ألغوا التفويض بحرب العراق‏

عربات عسكرية أميركية في العراق - (أرشيفية)
عربات عسكرية أميركية في العراق - (أرشيفية)
ريد سميث* ‏- (ذا أميركان كنسيرفاتيف) 13/9/2022 ترجمة: علاء الدين أبو زينة ‏يجب على الكونغرس الأميركي أن يعيد تأكيد صلاحياته بإنهاء الحروب.‏ * * أكثر من 50 عامًا مرت الآن منذ أن ألغى الكونغرس تفويضًا للسلطة التنفيذية باستخدام القوة العسكرية -التفويض القانوني الذي تصادق عليه سلطتنا التشريعية للسماح للرؤساء بتنفيذ عمليات قتالية في الخارج. كانت المرة الأخيرة التي ألغى فيها الكونغرس مثل هذا التفويض القانوني بشن الحرب قد حدثت في العام 1971، عندما انقلب الرأي العام بشكل حاسم ضد حرب فيتنام. وكان الرئيس آنذاك، ريتشارد نيكسون، قد أمر بالانسحاب التدريجي للقوات الأميركية و”فتنمة” الصراع، ووقع على إلغاء “قرار خليج تونكين”، راغباً، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، في حماية القوات المقاتلة الأميركية التي كانت تنسحب آنذاك. منذ ذلك الوقت، صادق الكونغرس على ثلاثة تفويضات لاحقة سمحت للرؤساء الأميركيين المعنيين بالقتال خارج البلاد. في العام 1991، بدأ التفويض باستخدام القوة العسكرية ضد العراق عملية “عاصفة الصحراء”. ومهد التفويض باستخدام القوة العسكرية للعام 2001 لغزو أفغانستان، وشكل الأساس، منذ ذلك الحين فصاعدًا، لـ”الحرب العالمية على الإرهاب”. وأخيرًا، أجاز قرار التفويض باستخدام القوة العسكرية ضد العراق للعام 2002 حملة “الصدمة والرعب” التي أطاحت بالرئيس العاقي آنذاك، بصدام حسين. الآن، وللمرة الرابعة خلال سنوات عديدة، تحرك مجلس النواب لإلغاء التفويض بشن حرب العراق للعام 2002. وأصبح تشريع إلغاء التفويض الآن في مجلس الشيوخ، بعد أن مر مشروع قانون مصاحب بدعم من الحزبين من لجنة العلاقات الخارجية. والآن، يؤيد 49 راعيًا مشاركًا للتشريع -من بينهم 11 جمهوريًا- إلغاء التفويض بشن تلك الحرب. وفي حزيران (يونيو) الماضي، أشار البيت الأبيض في عهد الرئيس بايدن أيضًا إلى دعمه لهذا الإلغاء في بيان رسمي عن سياسة الإدارة.‏ ‏سوف يكون من شأن إلغاء التفويض بالعمل العسكري للعام 2002 أن يمثل خطوة متواضعة، ولكنها تاريخية مع ذك، نحو استعادة الكونغرس صلاحياته الدستورية المتمثلة في بدء الصراعات الخارجية، والإشراف عليها وإنهائها في نهاية المطاف. ومن شأنه أيضًا أن يذكِّر السلطة التنفيذية ودولة الأمن القومي مترامية الأطراف بأن مُشرعينا هم الذين لهم القول النهائي في مسائل الحرب والسلام. لا تستند أي عمليات عسكرية أميركية جارية الآن على التفويض باستخدام القوة العسكرية للعام 2002 كمبرر قانوني أساسي. إنها تستند، بدلاً من ذلك، إلى تفويض العام 2001 الموسع الذي منح الفرع التنفيذي سلطة قانونية واسعة لاستخدام القوة ضد تنظيم القاعدة والجماعات التابعة له. ويؤدي الوجود الحالي للقوات الأميركية في العراق مهامه، “تقديم المشورة والمساعدة والتمكين”، بناء على دعوة من الحكومة في بغداد التي تتمتع واشنطن معها بعلاقات دبلوماسية، وإن كانت متوترة. ‏ينبغي أن يؤدي استمرار رجالنا ونسائنا في الزي الرسمي المتمركزين في العراق في التعرض للنيران القادمة من الفصائل المعادية إلى تسريع مداولات الكونغرس حول الغرض من انتشارهم وفعاليته ومدته. لكن امتياز الرئيس بموجب المادة الثانية المتعلق بحماية الأميركيين من التهديدات الفعلية والوشيكة يوفر مجالاً واسعًا للهجوم دفاعًا عن النفس. وفي الوقت نفسه، فإن جميع الأعداء الرئيسيين الذين تمت صياغة التفويض باستخدام القوة العسكرية في العام 2002 لهزيمتهم قد ماتوا ودفنوا. فقد انتهى الأمر بصدام حسين إلى حبل الجلاد في العام 2006. وقتل ابناه، عدي وقصي، في تبادل لإطلاق النار مع القوات الأميركية في العام 2003. وتم الدفع بحزب البعث عميقاً تحت الأرض.

