أفق سياسي للأكراد

معاريف

عاموس جلبوع

11/8/2016

أحد الأمور التي تثير انفعالي في الاحتفال الافتتاحي في كل اولمبياد هو مسيرة الوفود. ففيها أتعرف على الدول التي لم اسمع عنها ابدا. والان، مثلا، تعرفت ان في المحيط الهادي دولة تسمى كيريباتي، مساحتها 811 كيلو متر مربع، ويبلغ عدد سكانها أكثر بقليل من مئة الاف نسمة؛ أو أنه توجد أيضا دولة من تسع جزر انفصلت في حينه عن جزر كيريباتي. وتسمى توبالو وعدد سكانها 12 الف نسمة. اضافة اعلان
هذه المرة، في العام 2016، شارك لاول مرة في الاولمبياد وفد لاجئين من سوريا، جنوب السودان، اثيوبيا والكونغو تحت علم اللجنة الاولمبية. واجتذبت انتباهي السباحة السورية يسرى مرديني ابنة الـ 17، التي هربت قبل سنوات من دمق ووصلت أخيرا إلى برلين. حلمها الاكبر هو العودة إلى دمشق، وفي نفس الوقت المشاركة في منتخب السباحة الالماني إلى الاولمبياد في 2020. ويستهدف الوفد "اطلاق رسالة امل لكل اللاجئين في العالم"، كما أعلنت اللجنة الاولمبية. وفي نفس الوقت سار أيضا وفد سوريا، ليمثل الدولة التي تسمى سوريا، العضو في الامم المتحدة. لم ينل الوفد هتافات تحقير من الجمهور. فالبرازيل، بالمناسبة، تقيم علاقات دبلوماسية طيبة مع نظام الاسد. وأنا لا ارى أن كل منظمات حقوق الانسان صفرت تحقيرا للنظام الذي يذبح مواطني بلاده، يستخدم السلاح الكيميائي بين الحين والاخر، يخرب بلاده بمنهاجية، بمساعدة روسية سخية وكذا من الغرب؛ انا لا اقرا انهم في كل موقع في الغرب يقاطعون النظام السوري.
ان شئتم، فإن هذا التضارب الطولي بين البادرة الطيبة الظاهرة للاجئين وبين عدم الاكتراث للمذابح التي تتسبب بان يكون تكاثر اللاجئين يعكس عالمنا على نحو مخلص: حفلة تنكرية من مزدوجي اخلاق ابناء مزدوجي اخلاق.
ويغيب في مسيرة الوفود بالطبع مكان دولة ليست موجودة، ولعلها ستكون موجودة في المستقبل. واقصد الدولة الكردية. الأكراد هم الاقلية القومية الاكبر (30 – 40 مليون) التي ليس لها دولة. فاتفاقات سايكس بيكو وكل الاتفاقات الدولية التي جاءت بعدها أقامت دولا قومية عربية مصطنعة، باستثناء دولة كردية. والعكس هو الصحيح، فإن هذه الاتفاقات قسمت الأكراد المتجمعين في اقليم كردستان ومحيطه بين سوريا (2.5 مليون اليوم)، العراق (نحو  مليون اليوم)، تركيا (17 – 25 مليون اليوم) وايران.
تتغير خريطة الشرق الاوسط امام ناظرينا، ولكن الاسرة الدولة لا تزال تتمسك بخريطة سايكس بيكو. ولكن في السنوات الاخيرة ينشأ واقع جديد للأكراد، انبعاث قومي. في العراق قائمة منذ الان عمليا دولة كردية بالامر الواقع، مع قوة عسكرية واقتصادية، مع علاقات دولية؛ في سوريا قام حكم ذاتي كردي في ظل  القتال، وهو يقع على قسم هام من الحدود السورية – التركية. في تركيا، التي هي ذات المصلحة الاكبر ضد الدولة الكردية، يتشكل حكم ذاتي كردي في ظل كفاح عسكري وديمقراطية مع أنقرة.
في الفترة الحالية نجد أن القوة العسكرية الكردية هي الاكثر نجاعة في سوريا وفي العراق وهي قادرة على هزيمة داعش. ولهذا فإن الولايات المتحدة تساعدها بشكل مكثف في سوريا كي تقاتل ضد داعش وتحتل نيابة عنها بدمائها الرقة، عاصمة الدولة الاسلامية. ان مأساة الأكراد، على الاقل في سوريا، هي أن احدا في الغرب لا يعرض عليهم "افقا سياسيا". لماذا؟ لانه عندما تتضارب المصالح السياسية مع مبدأ "حق تقرير المصير"، يلقى بالمبدأ في سلة المهملات التاريخية. إذن هل سيكون لنا في أولمبياد طوكيو 2020 وفد كردي؟