أكاديميون يدعون إلى حماية الأمن الفكري وتحرير العقل

عمان- أجمع أكاديميون على أن أزمات كثيرة عصفت بمشروع النهضة العربية، تمثلت في التخلف والأمية، وغياب الحريات، إلى جانب أزمات اقتصادية واجتماعية وأزمة هوية.اضافة اعلان
وبينوا في ختام ندوة، نظمتها مؤسسة “مؤمنون بلا حدود” للدراسات والأبحاث، بالتعاون مع مركز شرفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب، في قاعة المحاضرات التابعة للمؤسسة في عمان، أن “الخطاب الديني لم يكن له تأثير حقيقي في تيار النهضة”، مشيرين الى ان “تحالف السلطة المدنية مع الدينية أورث خطاباً دينياً بدا معتدلاً، ثم تشدد شيئاً فشيئاً إلى أن أصبح تكفيرياً”.
الندوة التي شارك فيها كل من الاكاديميين علي محافظة، جورج الفار، ورحيّل غرايبة، وأدارها د. يوسف ربابعة، وحملت عنوان “سؤال النهضة العربية وتجليات الخطاب الديني”، دعا المشاركون فيها إلى “تثوير العقل الديني ليقرأ النصوص الدينية ويفسرها برؤية جديدة ومعاصرة”. وطالبوا بحماية “الأمن الفكري” وتحرير العقل، وتمكينه من التفكير بطريقة صحيحة، من خلال التفكر والتمحيص.
وشخّص د. علي محافظة أسباب وعوامل فشل النهضة العربية، والتي تجلّت في أزمات عديدة؛ أهمها أزمة التخلف والحكم والإدارة، فضلاً عن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وأزمة الهوية.
وبين ان الأزمة الاقتصادية كان لها دور في إفشال النهضة العربية متمثلة في العجز عن تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة والمستدامة، واستمرار حالة التخلف وفشل محاولات تجديد البنى الاجتماعية والإدارية والسياسية في المجتمعات العربية؛ حيث “ظل معيار الانتماء الأسري والعشائري والإثني والطائفي والمذهبي.
وأشار الى استمرار تسيد المحسوبية والدوافع العصبية بدلاً من سيادة القانون كموجه لنمط التفكير، الأمر الذي أسهم في تدني نسب القوى العاملة وانتشار البطالة والفقر المزمن في معظم الأقطار العربية بسبب التفاوت في توزيع الثروة الريعية في معظم الأقطار، وتراكم المديونية العربية للخارج.
وقال محافظة، إن “النهضة العربية واجهت أزمة أخلاقية تدور حول هوية الفرد وهوية المجتمع وهوية الأمة”.
وتحدث أستاذ الفلسفة في الجامعة الأردنية د. جورج الفار، عن انطلاق النهضة العربية الحديثة مستعرضاً جهود الإصلاحيين والتنويريين، لافتا إلى النهضة العربية الحديثة التي انطلقت في القرن التاسع عشر في الشام ومصر في آن واحد؛ غير أن الجناح السوري اللبناني ركز على إصلاح لغوي تنويري، فيما ركز نظراؤهم المصريون على إصلاح الخطاب الديني.
ودعا الفار إلى ما أسماه “تثوير العقل الديني”، لا إصلاحه، ذلك أن “وعياً دينياً مغالطاً وغير صحيح بُني لدينا، ويجب العمل عليه”، مشدداً على أننا “نريد أن ننير العقل الذي يرى النص الديني ويفسره، وننور هذا العقل الذي يلقن الناس الخطاب الديني”.
أستاذ الشريعة في الجامعة الأردنية د. ارحيل غرايبة رأى أن إشكاليات النهضة العربية تتعلق بثنائية العلم والحرية، فالعلم والنهضة متعلقان بالإنسان، وإشكالية النهضة هي إشكالية الإنسان، مشيراً إلى أن الأمم، قديما وحديثا، التي استطاعت أن تعيد بناء الإنسان بناء صحيحا عقلا ووجدانا استطاعت أن تنشئ نهضة؛ لأن الإنسان هو محور النهضة، ومن عجز عن إعادة بناء الإنسان سيعجز عن النهوض ومجاراة الأمم في مجال التنافس والتحضر.
وشدد غرايبة على ضرورة ضمان “الأمن الفكري” وتحرير العقل، بأن يفكر بطريقة صحيحة، من خلال التفكر والتمحيص، فالحرية تسبق الدين والسلطة؛ لأن الله يريد من الناس أن يكونوا أحراراً، والسلطة وظيفتها حراسة الحرية، للأفراد والجماعات ومنع الاعتداء عليها، وحق الناس أن يعيشوا في بلدانهم وأوطانهم ومجتمعاتهم آمنين مطمئنين على منظومة قيمهم الدينية والفكرية وثقافتهم النوعية ومكونات أصالتهم الاجتماعية.-(بترا)