أنت مغامر... إذن أنت حر

يعدُّ قيام وتطوير إعلام حر وتعددي أمرا حيويا لتقدم أي مجتمع مدني، وهو محفز رئيسي للتغيير. لذا علينا دائما العمل على تقييم وتطوير واقعنا بما يتناسب وأجندة الإصلاح في الأردن التي تدعو إلى ترسيخ قيم الحداثة والتسامح والانفتاح واحترام التنوع في المجتمع. وقد أكد جلالة الملك مرارا على أهمية إيجاد قطاع إعلامي مستقل ومهني، مع الالتزام بتعزيز حرية الصحافة وتقويتها من دون الإخلال بشرط الحفاظ على المصداقية. لقد دخل الأردن مرحلة جديدة ومهمة، وأنا فخور بكوني جزءاً من هذا التحول الإيجابي، وأعتقد أن كثيرين مثلي يمتلكون العزم والتصميم والإبداع والمعرفة لرفع مستوى الإعلام وسويته، مع التأكيد على احترام تقاليدنا وقيمنا المشتركة وواجباتنا الاجتماعية. وأعتقد، قبل كل شيء، أن الإعلام الحر حق وليس امتيازا. لن أقوم بتجميل واقع الإعلام في هذا الجزء من العالم، ولكن العقبة الكبرى في طريقنا نحو التغيير في هذا الوقت هي "نحن"، فعقولنا ما تزال محاصرة بمحددات قديمة من الحقب الماضية. وإذا كانت هذه المحددات قد فرضت علينا في السابق، فإننا الآن نفرضها ذاتيا على أنفسنا. نستطيع الآن الاستفادة من الفرص المتاحة أمامنا في سبيل تقديم إعلام بمستوى عال من الكفاءة والمصداقية. ولنحقق ذلك، علينا بتحرير أنفسنا من الرقابة الذاتية من أجل التقدم إلى الأمام. ورغم الاختلافات الثقافية، يجب علينا كإعلاميين التفاعل بعقول مفتوحة، والإضافة إلى خبراتنا بالتعلم ممن سبقونا. وعلينا كذلك أن نؤسس وندرب ونهيئ الساحة الإعلامية لكي يلتحق بنا الآخرون. وفي هذا السياق، أعتقد أن قرار الحكومة إلغاءَ المجلس الأعلى للإعلام يحمل في طياته جانبا إيجابيا وآخر سلبيا، فالقرار جاء لإيجاد مرجعية واحدة للإعلام الرسمي والعام بدلاً من تعدد المرجعيات الذي يؤدي بالنهاية إلى حالة من التخبط والفوضى في الرؤية الإعلامية. أما الجانب السلبي من القرار فهو أن المجلس الأعلى للإعلام يعتبر أكثر مرونة من حيث إقرار التشريعات وصياغتها في سبيل تحسين مستوى الحريات الإعلامية. لا بأس بالتغيير، لذا دعونا لا نخاف منه، فالتغيير مغامرة، وهنا يحضرني قول قديم بأن أعظم مجازفة في الحياة هي أن لا تغامر في شيء، فالذي يغامر فقط هو الإنسان الحر. ومن هنا، لا بد لنا أن ندعو الحكومة إلى تحمل المسؤولية والالتزام بتوصيات جلالة الملك الأخيرة خلال لقائه رؤساء تحرير بعض الصحف اليومية، والتأكيد على أن "توقيف الصحافيين في قضايا النشر لن يتكرر في الأردن،" والتشديد على مساندته لكل الجهود المستهدفِة تطويرَ الأداء الصحافي المهني المستقل والمحترف ودعم جلالته برامج تدريب الصحافيين. كما يتعين أن ندعو نقابة الصحفيين إلى المبادرة لتقديم مقترحات حول الخطوات القانونية والإجرائية التي يمكن اتخاذها لإيجاد بيئة أكثر ملاءمة للعمل الإعلامي المستقل المحترف. مرة أخرى، كلنا تفاؤل، فجمهورنا، مشاهدين ومستمعين وقراء، في كل أنحاء العالم يبحثون عن إعلام أفضل، ولديهم الخيار. وبالنسبة لنا فإننا في حاجة إلى بناء حالة إعلامية تعكس كل ما يتوجب أن يتوافر في الإعلام من عناصر التكامل، والمسؤولية، والمصداقية وذلك من خلال تطبيق القانون الذهبي للصحافة: الحقيقة مقدسة، والرأي حر. اضافة اعلان

[email protected]

المقال السابق للكاتب

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا