أوباما: فلسطين أولا

هارتس – الوف بن

تتواصل العلاقة بين القدس وواشنطن في الاسبوع الأخير من خلال الخطابات. فوزير الخارجية أفيغدور ليبرمان يصفي مسيرة انابوليس والرئيس باراك اوباما يعيد احياءها. ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يرفض قبول "حل الدولتين"، واوباما "يوضح" بان الولايات المتحدة تؤيده "بقوة" وانه يعتزم دفعه الى الامام بنفسه.

اضافة اعلان

ماذا يحصل هنا؟ من السهل ان نرى بان حكومة نتنياهو وادارة اوباما لم يطورا بعد قنوات اتصال سرية تسمح للطرفين بتنسيق سياستيهما والامتناع عن تصريحات تحرج الطرف الآخر. وقد كان الرد الذي خرج من مكتب رئيس الوزراء في القدس بعد خطاب اوباما، يرمي اساسا الى كسب الوقت "لغرض بلورة سياسة".

في خطابه في البرلمان التركي في انقرة، على خلفية الجدران البيضاء، نقل اوباما اربع رسائل لنتنياهو:

1. لا تضيع وقتي في محاولات الغاء "حل الدولتين" واستبداله برؤية جديدة، لا تتضمن دولة فلسطينية مستقلة الى جانب إسرائيل. وكان اليمين الإسرائيلي، الذي لم يتحمس ابدا للدولة الفلسطينية، أمل بأن تؤدي الاخفاقات المتكررة في المفاوضات على التسوية الدائمة إلى إخراج الفكرة من المسرح السياسي واستبدالها بحل اخر يسمح لإسرائيل بمواصلة السيطرة على الضفة الغربية. وقد أوضح أوباما أمس (الإثنين) بانه ملتزم بالصيغة التي قررها جورج بوش.

2. تبادل السلطة في إسرائيل لا يعفيها من الالتزامات التي اخذتها على عاتقها في عهد بوش، سواء في اعلان انابوليس أو وفي "خريطة الطريق": دولة فلسطينية مع تواصل اقليمي في الضفة وغزة، تجميد المستوطنات واخلاء بؤر استيطانية، مساعدة اقتصادية وامنية للسلطة الفلسطينية، ومفاوضات متواصلة على كل المسائل الرئيسة. وقد لاحظ الإسرائيليون بان ممثلي ادارة اوباما لا يذكرون مسيرة انابوليس، وفسروا الصمت كدفن مقصود لافكار بوش وكونداليزا رايس. وأعلن ليبرمان بان "خريطة الطريق" وحدها هي الملزمة، اما انابوليس فلا، كون الخريطة تشترط المفاوضات لتصفية منظمات الارهاب الفلسطينية. اما الرئيس فأعلن بان هذا التفسير غير مقبول من جانبه واعلان انابوليس حي وقائم.

3. كما ان القناة السورية شرعية، ولكنها اقل تفضيلا. وقد عارضت ادارة بوش بحزم المحادثات التي ادارها اولمرت مع السوريين، بوساطة تركيا. وشكر اوباما الاتراك على مساعدتهم ودورهم، ولكنه لم يعد بان تساعد أميركا التسوية الإسرائيلية السورية، خلافا للالتزام الذي طرحه عن المسار الفلسطيني. ويبدو أن ترتيب الأولويات لديه، مثل نتنياهو هو "فلسطين اولا".

4. مبادرة اوباما للحوار مع إيران ليست تسليما بقنبلة نووية إيرانية. فقد طلب الرئيس من إيران ان تختار بين "بناء السلاح وبناء مستقبل افضل". وفي خطابه في براغ يوم الاحد، والذي تكرس للسلاح النووي اقترح على الإيرانيين ان يواصلوا برنامجا نوويا مدنيا تحت اشراف دقيق – او ان يخاطروا بالعزلة، والتعرض للضغط الدولي، وخلق سباق تسلح نووي في المنطقة، ولكنه لم يتحدث عن عملية عسكرية، بل ولم يستخدم الصيغة الغامضة عن "كل الخيارات على الطاولة". سيتعين على نتنياهو ان يعمل بكد كي يقنع اوباما بان الخيار الحقيقي هو قصف المنشآت النووية – او قبول إيران في النادي النووي.

وفي خطابه في براغ اختبأت رسالتان اخريان لإسرائيل. فقد ذكر اوباما تل ابيب بين المدن المهددة بهجوم نووي، الى جانب نيويورك، موسكو، اسلام اباد، مومبي، باريس وبراغ – وحذر بأن حتى قنبلة واحدة تسقط على أي منها، ستقتل مئات الآلاف وتضعضع النظام العالمي بل والبقاء البشري.

الرسالة الثانية تتعلق بدعوة اوباما لتصفية السلاح النووي، والتي تعهد بها في الحملة الانتخابية. ومن بين الخطوات العملية التي ذكرها كانت بلورة ميثاق لوقف انتاج المواد المشعة، البلوتونيوم واليورانيوم المخصبين اللذين يمكنهما أن يستخدما في السلاح النووي.

قبل أكثر من عقد من الزمان، في الولاية السابقة لنتنياهو كادت هذه المبادرة تحدث أزمة بين القدس وواشنطن، ومنذئذ يبدو أن المحافل ذات الصلة في إسرائيل استوعبت الفكرة وفهمت بانها ستعود لتطرح من جديد. سيكون من المشوق ان نرى اذا كان اوباما سيبحث فيها في لقائه القريب مع رئيس الوزراء.