أنصفوهم!

تنتاب رنا نخلة، الثانية على المملكة في الفرع العلمي (حصلت على معدل 99.4 %)، حالة حزن وألم (وفقاً لموقع "جو 24")، لعدم تمكّنها من الحصول على مقعد تنافسي في كلية الطب، لأنّها لا تحمل الجنسية الأردنية، برغم أنها من أم أردنية وأب لبناني؛ فوفقاً للقانون لا تستطيع الأم الأردنية إعطاء الجنسية لأبنائها، بخلاف الأب.اضافة اعلان
البديل لدى أسرة رنا هو أن تدرس الطب وفقاً للنظام الدولي في الجامعات، ما يرفع الكلفة إلى ثلاثة أضعاف، بخلاف الموازي الذي لا تتجاوز رسومه ضعف الساعة العادية، وهو فرق كبير بالنسبة لأهل رنا، لا يقدرون على توفيره، حالهم كآلاف الأسر الأردنية التي تجد صعوبات بالغة في تأمين أقساط التعليم العادية، فكيف بالموازي،  فضلاً عن الدولي!
بالضرورة، قصة رنا أخذت مدى واسعاً لتفوقها وتميزها في الثانوية العامة، لكنها ليست الوحيدة؛ فهنالك حالات عديدة شبيهة بها لأبناء الأردنيات الذين يقيمون في الأردن، وقدّموا امتحان الثانوية العامة الأردنية.
خلال الأشهر الماضية، نشطت الأمهات الأردنيات المتزوجات من أجانب في المطالبة بتعديل القانون ليتمكنّ من منح الجنسية لأبنائهن. وواجهت هذه الدعوى رفضاً رسمياً وتياراً يقف ضدها، يتحدث عن خطورة منح الجنسية لآلاف من أمهات أردنيات وآباء فلسطينيين، ما يفتح الباب أمام عملية تجنيس واسعة، وفقاً للتيار المعارض.
بالرغم من حجم هذه المشكلة وأهميتها وحساسيتها، في الوقت نفسه، إلاّ أننّا لا نملك -إلى الآن- أرقاما رسمية دقيقة معلنة عن عدد الأردنيات المتزوجات من فلسطينيين؛ فالأرقام المسرّبة من المؤسسات الرسمية تتحدث عن أعداد تصل إلى ما يزيد على مائة وخمسين ألفا، نسبة منهن يعشن في الضفة الغربية.
أمام هذه الضبابية التي لا تمكّننا من تحديد حجم القضية، والواقع الاستثنائي الأردني الذي تتركّب فيه أسئلة المواطنة مع وقائع اجتماعية وسياسية وإقليمية متداخلة! فلا أقل من أن يتم التعامل مع هذه الشريحة بروح من العدالة والإنصاف المدني والإنساني، في مجالات التعليم والصحة والخدمات.. إلخ.
تخفيف المعاناة عن هذه الشريحة في مسألة القبول الجامعي وأقساطه متاح وسهل، بأن يتم معاملة أبناء الأردنيات كالأردنيين، في القبول والأقساط الجامعية، ما يخفف عنهم عبئاً مالياً كبيراً من جهة، ويشجّع أعدادا منهم على الدراسة في الجامعات هنا، بعد أن تتراجع كلفة الدراسة مقارنةً بالخارج.
الحل نفسه يمكن تطبيقه على شريحة أخرى كبيرة من الطلبة ممن يواجهون المشكلة نفسها، كما أخبرني الصديق والناشط خالد رمضان، وهم من يحملون جوازات سفر أردنية بلا أرقام وطنية.
أحد هؤلاء الطلبة حاصل على معدل 86.7 % في الفرع العلمي، ومعه جواز سفر أردني بلا رقم وطني (يحمل البطاقة الخضراء)، فيضطر للدراسة وفقا للنظام الدولي، لا الموازي.
المفارقة التي يشير إليها رمضان، أنّ الفلسطيني المقيم في الضفة الغربية يستطيع الدراسة في الأردن على النظام الموازي، وفقاً لاتفاقية بين الأردن والسلطة الفلسطينية، يتم من خلالها اعتماد كشوفات الطلبة التي تقدمها السفارة الفلسطينية، ليتمكنوا من الدراسة بحسب النظام الموازي، وليس الدولي، بينما من يملك جواز سفر أردنيا بلا رقم وطني، لا يستطيع الدراسة إلاّ عبر النظام الدولي، إذا لم يدرج اسمه في القائمة!
بعيداً عن الجدل السياسي، فخطيئة كبيرة تقع عندما نترك الشعور بـ"فجوة العدالة" ينخر لدى شريحة واسعة، سواء من أبناء الأردنيات أو ممن يحملون جوازات سفر أردنية بلا أرقام وطنية. فإذا كانت هنالك مشكلة في الحقوق السياسية، فعلينا حماية حقوقهم المدنية وتسهيل حياتهم لا تعقيدها، وهو بالمناسبة أحد البنود الرئيسة في ديباجة لجنة الحوار الوطني، إلى أن يفرّج الله عن الجميع!

[email protected]