أقوى رد على مجزرة غزة

تداول وزراء الخارجية العرب، في اجتماعهم الطارئ، أول من أمس، الردود الممكنة على المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل بحق أبناء غزة، وقرار واشنطن نقل سفارتها لمدينة القدس المحتلة.اضافة اعلان
لم يكن في جعبة الوزراء الكثير ليفعلوه، سوى إدانة المجزرة ومناشدة الدول الغربية الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين والتوجه لمجلس الأمن لطلب تشكيل لجنة تحقيق مستقلة بالممارسات الوحشية لقوات الاحتلال بحق المتظاهرين السلميين على حدود قطاع غزة.
لكن من غير المرجح أبدا أن تسمح واشنطن باتخاذ هكذا قرار في مجلس، وعندها لن يبقى من قرارات الاجتماع غير عبارات الإدانة والشجب التي لم تردع إسرائيل يوما عن ارتكاب المزيد من الأعمال العدوانية.
ربما تكون خيارات العرب بالفعل محدودة، خاصة في هذه الظروف الصعبة التي تمر فيها منطقتنا العربية، وتبدل الأولويات وانهيار مراكز القوى العربية وانكفاء بعضها عن ممارسة نفوذه.
لكن أقوى رد على المجزرة الصهيونية يمكن أن يبادر إليه العرب، هو رفع الحصار عن قطاع غزة فورا، وإطلاق أكبر حملة إنسانية لإغاثة سكان القطاع القابعين تحت الحصار منذ سنوات.
إن من بين الأسباب الجوهرية التي دفعت بعشرات الآلاف من أبناء غزة للتحرك في مسيرات العودة، مقارنة مع ردود الفعل المتواضعة في الصفة الغربية، الحصار اللاإنساني المضروب على القطاع.
القطاع تحول إلى سجن كبير بعد إغلاق المعابر مع الضفة ومصر. تقارير المنظمات الدولية التي ترصد أوجه الحياة في غزة تفيد بوجود كارثة إنسانية على جميع المستويات، ناهيك عن معدلات البطالة والفقر العالية، ونقص الخدمات الذي طاول كل المؤسسات.
يوم الخميس الماضي، اتخذ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قرارا طيبا عندما أمر بفتح المعبر مع غزة طيلة أيام شهر رمضان.
لكن ينبغي التفكير بحل طويل الأمد يبقي المعبر مفتوحا أمام قوافل المساعدات الإنسانية، وحركة النقل بين الجانبين. وعلى المدى القصير، يتعين على دول الجامعة العربية أن تشرع، وبالتنسيق مع مصر، على تسيير عشرات القوافل المحملة بالغذاء والدواء والمساعدات الأخرى لقطاع غزة.
باستثناء مبادرة الملك عبدالله الثاني لدعم قدرات المستشفى الميداني الأردني في غزة وتسيير قافلة مساعدات، لم نسمع عن أي جهد عربي في هذا الاتجاه.
لقد تسبب إغلاق المعابر بتدمير حياة الآلاف من أبناء غزة الطامحين لاستكمال تعليمهم في الخارج أو المحتاجين للعلاج والسفر للعمل. لا يجوز أن يستمر هذا الحصار مهما كانت المبررات، فما ذنب الأبرياء لكي يدفعوا ثمن الحسابات السياسية والأمنية.
وعلى المستوى الدولي، يجب على الدول العربية أن تنظم حملة عالمية لفضح سياسة الحصار والتجويع التي تنتهجها إسرائيل بحق قطاع غزة، والضغط بكل الوسائل المتاحة لإجبارها على فتح المعابر أمام حركة التنقل والسماح بدخول المساعدات والبضائع للقطاع، من دون انتقائية.
إن أفضل وسيلة لتكريم شهداء غزة وتقدير تضحياتهم ودعم صمود الفلسطينيين على أرضهم، هي رفع الحصار عن أهلهم وشعبهم، وكسر طوق العزلة المفروض عليهم. لا يعقل أن نطلب من الفلسطينيين الوقوف بوجه إسرائيل ومقاومة مخططاتها العدوانية وفي الوقت نفسه نغلق المعابر في وجوههم ونحاصرهم.