أفواه وأرانب

هل نظن أننا في دواخلنا نوازع كثيرة لجني المال والاستئثار به، بالطبع نحن لا نظن بل نؤكد ونجزم، فعلى الأغلب أن معظم الناس في هذه الحياة يحلمون أن تكون لهم ثروة كبيرة تغنيهم عن مرارة الركض خلف لقمة العيش، وتريحهم من متطلبات الحياة التي باتت كثيرة لا تعد ولا تحصى. وإذا أردنا أن نعرج على مجتمعنا المحلي، فإن تأمين متطلبات الأبناء وحاجاتهم أصبح أمرا ملحا لا بد منه مهما كانت الظروف والصعوبات، فيعمل رب الأسرة ليل نهار كي يستطيع تغطية طلبات البيت وغيرها.اضافة اعلان
على مدى فترات طويلة ومنذ ظهور السينما والمسرح والتلفزيون، تطرقت أعمال كثيرة مهما كانت مسمياتها للأزمة المعيشية والاقتصادية التي يعيشها الإنسان والتي هي بالضرورة تؤثر بشكل مباشر على حياته الاجتماعية، والمشاكل التي يتعرض لها متعددة ومتشعبة، فما يدفعنا للتفكير في الوضع المادي للإنسان وسعيه المستمر لتحسينه هو ازدياد نسبة الفقر في العالم بشكل مطرد وسنوي. وفي مجتمعنا ما أكثر الأسر الفقيرة العفيفة التي لا يسد رمقها ما يقدم لها من صناديق المعونة ومن مؤسسة التنمية الاجتماعية وغيرها من المؤسسات والمبادرات الوطنية، وآخرون يشقون ويذوقون الويلات لسد حاجاتهم المعيشية اللامنتهية، خشية أن يقعوا في براثن الحاجة والعوز، فلو أردنا أن نحصي الأسر التي تقف على شفير الفقر لصدمنا من عددها الكبير.
ألا يدفع المعنيون بالأمر أن يضعوا الخطط والبرامج الكفيلة بانتشال الأسر الفقيرة من دائرة العوز والحاجة، وحماية أخرى من الوقوع في شرك الفقر المحقق.
لا يرضى الفقير أن يلبس قناع التسول ويمد يده طلبا للمساعدة، على النقيض من ذلك المتسول الذي هو في أغلب الأحيان ليس بحاجة إلى المال ويستوطن الشارع والمجمعات والأسواق طيلة النهار متنقلا من مكان لآخر في الإلحاح وتكرار السؤال!! اختلط الحابل بالنابل وبات المستهدف بالمساعدة يقف وحيداً محتاراً بين أن يمد يده وكرامة نفسه تمنعه وبين معونة لا تسمن ولا تغني من جوع.
وعودة على الأعمال الفنية التي وثقت الحال الذي تعيشه الأسر الفقيرة، من لم يشاهد فيلم «أفواه وأرانب» والذي يلقي الضوء وبشكل دقيق على الوضع الذي تعيشه الأسر في سبيل تأمين لقمة عيشها والرضا بالقليل لقاء الستر والبعد عن السؤال والحاجة.
من الأهمية بمكان إيلاء الأهمية لتلك الشريحة المجتمعية في بلدنا والتي باتت تتسع وتتمدد والصمت هو الحل أمامها، فالشكوى لغير الله مذلة، وأصبح الهم همين بظهور وباء «كورونا»، فالحل لا يتأتى إلا من خلال تضافر جهود المؤسسات الخاصة والعامة للنظر بعين الرعاية للأسر الفقيرة المحتاجة.