أوراق اعتماد الكباريتي

أغلب المسؤولين السابقين، ينتقدون أداء حكومة الرزاز، اقتصاديا، واذا كان البعض يعتقد أن في نقدهم، تصفية حسابات مع الحكومة، إلا أن هذا قد لا يكون صحيحا، كل مرة، ولا يعني عدم التوقف عندما يقولون، ولو من باب العبرة، أو تحليل الكلام.اضافة اعلان
آخر التصريحات في هذا الصدد، كان على لسان عبدالكريم الكباريتي، رئيس الحكومة الأسبق، البعيد سياسيا، منذ عشرين عاما، أو أقل قليلا، ولا يبدو أنه ينافس أحدا، أو يبحث عن شعبية، أو حتى يعيد التذكير بنفسه، أو أنه يصفي حسابا ما مع الحكومة الحالية، إذ لو كان كذلك لفعل شيئا آخر، غير الذي نراه هذه الأيام، ومنطوقه غائب، إلا في حالات نادرة على مدى العشرين عاما الفائتة.
يقول الكباريتي إن الاستجابة للوضع الاقتصادي وتحدياته، تتسم بالرخاوة، وإن المراهنة على معالجة الانسداد الاقتصادي، عبر بوابتي العراق وسورية، لم تنجح، كون العلاقة مع العراق مرتبطة بتأثيرات إيران في العراق، ولكون العلاقة مع سورية، أيضا، محكومة بعوامل كثيرة، مشيرا إلى استحالة الاستمرار بالوضع الحالي، خصوصا، أن الأردن لا يريد أن يدخل موجة ربيع عربي ثانية.
كلام الكباريتي هنا، يتردد أيضا، على ألسن مسؤولين سياسيين واقتصاديين، سابقين، وإن كانت أهميته تأتي اليوم، على لسان رئيس وزراء سابق.
في تحليل النص، إشارات تحذيرية ضمنية، تقول إن استمرار الوضع الاقتصادي بذات الطريقة، دون معالجات قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.
استعصاء الوضع الاقتصادي، وعدم قدرة الحكومة الحالية، ولا حتى سابقاتها، من تقديم أي حلول جذرية، امر واضح، بل لعل المفارقة التي لم يقلها رئيس الحكومة الأسبق، إن الحكومة الحالية، واغلب من سبقها، كانوا السبب في حالة الانجماد الاقتصادي، وحالة التراجع على مستوى القطاع الخاص، في ظل حكومات تبحث عن المال، بأي طريقة، حتى لو أدى ذلك إلى إيذاء القطاع الخاص، وحالة التدهور والاغلاقات التي نلمسها، في كل أنواع النشاطات الاقتصادية في البلد.
بهذا المعنى، لا يمكن للحكومات التي تتسبب بهذه التراجعات ان تكون مصدرا للحل أساسا، ونحن هنا، نستجير بسبب المشكلة، حتى يحل المشكلة، وهذا أمر مستحيل.
الإشارات الثانية في تصريحات الكباريتي، حول العلاقات مع العراق وسورية، أيضا، ليست غريبة، فالكل يدرك تعقيدات العلاقة الإيرانية العراقية، وتركها أثرا ولو جزئيا على العلاقات الأردنية العراقية، برغم الإشارات الإيجابية من جانب بغداد، فيما العلاقات مع السوريين، لا تبدو مبشرة أساسا، بعد الإجراءات السيئة التي اتخذتها دمشق ضد التجارة الأردنية، ورد الأردن بمنع مئات السلع السورية من دخول الأردن، فوق الامر الذي لم يقله الكباريتي، بشأن السوريين، أي ارتباط معادلتهم أيضا بطهران، و ما يريدونه من الأردن أيضا، وكأننا في الحالتين العراقية والسورية، امام اشتراطات إيرانية، معلنة أو خفية، وهي اشتراطات لا يمكن تجنبها.
في كل الأحوال، تشخيص الكباريتي، للأزمة يأتي أيضا من رجل اقتصادي، وهو تشخيص سبق أن قاله سياسيون واقتصاديون، رسميون ومن القطاع الخاص، لكن لا أحد في العموم يقدم حلا من أجل ان تطبقه الحكومة الحالية، أو أي حكومة، إذ إن ميزة تشخيص الأزمة، على أهميتها، لم تعد كافية، لأن الكل يبحث عن حزمة حلول، ولا تتوفر عند أحد، مع تعمق أزمة دين الخزينة، وديون المواطنين، وتجفيف أموال المساعدات، فوق الظرف الإقليمي، وسوء إدارة المال والموارد، على الصعيد الداخلي، وتفشي الفساد، وزيادة الأعباء على القطاع الخاص.
نريد من الكباريتي، وغيره، أن يخرجوا علينا، بحزمة حلول مقترحة، أو على الأقل يقدموها لمن يهمه، ونحن هنا، لا نفترض أن الكباريتي، يجدد أوراق اعتماده لعله يعود رئيسا للحكومة كما يظن بعض من قرأ تصريحاته، وإن كان جديرا بالموقع، بل نفترض فقط، إنه يشخص المشكلة، بذهنية اقتصادي خبير، ونود بكل صدق، لو نتوقف جميعا، عن تشخيص الأزمة، وندخل معا، مرحلة وضع الحلول، لما نواجه في هذا البلد، فقد تعبنا من شرح الأزمات، وتعبنا بحثا عن الحلول.