"أوامر من الإدارة"!

إذا صحت المعلومات بأن طرد الفنان الأردني حسن سبايلة من مبنى مؤسسة التلفزيون الأردني جاء على خلفية مقال نشره في بعض المواقع الإلكترونية يحتج فيه على سياسة إدارة التلفزيون في التعامل مع مسلسل "دبابيس زعل وخضرا" الذي يقدمه برفقة الفنانة رانيا إسماعيل، فإن مثل هذا الشعور يبعث على الأسى ويستحق الإدانة. ويُرى أن الخلاف بدأ بعد أن تعمدت إدارة التلفزيون عرض هذا المسلسل الأردني، الذي يتمتع بجماهيرية كبيرة، في أوقات لا تحظى بنسبة مشاهدة عالية لحجب بعض الحلقات التي لا تتناسب وسياسة المؤسسة.اضافة اعلان
لم يتقبل مدير عام مؤسسة الإذاعة والتلفزيون اعتراض سبايلة وإسماعيل اللذين سعيا لتوفير راع لمسلسلهما حتى يتسنى لهما عرضه على شاشة التلفزيون المحلي ولجمهور متعطش لعمل يحاكي همومهم وقضاياهم؛ لهذا تم منع سبايلة من دخول المؤسسة، وطرده من أمام البوابة، بعد تبليغه أنها "أوامر من الإدارة".هل هذا ما يستحقه الفنان الأردني في بلده، ومن المؤسسة (الأم)، مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التي يفترض فيها أن تكون راعية وحاضنة لإبداعاته؟  أم أن هذه المؤسسة أضحت تتفنن في إهانة الفنان والانتقام من منجزه؟
 أم أننا اعتدنا أن يكون الابداع محاربا في بلدنا، ويسعى بعضهم إلى تحجيم المواهب وتهميشها وذلها باعتبارها آخر أولويات الدولة؟ أم علينا أن نردد دائما النغمة ذاتها.. إلى متى سيبقى الفنان الأردني مظلوما ومسلوب الحقوق. وهل حقا أنه لا كرامة لنبي في وطنه؟
بإمكانات بسيطة حاول وما يزال يحاول الفنان الأردني أن يشق طريقه بنفسه، ويصر على اثبات موهبته وقدرته الابداعية في ترسيخ مكانته في الساحة المحلية وبين جمهوره، ومع ذلك يتم محاربته باستمرار وتقصد للتهبيط من عزائمه.
وللأسف فإن الفنان الأردني يلقى قبولا كبيرا في الدول المجاورة؛ ويجد مكانته الحقيقية والتقدير الكبير له ولموهبته في الخارج، ويتم الاحتفاء به وهو يخطو على السجادة الحمراء بنجوميته الباهرة في أغلب المهرجانات الدولية والعالمية، وبالمقابل لا يجد سوى التهميش في بلده الذي كان يجدر به أن يكون الحاضنة الأساسية التي تفتح له كافة الأبواب لدخول العالم.
أما الأعمال الأردنية المميزة والقيّمة والتي تتحدث عن فترات مهمة من تاريخ الأردن، وأنتجت بجهود خاصة، فكان لها هي الأخرى نصيبها من المحاربة والاستبعاد، والرفض المباشر من المؤسسة الأم بتقديمها على الشاشة، وفي الوقت ذاته تتهافت المحطات الفضائية العربية على شرائها وعرضها في شهر رمضان، لأنها تدرك أهمية العمل ونسبة المشاهدة العالية التي ستحظى بها تلك المسلسلات. أعتقد أن الجهات المعنية لم تدرك، بعد، أن رعاية الفن والإبداع يعكس بالضرورة تطور المجتمع والارتقاء به، ودليل واضح على الحضارة والوعي والتقدم.
سأعاود تكرار الأسئلة الموجعة التي طرحها الفنان حسن سبايلة في مقاله الذي نشره، علّ المعنيين يجدون أجوبة لها تشفي غليلنا..هل هذا هو جزاء الفنان الأردني الذي نحت الصخر كي يقدم  نفسه؟ هل هذا جزاء الفنان الأردني الذي قدم المواضيع التي تلامس همّ المواطن الأردني على المسرح والتلفزيون، ومارس حقه بالتعبير عن رأيه؟  هل هذا هو جزاء الفنان الأردني الذي أمر جلالة الملك عبدالله الثاني بدعمه ومساندته وعدم تقليص سقف الحريات وإعطائه الحرية الكافية كي يقدم رسائله للناس من دون شرط أو قيد ومن دون محسوبية؟
هي حفنة أسئلة نتمنى أن تجد الإجابة من إدارة التلفزيون ومن المعنيين في الحكومة.. أم أن "لا حياة لمن تنادي"!!

[email protected]