موجة تتقدم
قالت خذوه كما أتاني سالماً
    لم ابتلعه لأنه لا يهضم
إن الشعب الفلسطيني الذي سلبتموه وطنه وشردتموه بهم ولهم، يقاومهم منذ وعد بلفور إلى اليوم، لأنه لا يمكن لنظامين أو دولتين متناقضتين أن تشغلا حيزاً (وطناً) واحداً في الوقت نفسه، إلا إذا كانت إحداهما صباحية والثانية مسائية، أو كان الثاني منفياً أو مباداً. وهم -ونتيجة المقاومة باليد والرفض بالعقل والقلب والوجدان- يشعرون بقلق وجودي يخترق أعمق أعاميقهم، لأن دولتهم يمكن أن تزول بهزيمة ساحقة واحدة. فالفلسطينيون في أحشائهم ومن حولهم يكثرون ويقاومون، والعرب والمسلمون من ورائهم يؤيدون، والتاريخ باب مفتوح على كل الاحتمالات حسب قانون النتائج غير المتوقعة، وأقواها زوال دولتهم.
إذا كنتم تحبونهم وقلوبكم "عليهم" كما تدعون، فلماذا لا تأخذونهم من عندنا وتخلصونهم وتجنبونهم هذا القلق على المصير؟! خذوهم وضعوهم في عيونكم إن كنتم صادقين، أم أنكم في الحقيقة تحمدون وعد بلفور والانتداب لتخليصكم أنتم منهم، باعتبارهم وحسب معاملتكم التاريخية لهم، مجرد نفايات بشرية سامة "الله يبعدها ويسعدها".
يتباهى الرئيس باراك أوباما الذي "كرّمه" نتنياهو بإذلاله في مكتبه في البيت الأبيض، في مقال له في صحيفة "هآرتس" (8 /7 /2014، و"الغد" في 9 /7 /2014) بتفوقه على كل من سبقه من الرؤساء في دعمهم عسكرياً وأمنياً وسياسياً واقتصادياً! إن إسرائيل بهذا الدعم تفتك بشعبنا بالنيابة عن أميركا، ويباد بأسلحتها. إن أميركا هي التي تقتلنا في الحقيقة بطائرات "F16" وغيرها من الأسلحة الفتاكة، ولكن بأيدٍ إسرائيلية. فأميركا إسرائيلية، وإسرائيل أميركية؛ بل إن أميركا أكثر إسرائيلية أو نازية من أميركية إسرائيل ونازيتها، والدولتان مارقتان، ومع هذا ما يزال للعرب سفراء في أميركا وينسقون معها.
إذا كانت أميركا تحبهم "بصحيح"، وتخشى على أمنهم وسلامتهم ومصيرهم فعلاً، فلتأخذهم عندها، ولتتبرع لهم بألاسكا يقيمون فيها دولتهم، وتستريح من أعبائهم الأمنية والاقتصادية؛ فهي أرض بلا شعب وهم شعب بلا أرض، وهناك يمكن أن يقيموا دولة يهودية عظمى آمنة ومطمئنة، حيث لا يوجد شعب يُشّرد فيقاوم، ولا حدود محاطة بالأعداء من جميع الجهات. وهم "بعبقريتهم" قادرون على تحويلها إلى جنة في أرض الميعاد الأميركية؛ فهكذا اعتبرها الغزاة الأوروبيون الأولون من المتطهرين والمرتجفين واليهود. وهي أكبر من فلسطين بمقدار ستة وخمسين مرة، وتتسع لجميع اليهود في العالم، فمساحتها مليون وخمسمائة وثمانية عشر ألفاً وثمانمائة كيلومتر مربع، وتزخر بالموارد. وسيجعلها تغير المناخ المتسارع أكثر اعتدالاً من فلسطين.
لقد اشترت أميركا ألاسكا من روسيا بتراب الفلوس العام 1867؛ بثمن بخس دولارات معدودة مقدارها سبعة ملايين ومائتا ألف دولار. وبحسبة بسيطة، نجد أن الكيلومتر المربع (ألف دونم) كلفها 4.8 دولار فقط، أو ما يساوي دولارا لكل مائتي دونم.