‏فلماذا عاش هذا التفويض وبقي بعد ذهاب خصومه؟‏

إذا أردنا أن نتحدث بصراحة، فإن الكونغرس يشعر بالراحة مع إحالة الأمور إلى السلطة التنفيذية عندما يتعلق الأمر بالحرب. وبعد أن فشلت مرارًا وتكرارًا في طرح تصويت في مجلس الشيوخ، أثبتت “أعظم هيئة تداولية في العالم” ترددها في تأكيد حقها الطبيعي الذي تكفله لها المادة الأولى الدستور وسلطتها الثمينة كفرع متساو في الحكومة. وهكذا، تم إهمال مسألة المطهر الدستوري الأساسي -في هذه الحالة، إلغاء تصريح الحرب الذي تجاوز غرضه وعفا عليه الزمن- وتشويه النقاش القانوني. وفي إطار إذعانه للسلطة التنفيذية، سمح مجلس الشيوخ الموقر للإدارات المتعاقبة بتلفيق تفسيرات جديدة جريئة للتفويض باستخدام القوة العسكرية للعام 2002. وفي بعض الأحيان، أشير إليه باعتباره “أساسا قانونيا بديلا” للعمليات التي تجري بموجب تفويض العام 2001. وعلى نحو أوسع خيالاً وأكثر إبداعاً، فإنه “يعزز” العمليات القتالية خارج الحدود السيادية للعراق نفسه.‏ ينبغي للكونغرس أن يغتنم هذه الفرصة للتخلص من تفويض مفتوح النهاية، والذي قد يكون عرضة لسوء الاستخدام من طرف السلطة التنفيذية في المستقبل. ومن شأن المزيد من تقصير أعضاء الكونغرس في واجبهم الدستوري أن يكون دليلا إضافيا على أن مسؤولينا المنتخبين لا يولون أكثر من اهتمام ضئيل لبدء حروبنا وإنهائها. لقد وصلت الإدارات المتعاقبة إلى السلطة مع وعود بتغيير الاستراتيجية. وكما قال الرئيس دونالد ترامب في حفل “ويست بوينت” في العام 2020، فـ”إننا ننهي حقبة الحروب التي لا نهاية لها… ليس من واجب القوات الأميركية حل الصراعات القديمة في الأراضي البعيدة التي لم يسمع بها الكثير من الناس”. ثم ردد الرئيس جو بايدن هذه العاطفة نفسها عندما وعد بإنهاء “حروبنا الأبدية”. ‏ ‏الآن، توفرت لمجلس الشيوخ فرصة لصنع التاريخ. وسيكون إلغاء التفويض بحرب العراق للعام 2002 أول إجراء من نوعه منذ نصف قرن. وسوف يبدأ في استعادة وظيفة الكونغرس كضابط حيوي للسلطة التنفيذية وبيروقراطية الأمن القومي غير المنتخبة التي تعزز هذه الحروب. والأهم من ذلك، أنه سيعيد تنشيط العضلات التشريعية التي ضمرت على مدى السنوات العشرين الماضية. ‏ فليبدأ الكونغرس بالثمرة الدانية: ضعوا نهاية لحرب ‏‏منتهية أصلاً‏‏. ألغوا التفويض باستخدام القوة العسكرية للعام 2002، واستعيدوا بعض الكرامة للكونغرس، وربما تعيدون مراجعة ماضي وحاضر حكاية أميركا الطويلة في العراق. ‏ ‏ ‏*ريد سميث Reid Smith: مدير السياسة الخارجية في منظمة “قفوا معًا”.‏ *نشر هذا المقال تحت عنوان: Repeal the Iraq War Authorization اقرأ المزيد في ترجماتاضافة اعلان