أمهات صنعن تغييرا كبيرا في حياة أسرهن

رسم تعبيري
رسم تعبيري

منى أبوحمور

عمان- أم خالد العبادي واحدة من بين ربات بيوت، سطرن قصص نجاح واستطعن بهمتهن وعزيمتهن و إصرارهن إحداث تغيير حقيقي في حياتهن وحياة أبنائهن.
وهي من بين أمهات كثر رفضن الاستسلام لسوء الوضع الاقتصادي، فقطفن ثمار جهودهن بإنجازات أبنائهن.
التجاعيد التي تحتل وجه ويدي الستينية أم خالد، تبوح لك بحجم الحب رغم صعوبة العيش الذي منحته لأبنائها سنين طويلة عانت خلالها الأمرين.
أم خالد التي فقدت زوجها وهي ما تزال في العقد الثالث من العمر، واجهت هي وأطفالها الخمسة قساوة الحياة وتردي الوضع الاقتصادي وحدها بدون مساعد أو مساند، راجية فقط رحمة الله وعونه في تربية أولادها.
تقول "بعد مرور عام على وفاة زوجي، أيقنت أنني وحدي في هذه الدنيا"، خصوصا وأنها فقدت والدها قبل عام من وفاة زوجها وإخوانها منشغلين مع زوجاتهم وأولادهم، كما تنصل أهل زوجها من مسؤولياتهم تجاه أولادها واكتفوا بالاطمئنان عليهم عبر المكالمات الهاتفية.
خوف أم خالد على أبنائها وقلقها الشديد على تأمين مستقبلهم جعلها تفكر في العمل في أي شيء حتى تؤمن قوت يومها، فعملت مستخدمة في إحدى المدارس الخاصة، رغم كبر عمرها.
ولأن ظروف الحياة قاسية وتأمين العيش الكريم لخمسة أطفال ليس بالأمر الهين، اضطرت للعمل كبائعة متجولة؛ حيث كانت تبيع ملابس الأطفال داخل المدرسة وخارجها، حتى أنها خصصت جزءا من بيتها لعرض الملابس واستقبال الزبائن.
"حتى بيع الملابس لم يؤمن لي احتياجاتي كافة أنا وأبنائي"، تقول أم خالد التي اضطرت هي وأبنائها للعمل في قطف الزيتون؛ حيث أصبحت تتضمن أراضي مجاورة لها في موسم الزيتون الذي تعتبره أفضل مصدر دخل لها.
ورغم طول رحلة الشقاء وما واجهته أم خالد من عناء وتعب، إلا أن رؤيتها لأبنائها وهم يحملون شهادات جامعية أثلجت صدرها وأنستها سنوات التعب والشقاء الطويلة.
الخمسينية أم رياض هي الأخرى وجدت أن تعلمها لمهنة بات أمرا ضرورياً في زمن الغلاء وارتفاع الأسعار التي أثقلت كاهل أسرتها.
أم رياض، وهي أم لخمسة أطفال، استطاعت من خلال عملها في مهنة الخياطة أن تحقق أهم هدف في حياتها، وهو تأمين دخل ثابت لأسرتها.
وتتابع أم رياض قائلة "استطعت من خلال الخياطة أن أحقق حياة كريمة لي ولأبنائي بدون أن نضطر لإهانة أنفسنا أو حتى أن نستجدي العطف والمساعدة من أحد".
وبعد خمسة عشر عاما من العمل في الخياطة، جنت أم رياض ثمرة تعبها وانحناءة ظهرها على ماكينة الخياطة، بعد أن حصلت ابنتها الكبرى على شهادة المحاماة والأخرى تخرجت في جامعة العلوم والتكنولوجيا في تخصص هندسة كهرباء، كما أنها زوجت ابنها البكر.
وتقول أم رياض "هذه الماكينة ورغم أنها أخذت سنوات عمري، إلا أنها جعلت عيني تقر برؤية أبنائي ناجحين في حياتهم ومستقرين".
الأربعينة بسمة خزاعلة (أم بدر) هي الأخرى امتهنت العديد من المهن لتواجه ظروف الحياة الصعبة هي وأسرتها الصغيرة.
أم بدر تخوض تجربة العمل بمهن متنوعة، من صناعة المعجنات ومشغولات يدوية، لتؤمن لعائلتها المكونة من خمسة أبناء مصدر عيش يليق بها إلى جانب دخل رب الأسرة، موظف الصيانة في المطار.
أم بدر والتي تعمل كمستخدمة في مدرسة أم سلمى الأساسية، تختلي وبشكل يومي في ركن صغير من منزلها، وتعكف على إنجاز مهمتها من طلبيات جيرانها ومعارفها من المعجنات المتنوعة.
خبرة أم بدر في صناعة المعجنات جعلتها تدخل عالم هذه المهنة، لكسب لقمة عيش، تساعد من خلالها زوجها لتربية أبنائها والوقوف إلى جانبهم لإكمال دراستهم وتوفير سبل العيش الكريم لهم.
وبعد أن تنتهي أم بدر من أعمال الخبز والعجين، ومن متابعة شؤون منزلها ومتابعة دراسة أبنائها، تمارس هوايتها المفضلة، التي باتت تدر عليها دخلا أيضا، فتحضر خيوط الصوف، والصنارة، وتبدأ عمل قبعات ومعاطف و"شالات"، جزء منها لابنتها الصغرى، والجزء الآخر لتلبية طلبات الزبائن الذين يعرفونها في حي الجدعا ومدينة السلط.
وتقول "ابنتي الكبرى أكملت دراستها الجامعية من جامعة البلقاء التطبيقية في تخصص خدمة اجتماعية، وابني التحق بالجيش، أما الثلاثة الآخرون من أبنائي فهم ما يزالون على مقاعد الدراسة".
وتكمل "بعد الانتهاء من عملي الرسمي أقوم بشراء ما يلزمني في بيتي لأكمل الطلبيات والتوصيات المختلفة من أطقم وفساتين لزبائني"، لافتة إلى أنها تربت على الإصرار والإيمان بأن الذي يرضى بالقليل يعيش.
بيد أن السبعينية خيرية محمد "أم نواف"، تعمل ومنذ أربعة عقود لتأمين الحياة الكريمة لأبنائها حتى يحققوا حلمها في أن يكونوا ذا شأن كبير في الحياة.
وبين "تهديب الشماغات" ورعاية الأغنام والاستفادة من حليبها، استطاعت أم نواف أن تصنع لها شهرة واسعة على مستوى المنطقة وليس الحي الذي تقطنه فقط.
من خلال ما تجنيه من تهديب الأشمغة وصناعة اللبنة والجبنة، تمكنت أم نواف من تربية أبنائها الستة على العزة والكرامة، جاعلة منهم رجالا يفخرون بأنفسهم بكل مجلس.
أم نواف التي قضت عمرها بين "خض اللبن" و"صناعة الجواعد" من جلود الخرفان والأغنام، تمكنت من تزويج أبنائها الستة بعد أن أكملوا دراستهم الجامعية.
تأمين لقمة العيش وتربية ستة أولاد في هذه الحياة الصعبة كان تحديا كبيرا واجهته أم نواف وتحملته وحدها على كاهلها وباتت تجاعيد وجهها تروي قصة كفاحها.

اضافة اعلان

 

munaabuhammour @