أكشاك وبسطات جرش: بين الحد من البطالة وإيذاء الطرق

صابرين الطعيمات جرش – ما تزال قضية انتشار الاكشاك والبسطات على جوانب الطرق في محافظة جرش، تثير حساسية البلدية من اصحاب بسطات، فمن جانب، تجد البلدية أن هذه الاعمال مخالفة، بينما يرى أصحاب بسطات ان تعطلهم عن العمل، دفعهم الى العمل في هذه المشاريع الصغيرة المؤقتة غالبا. وفي وقت لا تجد فيه الجهات المعنية في المحافظة، حلولا لوقف تفاقم نسب بطالتها، فإن أصحاب بسطات وأكشاك يقولون إن أعمالهم التي تدر عليهم دخلا بسيطا من البسطات والاكشاك، لا يمكنها مساعدتهم على اجراءات الحصول على تراخيص من البلديات، الى جانب تعقيدات الاجراءات الصعبة لذلك. وغالبا ما تبيع هذه الأكشاك والبسطات التي تنتشر على جوانب الطرق في المحافظة، منتجات جرشية زراعية وأغذية مصنعة، ومشروبات ساخنة وباردة وسكاكر، الى جانب بسطات الخضراوات والفواكه الموسمية، وغيرها من المنتجات الأساسية التي تشهد طلبا عليها في مختلف المواسم الزراعية التي تتميز بها المحافظة. وتضع البلديات في المحافظة، في حسبانها خلو مواقع البسطات والاكشاك والمعرشات من أي وسائط تؤمنها من تقلبات الطقس والتعرض للحوادث على الطرق الرئيسة وغيرها، كالحواجز الحديدية لحمايتها من سرعة السيارات وحوادث السير. وفي السياق نفسه، فإن لجوء متعطلين عن العمل إلى إنشاء هذه المشاريع على جوانب الطرق، بأبسط الامكانيات، مغفلين خطورة الطرق وتقلبات الطقس، بخاصة على جانبي الطريق الدولي، سببه عدم توافر فرص عمل بديلة لهم منذ سنوات، وبينهم خريجو جامعات وأرباب أسر ومعيلون لعائلاتهم. ويرى بعض العاملين في هذه المشاريع، أنهم وجدوا في البسطات أو الاكشاك والمعرشات، مجالا يخفف من بطالتهم، ويساعدهم على بيع منتجات زراعية وغذائية مصنعة في المحافظة، يقهرون بها تعطلهم عبر البيع لزوار جرش من المواطنين والسياح خلال فصلي الربيع والصيف. لكن عدد هذه المشاريع على الطريق، بدأ يتزايد مع تزايد مشكلة البطالة، وبالرغم من أن أغلبية مشاريعهم غير مرخصة، لانها وفق عاملين فيها، لحاجة التراخيص لإجراءات معقدة، الا أنهم مستمرون بأعمالهم، غير متهيبين من عدم ترخيصهم لها، لتجنب ازالتها عن طريق الحملات التفتيشية التي تنفذها البلديات بين حين وآخر، وتتلف موجوداتها. ويؤكدون أن مغامرتهم بالاستمرار في العمل بهذه المشاريع برغم مخالفتها، لعدم وجود بدائل تحقق لهم الامان المعيشي ولو نسبيا، فهم بأمس الحاجة للعمل، ويجدون في بدء الحركة السياحية وتعافيها المتدرج خلال جائحة كورونا، فسحة لتدبير أرزاقهم، وتغطية التزاماتهم والتزامات أسرهم. وتعلن المحافظة وبلدياتها بين فترة واخرى، عن حملات لإزالة بسطات الطرق، معلنة أن هذه الحملات، تهدف الى الحفاظ على حياة عامليها من أخطار الطرق والتقلبات المناخية، ووقف اعتداء البسطات والمعرشات والأكشاك على حرم الطرق وارصفتها، ولعدم قانونية هذه الاعمال. لكن مراقبين يرون أن هذه الاعمال برغم صغرها، تعد مصادر رزق لآلاف الاسر التي تسوق منتجاتها من المنتجات الزراعية الجرشية والمواد الغذائية المصنعة محليا عن طريقها، لانعدام وجود مواقع مخصصة من البلديات والمحافظة لتسويقها، ما يمنح أصحاب البسطات فرص عمل برغم مخالفتهم للتشريعات باستخدام مواقع بيع على جوانب الطرق والارصفة. زكريا