أميركا: لم تكن وسيطا نزيها أبدا

وصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس أميركا بعد قرار ترامب الاعتراف بالقدس (غير المحدودة) عاصمة لإسرائيل، أن أميركا لم "تعد" وسيطاً نزيهاً في عملية السلام. لم يستطع أن يقول كلمة واحدة فقط بدلاً من كلمة (تَعَد) وهي كلمة (تَكن) ، وكأن أميركا كانت دوماً -في نظره- وسيطاً نزيهاً، مع أن الداني والقاصي في هذا العالم بما في ذلك كل الرؤساء الأميركيين والكونجرس والمندوبين يعترفون أنهم صهيونيون أو إسرائيليو الهوى. اضافة اعلان
يقول المفكر الفلسطيني والإعلامي المعروف رمزي بارود: لقد عرّى قرار ترامب دور الولايات المتحدة بما هو عليه: لا نزيها، ولا عادلاً. كما عرى قراره عملية السلام وأثبت أنها تمثيلية فارغة (كاونتر بنش في 15/12/2017 وفي الغد 23/12/2017).
اعتقد ترامب أنه بالمال يمكن شراء حرية التعبير أو الضمير قياساً على مبادئه وأعماله وسلوكه ليفاجأ بصحوة أو بانتفاضة فلسطينية وعربية وإسلامية وعالمية حتى من أقرب حلفاء أميركا. لقد هزهم قراره لأنه شكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي. بل لقد زلزلهم  أيقظهم من سباتهم العميق الناتج عن أُلفهم لعملية السلام المستمرة والفاشلة. وهكذا تداعى الجميع إلى رفض قراره وصفعه.
كشف تصويت جميع أعضاء مجلس الأمن ما عدا أميركا وثلثي أعضاء الجمعية العامة ضد قراره عن عزلة أميركا وإسرائيل الدولية في عهد ترامب ونتنياهو المتذاكيين على العالم، فقد وصف مندوب إسرائيل كل تلك الدول (لا الدول الثماني المجهولة المكان على الخريطة)، بالدمى الفلسطينية: الله أكبر. لقد فاجأتنا إسرائيل أن الفلسطينيين أقوى دولياً من أميركا وإسرائيل، وأنهم يضعون العالم في جيبهم. إن دل ذلك على شيء فإنما يدل على القلق الجنوني الوجودي الإسرائيلي العميق وإلا ما تكلم هذا المندوب الأرعن بهذا الشكل الانفعالي المنفلت والقذر.
ويقيني أن نهاية أميركا كدولة عظمى آتية سريعاً لا محالة على يد ترامب الأحمق، وكذلك نهاية إسرائيل معها نتيجة لذلك على يد نتنياهو المتغطرس، وإلا ما قامت قيامتها على صفع الفتاة عهد التميمي لضابط/ قائد سرية جفعافي التي اقتحمت بيت الأسرة، وركلها له.
إن المقاومة بالحجر والصفع والركل والاشتباك مع العدو بالأيدي تهديد وجودي لإسرائيل، وليس مجرد إخلال بالنظام كما تَدّعي، لأن الأجيال الجديدة من الشعب الفلسطيني والعرب والمسلمين (والعالم) تثبت له أنها أشد تمسكاً بالحق الفلسطيني من آبائهم وأجدادهم، وهو ما راهن مؤسسو إسرائيل على عكسه. إن إيمان الشعب الفلسطيني بوطنه فلسطين في داخله وخارجه أقوى وأشد رسوخاً من شعور اليهود والصهاينة في إسرائيل وخارجها بالبقاء فيها. مصير إسرائيل كامن بأيدي فلسطينيي 1948 و1967. وإذا لم يدرك اليهود ذلك وظلوا معاندين للتاريخ برفض التسوية العادلة فإنهم سيلقون مصير الصليبيين في سورية، والعرب في الأندلس، ويتحملون وحدهم المسؤولية عن هذا المصير الذي سينتهي بهم مثلهما بالعودة إلى بلادهم التي غزوا فلسطين منها.
يقول جدعون ليفي الصحفي والمفكر الإسرائيلي الناقد الدائم لسياسة إسرائيل الاغتصابية والاستيطانية في فلسطين 1976: إن صفعة الفتاة عهد التميمي للضابط اليهودي وركله أصابا إسرائيل بالجنون، وربما ينتج عنهما انتفاضة الصفعات في المكان الذي فشلت فيه وسائل المقاومة العنيفة وغير العنيفة في إيقاظ الإسرائيليين من سباتهم (هارتس في 22/12/2017 وفي الغد 23/12/2017) ومع هذا يترك الإسلاميون والإسلامويون (الإرهابيون) الموضوع الأصلي وهو الصفعة وأثرها الهائل على إسرائيل، ويركزون على عورة الفتاة؛ شعرها المكشوف، ربما لأنها كسرت نمطهم كما تقول الأستاذة زليخة أبو ريشة.
لقد قاد جلالة الملك والشعب الأردني جبهة التصدي لقرار ترامب، وكان لهما فضل كبير في إسقاطه في الأمم المتحدة. لكن الأردن تُرك وحيداً أمام الأخطار والأنواء المحيطة به من جميع الجهات والمحلقة فوقه في السماء، مما ولد بعض الهواجس والشعور بالخطر على الوحدة الأردنية والدولة الأردنية، بسبب تلك الأخطار والأنواء وصعوبة وضعه المالي والاقتصادي، لكن هذا الشعب سينسجم مع نفسه، ويقدم التضحيات والتعويض لحماية الوحدة والدولة مهما بلغت بالنسبة اللازمة للاقتطاع من رواتب وأجور الموظفين والعمال والمتقاعدين، ودخول أصحاب العمل والمواطنين لتغطية النقص في الموازنة، جنباً إلى جنب مضاعفة الإنتاج وخفض الاستهلاك وزيادة الصادرات. هذا هو التحدي ويجب أن نواجهه ونتغلب عليه، فما حك جلدك غير ظفرك.