أهلا وسهلا في فلسطين

لا تهتم إسرائيل كثيرا بأي موقف دولي؛ إذ هي اختبرت الهيئات الدولية وعدم قدرتها على فرض أي شيء على دولة الاحتلال، أو ثنيها عن اتخاذ قرارات تتعارض مع شرعة حقوق الإنسان الدولية أو القانون الدولي. فإسرائيل تتخذ قراراتها وفق مصلحتها، ولا تكثرث بأي شيء آخر. ولذلك، فهي تواصل سياستها العدوانية تجاه فلسطين والشعب الفلسطيني، لأنها تعرف أن أي رد فعل دولي على عدوانيتها لن يكون حاسما، وإنما سيُتخذ فقط لذر الرماد في العيون، ولن يجبرها على شيء.اضافة اعلان
وفي هذا السياق، فإن إسرائيل رفضت السماح لمئة ناشط ومتضامن أوروبي وأميركي مع الشعب الفلسطيني بدخول الضفة الغربية ضمن حملة "أهلا بكم في فلسطين". ولم تبرر إسرائيل رفضها، فهي لا تحتاج إلى ذلك، فدول هؤلاء النشطاء تتفهم دائما الموقف الإسرائيلي مهما كان حجم ومستوى عدوانيته، وعدم توافقه مع القانون الدولي والعلاقات الدبلوماسية الدولية.
سلطات الاحتلال رفضت سابقا السماح لهؤلاء النشطاء والمتضامنين الدخول إلى الضفة الغربية عن طريق مطار اللد "بن غوريون"، وطلبت منهم في حال أصروا على دخول الضفة الغربية الذهاب إلى الأردن، والدخول عن طريق جسر الملك حسين، وهذا ما حصل، ولكنها رفضت السماح لهم بالدخول بدون أي سبب. ولكن السبب واضح؛ فهؤلاء المتضامنون الأوروبيون والأميركيون يرفضون سياسة الاحتلال الإسرائيلي، ويقومون بحملات لدعم صمود الشعب الفلسطيني ودولته. وهم بحملاتهم هذه يسلطون الضوء على القضية الفلسطينية، والتعامل العدواني الإسرائيلي مع الفلسطينيين. النشطاء والمتضامنون يقولون: لا لسياسة الفصل العنصري الإسرائيلية، ويقولون: لا للممارسات العدوانية وغير الإنسانية الإسرائيلية، ويؤكدون بحملاتهم التضامنية أن فلسطين دولة رغما عن أنف الاحتلال.
المتضامنون الفرنسيون والإسبان والبريطانيون والأميركيون الذين تتشكل منهم حملة "أهلا بكم في فلسطين"، يهدفون من حملتهم إلى تقديم أدوات مدرسية للأطفال قبل الدخول إلى المدارس، والمطالبة بحق حرية التجول داخل فلسطين وإليها. وهم بذلك لا يخالفون القانون الدولي أو الأعراف الدبلوماسية، وإنما يخالفون الاحتلال الذي لا يتوانى عن اتخاذ الإجراءات القمعية لمحاصرة فلسطين، والاعتداء على شعبها، وحرمانه من حقوقه الوطنية والإنسانية والقانونية.
من الجميل أن نرى مدى إصرار المتضامنين على الوصول إلى فلسطين؛ فهم أكدوا أنهم سيعيدون الكرة مرات، وفي أوقات أخرى، ومن مختلف المعابر والمطارات.
فعنجهية الاحتلال الإسرائيلي وعدوانيته، لن يمنعا المتضامنين من مواصلة حملاتهم، بل هما سيزيدانهم إصرارا، وسيمدانهم بالكثير من المتضامنين والنشطاء الأوروبيين والأميركيين الذين يرفضون الرضوخ لسياسة العدوان والأمر الواقع والفصل العنصري.
لا يستطيع الاحتلال، مهما بلغ من جبروت، منع العالم من التضامن مع الشعب الفلسطيني. ومن المؤكد أنه مع تزايد الإجراءات التهويدية والقمعية والعنصرية الإسرائيلية، أن تتزايد وتتكثف حملات التضامن، وأن تتخذ أشكالا متنوعة حتى تبقى القضية الفلسطينية حية، وحتى لا يتفرد الاحتلال بالشعب الأعزل.
وبالتزامن مع حملات التضامن الدولية، من المناسب أن تتكثف حملات التضامن المحلية مع الشعب الفلسطيني، وأن تتوسع. كما أن من المناسب أن تشتد وتتواصل حملات رفض الاستيطان والتهويد في هذه المرحلة التي تخطط فيها إسرائيل لزرع المزيد من المستوطنات، وتهويد المقدسات الإسلامية والمسيحية.

[email protected]