البرماوي، صاحب كشك مرخص، قال إنه منذ سنوات وهو يعمل على طريق جرش عجلون عمان، ويبيع المرطبات والسكاكر والشاي والقهوة والمياه وبعض المنتجات الجرشية كثمار الزيتون بأنواعها والرصيع، والمقدوس، ومنتجات غذائية أخرى تتميز جرش بانتاجها. واوضح أنه استوفى إجراءات ترخيص كشكه قبل 5 سنوات، وهو مستمر بالعمل فيه منذ ذلك الوقت، فهو يوفر له دخلا لا يقل عن 300 دينار شهريا، مكنه من تسديد قرض حصل عليه لإنشاء مشروعه الخاص، لكنه طالب في الوقت ذاته، بتخفيف إجراءات الترخيص، لكي يتاح لعدد أكبر من المتعطلين عن العمل إنشاء مشاريع على جوانب الطرق، تعينهم على معيشتهم. مؤيد الغزاوي، خريج جامعي بنى بسطة لبيع ثمار الزيتون والزيت والفواكه على جانب طريق عام، بعد أن يئس من الحصول على عمل، وهو حاليا بما يجنيه من هذه البسطة، يساعد عائلته على تغطية جزء من التزاماتها. وأوضح أنه لم يرخص بسطته، ويعلم أنه مخالف، ويتوقع في أي لحظة إزالة بسطته، غير أن ترخيصها وفقه، يحتاج لتكاليف مالية وإجراءات معقدة، قد تكبده دفع ارباحه البسيطة التي جناها خلال هذا الموسم المؤقت والذي لا يزيد على 6 أسابيع، لكنه يستغله لبيع محاصيل موسمية جرشية، بخاصة في نهاية ايام الاسبوع. ويعتقد الغزاوي، أن البسطات، مواقع جيدة لتسويق المنتجات الجرشية الزراعية، وغيرها، وتتيح للزوار أن يجدوها على جوانب الطرق، في ظل انعدام اي مواقع مخصصة للتسويق في المحافظة، لافتا الى أن الباعة يتحملون خطورة عملهم على جوانب الطرق التي تشهد حركة سير نشطة، كل ذلك لتوفير مصادر رزق لهم ولاسرهم في ظل ظروف اقتصادية صعبة. رئيس قسم الإعلام والتواصل المجتمعي في بلدية جرش الكبرى هشام البنا، قال إن البلدية أزالت قبل سنوات أكشاكا مخالفة، مؤكدا عدم وجود أكشاك باستثناء كشك واحد مرخص لا غير، وباقي الأكشاك وعددها محدود جدا غير مرخصة، وتابعة لمحال تجارية ومطاعم، تنشئها في نطاق حرمها، وتبيع فيها المشروبات الساخنة والباردة والمنتجات الجرشية. وأوضح البنا، أن عدد الأكشاك الحالي في المحافظة قليل جدا، وأغلبها على جوانب الطريق الدولي وفي نطاق مناطق لا تتبع للمحافظة أصلا، فهذا الطريق له، امتدادات تصل الى عدة بلديات ومحافظات. وأضاف أن عدد البسطات والسيارات المتنقلة لبيع الخضراوات والفواكه، ارتفع جراء ظروف الجائحة وسوء الأوضاع الاقتصادية وانعدام توافر فرص العمل، كما أجبر عشرات أرباب الأسر على استغلال جوانب الطرق لبيع منتجات موسمية بانشاء مشاريع عشوائية هناك. رئيس قسم الإعلام في بلدية المعراض المهندس مظهر الرماضنة، قال إن مناطق تابعة للبلدية على الطريق الدولي، تنتشر على جانبيها البسطات والأكشاك، وغالبيتها دائمة ومرخصة، بخاصة في بلدتي ساكب والكتة، ومنها موسمية مؤقتة غير مرخصة، تجري متابعتها بالتعاون مع الحاكم الإدراي، وتزال كونها مخالفة تعتدي على حرم الشارع وبعضها تقام في مواقع غير مناسبة. ويعتقد الرماضنة، ان ميزة وجود قرى وبلدات على الطريق وبدء تعافي الحركة السياحية، ووفرة المنتجات الجرشية، يؤمن حركة بيع نشطة على الطريق، تسهم بتوفير فرص عمل لشباب متعطلين عن العمل في ظل ظروف الجائحة، لكن هذا يتطلب أن تكون هذه الأكشاك مرخصة، وفي مواقع محددة، وألا تلحق ضررا بحرم الشارع أو بأراض ذات ملكيات خاصة.اضافة اعلان