أهلا وسهلا يا سيد أردوغان

هآرتس

يوئيل ماركوس  8/6/2010

لو أراد رجب طيب أردوغان زيارة غزة وأن يحضر معه حتى باقة كزبرة، مما لا يجوز استيراده لسبب ما، لقلت له باسم أعضاء حماس وسكان غزة: أهلا وسهلا. لست أعلم هل مصر التي تفرض حصارا على غزة أو السلطة الفلسطينية التي رمي أعضاؤها من الأسطح على أيدي أفراد حماس، تستقبلان زيارة كهذه بأذرع مفتوحة، لكن فيما يتعلق بنا ليس الأمر في مقدمة اهتمامنا.

اضافة اعلان

فنحن لسنا في غزة البتة. كلفنا هدم البيوت والكنس في غوش قطيف ونقل المقابر ودفع تعويضات للمستوطنين نحو 10 بلايين شيكل. وتركنا غزة قبل نحو خمس سنين، في أيام حكومة اريل شارون بغير شروط مسبقة (وهذا أكثر كثيرا مما يمكن قوله عن تركيا ولواء الاسكندرونة).

لكن بدل تطوير المنطقة المخلاة لتصبح سياحة رائعة، جعلتها حماس قاعدة لاطلاق صواريخ القسام. فقد أطلقوا الصواريخ مدة سنين على بلدات مدنية إسرائيلية وفرضوا عليها الإرهاب. لو أن أردوغان كان يساعد على الأقل في إعمار غزة ويقنع قادتها بعدم اطلاق صواريخ قسام على إسرائيل لأسهم في التهدئة وفي السلام أيضا. لكننا ما نزال نسيطر على غزة في نظر الاسلام المتطرف وفي نظر أنفسنا أحيانا.

إن مشكلة إسرائيل هي وضعها المتدهور في الوعي الدولي، بسبب ضعفها وعدم وقدرتها على القيام بتنازلات جدية. إن الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو وايهود باراك وأفيغدور ليبرمان وايلي يشاي، لا تبدو قادرة على التوصل إلى تسوية تقوم على تنازل عن أراض، وهي بعيدة جدا عن القدرة على رسم الحدود الدائمة بين الدولتين. إن أحداث الأسطول البحري، والعداوة التي نشبت على آثارها في جميع أطراف العالم موجهة إلى إسرائيل، ما كانت لتحدث لو كنا نتفاوض مع القادة الفلسطينيين. بدل ذلك نفرض حصارا، ونطرد مدنيين ذوي صيت ونجعل فرق روك شهيرة تلغي زياراتها هنا وكأننا برص. وهذا يذكر قليلا بجنوب افريقيا في أيام حكومة الفصل العنصري.

عندما يظهر القادة ضعفاء يبدون مثل قطيع شياه يدعو الذئاب إلى افتراسها. وهكذا نسقط ضحية جميع أنواع المنظمات المختلفة العجيبة، ونقع في هفوات ما كان يجب أن نقع فيها، والحمد لله أن الولايات المتحدة، برغم خيبة أملها فينا، لا تدعنا نقع في الهاوية، حتى الانتخابات المقبلة هناك، على الأقل.

تكاد تكون مشكلتنا دائما هي المشكلة نفسها: فنحن نعارض في البداية لجنة تحقيق، ونضطر آخر الأمر إلى الاستجابة في أسوأ الظروف. يجب ألا ننتظر يوما واحدا آخر للحيرة وهضم قرار تشكيل لجنة تحقيق دولية بمشاركة تركيا وإسرائيل والولايات المتحدة، تحقق في أمر الرحلة البحرية وظروف الأحداث الدامية فيها. تكاد الأشياء أن تكون معلومة. فصور جنودنا مضروبين ينزفون على متن "مرمرة"، التي نشرت في الصحيفة التركية "حريات"، دليل على من كان يترصد الآخر. كان لإسرائيل من جهة عسكرية في الحقيقة اخفاق استخباري. فجنود الوحدة البحرية لم يعلموا سلفا بأن في انتظارهم زعران يحملون سكاكين ومناشير وهراوى وجميع الأسلحة الباردة الأخرى التي يمكن أن تخطر بالبال والتي يمكن أن تقتل.

إن سؤال هل الحصار على غزة قانوني أم لا هو سؤال في حد ذاته. لكن يصعب أن نصدق أن جميع أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية لم تعلم بأن هذه الجماعة من الإرهابيين تترصد جنودنا على متن "مرمرة". يجب على حكومة تركيا أيضا أن تفسر كيف كانت على متن هذه السفينة وحدها، جماعة عنيفة كهذه؟

السؤال الذي يجب أن نسأله في هذا الوقت هو كيف حدث أن بلغنا وضعا ينقضون علينا في كل فرصة شرعية وينددون بنا. يجب على إسرائيل أن تصوغ من جديد حكومتها، بحيث يكون فيها كثرة تطمح إلى أن تبدأ آخر الأمر محادثات جدية مع الفلسطينيين. فبغير تسوية مع حدود دائمة، وبغير تسوية مع سورية وبغير إعادة العلاقات الاستراتيجية بتركيا وبالأوروبيين إلى ما كانت عليه، ندخل قائمة الدول البرصاء.