أهمية تعريف "فوبيا الإسلام" في المملكة المتحدة

3hmbgxi5
3hmbgxi5
عقيل أحمد* - (ذا أراب ويكلي) 2/12/2018 ترجمة: علاء الدين أبو زينة من المثير للقلق أن نحو نصف الذين شملهم استطلاع حديث أجري في بريطانيا يشعرون بأن من الصعب أن تكون مسلماً اليوم في المملكة المتحدة، وبأن بريطانيا تصبح أقل تسامحاً تجاه المسلمين. * * * ثمة مثل إنجليزي قديم يقول: إنك تنتظر عصوراً قدوم حافلة، ثم تأتيك ثلاث حافلات في الوقت نفسه. وفي الفترة الأخيرة، كانت التقارير والمسوحات التي صدرت في بريطانيا حول رهاب الإسلام تشبه قليلاً هذه الحافلات. في الأسابيع القليلة الماضية، حرك تقريران ما كان يُعد دائماً نقاشاً مثيراً للانقسام. وطرح التقريران أسئلة جدية حول تنامي مظاهر الكراهية المناهضة للمسلمين. وفي 27 تشرين الثاني (نوفمبر)، أصدرت مجموعة من أعضاء البرلمان البريطاني الذين ينتمون إلى طائفة من الأحزاب تقريراً عن تنامي ظاهرة رهاب الإسلامي في الممكلة المتحدة. وليس في ذلك ما هو غير اعتيادي، سوى أنه قام بتعريف "فوبيا الإسلام". قال التقرير: "رهاب الإسلام يتجذر في العنصرية، وهو نوع من العنصرية التي تستهدف التعبيرات عن الإسلام أو الإسلام المتصوَّر". وهذا التعريف مهم. فهو يضع جذور رهاب الإسلام في إطار العنصرية بدلاً من أن يتركه عائماً كما كان حاله على مدى السنوات القليلة الماضية. وقد أفضى هذا التعويم إلى إثارة نقاش لم يوافق فيه الكثيرون من اليمين السياسي على المفهوم. وأدى ذلك إلى توجيه اتهامات بأن المسلمين قد اخترعوا هذه الكلمة من أجل خنق الانتقاد "المشروع" لدينهم أو لتصرفات نظرائهم في الدين. مع ازدياد الهجمات ضد المسلمين في العديد من الدول الغربية، سواء كان ذلك بالمواد المطبوعة أو بالاعتداءات الجسدية في الشارع، كانت المحاولات للتقليل من شأن ما يحدث تثير إحباط الكثير من المسلمين. وقد تساءلوا عن السبب في أن المجموعات الأخرى يمكن أن تتلقى الحماية، وإنما ليس المسلمين عندما تكون محاولة عنيفة لنزع حجاب امرأة في الشارع هجوماً على كينونتها بوضوح أكثر من كونها نوعاً من الانتقاد المشروع للدين الإسلامي. قضت المجموعة البرلمانية المكونة من مختلف الأحزاب البريطانية أشهراً وهي تتحدث إلى الناس وتجمع البيانات حول تنامي الهجمات الجسدية ضد المسلمين. ومن المؤسف أن هذا الصعود هو اتجاه عالمي. إننا نستطيع أن نقيم حواراً حول غضب غير المسلمين المتصل بالإرهاب أو بالهجرة، لكن الصعود في عدد الهجمات التي تُشن ضد المسلمين يجب أن يثير السؤال الآتي: كيف تتم تغذية هذا الغضب وتوجيهه؟ كان هذا هو المكان الذي قصده مسح أخير أجرته منظمة Mend الإسلامية. وفي المسح، تم استطلاع آراء أكثر من 2.000 من أفراد الجمهور البريطاني عن رهاب الإسلام، وينبغي أن تصيبنا إجاباتهم بالقلق جميعاً إزاء الاتجاه الذي تذهب إليه الكثير من المجتمعات. على نحو مقلق، قال أقل قليلاً فقط من نصف المستطلعة آراؤهم إنهم يشعرون إن من الصعب أن تكون مسلماً اليوم، وأن تصبح بريطانيا أقل تسامحاً تجاه المسلمين. وهناك الكثيرون الذين يلقون باللوم عن ذلك على الخطاب الذي ينطوي على كراهية متزايدة للإسلام، والذي يصدر عن الساسة القوميين وعن إعلام ينشر بانتظام قصصاً سلبية متصلة بالمسلمين. وقال استطلاع "ميند" أيضاً إن 60 في المائة من المستجيبين، وخاصة أولئك من الفئة العمرية بين 18 و34 عاماً، يلقون باللائمة على وسائل الإعلام في تنامي رهاب الإسلام. وكان هذا ذات مرة رأياً هامشياً، لكن جيل الألفية لا بد أنه يرى الفيض المستمر من القصص المعادية للمسلمين في صحف بعينها. ولا بد أن هؤلاء الشباب يستنطقون هذه القصص أيضاً، لأن البريطانيين الشباب أكثر احتمالاً لأن يكونوا على اتصال مع المسلمين في العمل والمدرسة، ولا يميزون فيهم الكثير مما يقرأونه. مع ذلك، بالنسبة لي، فإن الشيء الأكثر جدارة بالاهتمام في نتائج المسح كان الجزء الذي يتصل بهوس الإعلام بالمسلمين. ويشكل عدد المسلمين في المملكة المتحدة نسبة تدور حول 5 في المائة فقط من السكان، ومع ذلك قال أكثر من 20 في المائة من المستجيبين للاستطلاع إنهم يعتقود أن المسلمين يشكلون نحو 20 في المائة من سكان المملكة المتحدة. وكان استنتاجي أن هوس الإعلام بالمسلمين يعني أن هناك الكثيرين الذين يعتقدون بأن المسلمين يوجدون في كل مكان. بطبيعة الحال، ربما يعتقد البعض بأنني بصدد استخدام هذه البيانات لتعزيز أجندة تخنق النقد المشروع، ولكن ماذا لو أنني لا أفعل؟ قبل بعضة أسابيع، زرت معسكر اعتقال أوشفيتز-بيركيناو للمرة الأولى، وخضت حواراً مثيراً للاهتمام مع طالب بولندي شاب يدعى جاكوب. وقد استنطق الشاب خطاب الساسة في وطنه عن المهاجرين والمسلمين وسأل عن المكان الذين يريدون لهذا أن ينتهي إليه. واقترح أن أولئك الذين يستخدمون خطاب الكراهية المطبوع يحتاجون إلى زيارة هذا المعسكر لكي يروا إلى أين يمكن أن يفضي هذا. ربما يشعر البعض بأن هذه مبالغة. ولكن، حتى تُحدِث الكراهية القفزة إلى شيء مفزع جداً على هذا النحو، فإنها ينبغي أن تبدأ في مكان ما. وينبغي أن تتم تغذية الناس بالكراهية بالوريد، وهو شيء سهل عندما تكون لدينا أمية معرفية في مختلف أنحاء العالم حول أديان ومعتقدات الآخرين. من الواضح أن جاكوب شعر بأن هذا أصبح يحدث مرة أخرى في فنائه الخلفي في بولندا. وهو السبب في أن وضع تعريف لفوبيا الإسلام مهم للغاية. إن رهاب الإسلام ليس شيئاً مختلقاً ولا هو يتعلق بخنق الانتقاد للإسلام. إنه شيء يتعلق بفهم حقيقة أن كراهية المسلمين هي شكل من أشكال العنصرية، والتي لا ينبغي أن يتم تناولها وتشريعها على هذا النحو فحسب، وإنما يجب أن تقود الناس إلى التساؤل عما هي بالضبط نقطة النهاية التي ستفضي إليها مثل هذه الكراهية. *الرئيس السابق لقسم الدين والأخلاق في هيئة الإذاعة البريطانية، وهو أستاذ الإعلام في جامعة بولتون ومستشار في الإعلام الرقمي والبث الإعلامي والقيادة. *نشر هذا المقال تحت عنوان: The importance of defining Islamophobia in the UK [email protected]اضافة اعلان