أنا الدولة

مكرم أحمد الطراونة

الدولة قالت كلمتها النهائية، ووضعت حدا للانحراف وجنون العظمة الذي عاشه النائب المفصول خلال الأيام الماضية متسلحا بالغوغائية العمياء التي ما فتئت أن تختفي مع إصرار كافة المؤسسات على تطبيق سيادة القانون بحق كل من يعتقد أنه أكبر من الدولة، وأعلى شأنا منها.اضافة اعلان
كان قرارا لا بد وأن يتخذ بلا تردد أو تباطؤ أو تهاون، إذ لا يمكن التنازل عن حق الدولة، وقيادتها، ومؤسساتها ممن نالهم من النائب المفصول ما نالوا من تعد تجاوز المنطق ولم يترك للعقلاء مكانا للتفكير. كما أنه لا يمكن التنازل عن حق الشعب في الاستقرار والهدوء، خصوصا وأننا نستعد لانطلاقة جديدة بعد أن بدأت ماكينة الحياة تعود من جديد بعد تراجع حدة وباء كورونا.
في تاريخ الدولة الأردنية، لم تشهد المملكة التي تمتعت على مدار مائة عام بتماسك مجتمعها، وركائزه الأساسية من عشائر وكافة الأصول والمنابت أن يخرج أحد أبنائها عن مسار الانتماء للوطن، وترابه، وقيادته، حتى جاء هذا المستعرض وهم قواه، المتسلح ببعض ممن حوله، من أشباهه في الفكر والمعتقد والغرور، ليشكل منعطفا وجب التعامل معه بالقانون، في سبيل وضع حد لمهزلة عاشها الأردنيون لأيام عدة شاهدنا فيها فيديوهات نطقت بما لا ينطقه عاقل، أو يبوح به ذو رأي سديد.
المساس بأمن الدولة، وتهديد السلم المجتمعي، والتطاول على قيادتها بصورة يرفضها الشعب الأردني، هو تجاوز لكل الخطوط الحمراء، التي اتفق الجميع على أنها بوصلة استقرار الدولة، وديمومتها، وتطورها، وهي دولة لم تقم بحد السيف كما يسعى هذا الشخص، ولا عبر البحث عن الشهادة إلا عند أسوار القدس الشريف، أو في ساحة القتال مع الإرهاب والإرهابيين، والمجرمين، فلا يرفع الأردني السيف، أو البندقية في وجه أخيه، ولا يهدده بقطع الرأس.
لا يمكن وصف الحالة التي وصل إليها النائب المفصول وهو يتحدث عن الملك بصريح العبارة عن رغبته في إطلاق الرصاص بين عيني جلالته، وكأنه عدوه، أو بينه وبين مليكه ثأر. أي جنون هذا الذي شغل الرأي العام الأردني لأيام، وكسب للأسف تعاطف البعض ممن اعتقدوا في البداية أنه مشروع رمز، وبطل، وملهم ومخلص، وضامن لهم حياة الرغد والرفاه.
"أنا الدولة التي ليس فوقها أحد"، جملة تبوح بها اليوم كافة مكونات الأردن، الذي رغم التحديات التي واجهته والصعوبات التي عانى منها على مدار تاريخه، إلا أنه لم يهزه أي عاق من أبنائه. إنها الدولة بشعبها وقيادتها، التي طالما كانت منارة أمن واستقرار، حيث لا يمكن أن تؤثر بها الضوضاء، وصخب الصوت.
اليوم القصة تضع أوزارها، بسوئها وقبحها، وحماقة شخوصها، ومجلس النواب قال كلمته أمس، ومن بعده حتما سيكون القضاء صاحب الفصل الأخير من هذا الكابوس، حيث محاسبة أصحاب الفكر الإقصائي، ممن تغنوا بحد السيف وقطع الرؤوس، وصعود أكتاف زمرة آخرين، وغرتهم أصوات نشاز على مواقع التواصل الاجتماعي. حتما سيدفعون ثمن تخريبهم.