ألم يحن وقت محاسبة المقصرين؟

قبل سنوات، تناقل مواطنون صورا عن غرق العديد من شوارع وأنفاق ومناطق في عمان وفي بعض مناطق المحافظات. وكانت هناك انتقادات شديدة للبنية التحتية، ولعدم كفاية الاستعدادات المتخذة من قبل الجهات المعنية.اضافة اعلان
وبناء على هذه الانتقادات اتخذت الحكومة وأجهزتها المختصة إجراءات لمواجهة الظروف الجوية، ومنها تجهيز البنية التحتية لمواجهة مثل هذه الظروف الطارئة.
ومع ذلك، كانت تحدث ظروف مماثلة في كل سنة تقريبا، وتقع مصائب وكوارث، ككارثة حادثة البحر الميت التي وقعت في شهر تشرين الأول (اكتوبر) الماضي والتي أدت إلى استشهاد 22 شخصا غالبيتهم من الأطفال.
وللأسف، في كل الحوادث التي وقعت لم تقنع الحكومة وأجهزتها المختصة، أن البنية التحتية للعاصمة وللكثير من المدن والقرى في المحافظات سيئة، وغير مؤهلة لمواجهة والصمود أمام أمطار تسقط في غزارة.
وللأسف ايضا، فان الكثير من المسؤولين والجهات المختصة، التي لم تتخذ الإجراءات المناسبة لمواجهة الظروف الطارئة، لم تتحمل المسؤولية، ولم تعاقب، بالرغم من وضوح الذنب والخطأ، فتهرب من العقاب وتتوالى المصائب.
ودائما، أو في الكثير من الأحيان، يحمل المسؤولون الأمطار الغزيرة مسؤولية ما حدث، في حين لا يتحملون هم أي مسؤولية، فيما تتوالى الوعود والتعهدات، بأخذ العبر والدروس، وتلاشي الأخطاء بالمستقبل التي لا تتلاشى بل تستمر وتتسبب بالكثير من المصائب والأحزان والخسائر الكبيرة والباهظة.
في كل الكوارث والمصائب تتوالى الأسئلة عن المسؤولية، ولكن كما يبدو من تكرار هذه المصائب والكوارث ونتائجها الكارثية، أن هناك تقصيرا كبيرا من قبل الحكومة وأجهزتها المختصة وإجراءاتها المتخذة.
ومع سطوع هذه الحقيقة، فان الحكومة والحكومات التي وقعت اثناء ولايتها هذه الكوارث لا تستقيل ولا يحاسب ولا يعاقب المسؤولون فيها. بل يكتفي في مثل هذه الحالات بتعهدات حكومية بعدم تكرار هذه الاخطاء، والاستفادة من العبر والدروس، ولكن تتكرر الحوادث والمآسي، ويتواصل مسلسل التبرير، والتعهدات.
هل تتغير هذه الصورة، وهذا الواقع في هذه الأيام، وهل يفاجئ رئيس الوزراء عمر الرزاز الجميع، ويتحمل هو وحكومته مسؤولية ماحدث، ويستقيل هو حكومته، لعدم اتخاذ الحكومة الإجراءات الاحترازية، أو لفشل الإجراءات التي اتخذتها لمواجهة المنخفض الذي حذرت مسبقا منه الدوائر المختصة بالتنبؤات الجوية من حجم الأمطار الغزيرة التي ستهطل خلال تأثيره على المملكة؟
ولأن العاصمة رمز للوطن، فان ما حدث في عمان أول من أمس، يستدعي من أمين عمان، عدم تقديم المبررات، وتحمل مسؤولية ما حدث. فالتبرير، يزيد ويفاقم من الكوارث ولا ينقذها.
إن الذي يساعد في هذه الحالات، هو التوقف بصدق أمام ما حدث، ومحاسبة كل الجهات المقصرة، والاعتراف بان البنية التحتية سيئة وتحتاج إلى إعادة تأهيل.
لا يجوز، ولا يجب أن نقبل استمرار مثل هذه الكوارث التي تتسبب بمآس كبيرة للمواطنين والوطن. يكفي التهرب من المسؤولية والعقاب. ألم يحن وقت المحاسبة؟