أفراد ينتهجون "الندب والشكوى الدائمة" أسلوب حياة.. فما مدى تأثيرهم؟

333
333
رشا كناكرية تقف حلا ( 26 عاما) حائرة أمام سلبية صديقتها المقربة منها ونظرتها التشاؤمية للحياة، حيث تقول “في كل مرة اتصل بها أعلم أن التذمر والشكوى جراء ما تواجه في الحياة سيكون محور حديثنا”. حلا، ولأنها إنسانة متفائلة فإنها تنظر للحياة بطاقة إيجابية، وتسير على مبدأ النظر الى نصف الكأس الممتلئ وليس الفارغ منه، وهذا ما يجعلها مختلفة تماما عن صديقتها، ولا تنكر أنهما كثيرا ما تختلفان بالرأي وتصلان لطريق مسدود، مبينة بأنها قريبة جدا من صديقاتها ولكن كثرة التذمر تجعلها تشعر بنفاد طاقتها. وقرر سمير ( 33 عاما ) الابتعاد عن احد أصدقائه المقربين بسبب كثرة شكواه وسلبيته تجاه أي موقف يتعرض له، ويشعر بأن السلبية تتسلل لنفسه وتؤثر فيه بشكل كبير، فبعد كل حديث معه يشعر بالضيق والاحباط لعدة أيام. كلمة الصديق المعتادة “لا تتعب حالك ما رح توصل لمكان”، وفق سمير، وهي أكثر ما أثرت به، وجعلته يفقد الأمل بطموحاته وأصبح إنسانا كسولا، بل وللأسف شخصية “سوداوية”. تدارك سمير نفسه وقرر أن هذه الصداقة ستؤثر سلبيا في مستقبله، فكان الخيار بالابتعاد وإنهاء هذه الصداقة المؤذية أو السامة التي لا تضيف له سوى التراخي وعدم التطلع للإنجاز والنجاح. ووفقاً لاستطلاع أجراه موقع “مونستر”، فإن وجود الأصدقاء السلبيين و”السامين” أمر شائع، حيث أشارت إلى أن 84 % من النساء و75 % من الرجال لديهم صديق أو قريب سلبي. في الحياة، هنالك أشخاص بأفكار ومعتقدات مختلفة ويتأرجح الانسان في حياته بين التفاؤل والتشاؤم بمتغيرات ومؤثرات وأحداث تقوده الى هذه الحالة. ولأن سعادة البشر تعتمد بشكل عام على طبيعة ونوع العلاقات التي لديهم، فإن من المهم أن تكون ذات تأثير ايجابي لتحدث تغييرا في حياة الإنسان. والشخص الايجابي هو إنسان مفعم بالطاقة وبروح حالمة متأملة بالخير، بينما السلبي ينظر للحياة بنظرة تشاؤمية مليئة باليأس وعند التقاء هؤلاء المتضادين تتضارب الأفكار. وتتمحور آراء الاشخاص السلبيين بالإحباط ومحاولة اقناع من حولهم بأن الأحلام بلا فائدة أو نفع، وأنها صعبة المنال، وأن الحياة صعبة ويستحيل أن يحقق الفرد ما يطمح إليه، كما يبثون سمومهم السلبية لينثروا العدوى على غيرهم بحديثهم السام عن سليبات الحياة كما يملكون القدرة على امتصاص الطاقة الايجابية وإلغائها. وبدورها تعلق الاختصاصية النفسية الدكتورة عصمت حوسو، أن الانسان السلبي يتبع ثقافة “الندب والشكوى” والاستمرار في التحدث عن المشكلة من دون التركيز على الحلول، وهنا تكمن المشكلة. وفي دراسة قام بها المتخصص في الطب العصبي النفسي ومؤسس معهد العلوم العصبية الدكتور ريك هالسن تبين بأن البشر لديهم ميل تطور للتفكير السلبي، وقد ورثوا ذلك من آبائهم وأجدادهم، فهم دائما يتوقعون الخطر ويفكرون في التهديدات التي تحيط بهم أكثر من الإنشغال بالأمور الجيدة. وأوضحت الدراسة أنه كلما زاد الشخص من أنماط التفكير السلبي والتركيز على الجوانب السلبية سهل على العقل تلقائيا العودة إلى أنماط هذا التفكير بشكل يؤثر سلبيا في صحة الإنسان، حيث إن ذلك قد يدمر الخلايا العصبية المسؤولة عن تنظيم العواطف والذاكرة والمشاعر، حتى لو كانت هذه الأفكار السلبية مجرد أفكار وهمية ولا تمت بصلة للواقع، فالعقل لا يمكنه التمييز ما بين الحقيقى والوهمي وبالتالي يتفاعل معه. وتشير الدكتورة حوسو الى أن التركيز على الحلول هو مهارة يجب أن يتعلمها الفرد، بينما السلبيون ينتهجون ثقافة الاستمرار في التحدث عن المشكلة والتذمر منها، فهم بذلك يثبتون التفكير والسلوك السلبي المعدي، ويؤثرون في محيطهم وفي الأهل والأقارب والأصدقاء. ووفق ما تقول، فإن البعض يتقن لعب دور الضحية ويعتاد على الأزمات، وإذا لم يكن لديهم مشكلة يصنعون واحده ليستمروا في الحديث عنها وبذلك يصبح دور الضحية جزءا من شخصيتهم وحياتهم. وتشير حوسو أن الانسان يشعر بالحزن على مشكلة أو عقبة تواجهه، لكن بردة الفعل الطبيعية ولوقت معين ليبدأ بالبحث عن الحلول فهو يدرك ويعلم كيف يحل مشاكله ليصبح نموذج ايجابيا لمن حوله، لذلك علينا الابتعاد عن ثقافة “الندب والولولة” والتركيز على الحلول. توجهت حوسو بالطلب لكل شخص متعب من الحياة ومشاكلها ولديه قلق أو اكتئاب بالابتعاد عن الاشخاص السلبيين، لأن سلوكه السلبي معدٍ بحد ذاته وهو الأكثر انتشارا وعدوى. وترى حوسو أن الفرد عندما يكون بمزاج سيئ عليه الابتعاد عن الاشخاص كثيري الشكوى ممن يمتلكون ثقافة “الندب والولولة”، لأن هذا ما يتقنونه وليس لديهم ثقافة الحمد، ولا الامتنان لما يمتلكونه في حياتهم، ولا يرون النعم التي لديهم بل يرون ما ليس لديهم. وتشير الدراسات الحديثة إلى أن الامتنان يرتبط ارتباطا قويا بالصحة العقلية والنفسية وسمات الشخصية الإيجابية مثل، التفاؤل والأمل والتعاطف، إضافة لكونه يحمي من الدوافع السلبية مثل الحسد والجشع والاستياء وغيرها. كما يمكن للأفراد الذين يمتلكون هذه السمة التعامل بشكل أكثر فاعلية مع قلقهم اليومي وإظهار مرونة متزايدة في مواجهته ومواجهة الإجهاد الناجم عن الصدمات النفسية التي قد يمرون بها، عوضا عن أنه قد يوفر حماية ضد الاضطرابات النفسية. وتفسر أنهم لا يركزون على ما يريدون ويندبون فقط، ولكي لا تصبح طاقة الشخص مسمومة وتأخذ عدوى الطاقة السلبية من الشخص السلبي من خلال سلوكه، على الفرد أن يحمي نفسه ويحافظ على طاقته المحفزة والإيجابية من خلال التواصل والقرب من الاشخاص الايجابيين والناجحين. اقرأ أيضاً:  اضافة اعلان