أوراق "بارادايس" تكشف النقاب عن دور التمويل الخارجي في آسياد

ترجمة: ينال أبو زينة

في الخامس من أيار (مايو) من العام الحالي، عندما كانت شوارع جاكرتا تزدحم بالدراجات النارية والسيارات الصاخبة، اجتمعت مجموعة من الصحفيين -القادمين من مختلف بقاع آسيا- في مقرات تيمبو، المجلة التاريخية وشريك "الاتحاد الدولي للصحفيين المحققين" في إندونيسيا.اضافة اعلان
وبعد غربلة قرابة 14 مليون ملف، والتي عرفت في وقت لاحق باسم أوراق "بارادايس"، تبادل الصحفيون الملاحظات وأفكار القصص الإخبارية حول الأسماء التي وجدوها في البيانات: المقربين من الدكتاتور الأندونيسي الراحل "سوهارتو"، وسليل الأسرة المالكة لشركة تجارة بالماس الهندي، ورجل الأعمال الماليزي المتورط بما وصف بـ"أكبر فضيحة فساد في آسيا".
وكان الاجتماع في غرفة أخبار تيمبو -وهي مساحة مفتوحة مشرقة مزينة بالكتابات على الجدران التي تتميز بها أيقونة مناصرة المرأة الأندونيسية "رادين أدجينغ كارتيني"- نقطة إنطلاق كثير من التحقيقات التي سادت عناوين الصحف بعد إطلاق أوراق "بارادايس".
وكانت التقارير التي نشرها شركاء "الاتحاد الدولي للصحفيين المحققين" في آسيا كشفت النقاب مرة أخرى عن استخدام الشركات القوية وعمالقة رجال الأعمال للتمويل الخارجي، وكيف كان ذلك يحرك اقتصاد المنطقة ويؤثر في جيوسياستها أيضاً.
وسلطت الملفات المستمدة من سجلات مالطة الضوء على ذراع نظام كوريا الشمالية الطويلة؛ وكانت السيدة الكورية الشمالية التي تدير متجراً للنظارات في بيونغ يانغ -وهو عمل تجاري أشاد به الرئيس الراحل كيم جونغ إل بوصفه "يقدم الرعاية الخاصة والمخلصة للجنود الكوريين الشماليين"- نفسها مديرة مشروع مشترك يتخذ من مالطا مقراً له مع شركة إنشاءات محلية.
ويغلب الظن أن الغرض الرئيسي من هذا المشروع هو الالتفاف حول العقوبات، وفقاً لخبير قابلته "نيوز ستابا"، وهي منظمة تحقيق إخباري تتخذ من سيؤول مقراً لها.
وذكرت "نيوز ستابا" أن شركة الغاز المملوكة لحكومة كوريا الشمالية أنشأت وحدة "برمودا" سراً لشراء حصص في شركة "هيونداي"، بغية مساعدتها على تمويل مشروع إنتاج غاز في اليمن، وذلك من أجل تجنب الازدواج الضريبي.
وفضح الموقع الإخباري أيضاً الصفقات الخارجية لأسرة شيو، الذين يديرون أكبر التكتلات الصناعية في البلاد، والذين أدين بعضهم مؤخراً بالاحتيال والتهرب الضريبي.
وأظهرت الوثائق المسربة أن أطباء من اليابان، ودول ست أخرى، تلقوا خيارات أسهم في شركة طبية مقرها سنغافورة، ما أثار التساؤلات حول السلوك غير الأخلاقي وتضارب المصالح، وفقاً لما ذكرته صحيفة "شيمبون".
وتوسط اسم مبتكر سلسلة "دراغون بول"، رسام "المانغا" الياباني أكيرا تورياما، أيضاً وثائق "بارادايس" لكونه مستثمرا في شركة عقارات أميركية "أغلقت الآن لأنها انتهكت الممارسات المحاسبية الاتحادية".
المليارديرات والأثرياء..
اتصل الملياردير الماليزي "تايك حهو لو"، المشتبه بأنه أسهم باختلاس مليارات الدولارات من صندوق الثروة السيادية للدولة، بـ"أبل باي" -إحدى شركات المحاماة التي تتوسط وثائق "بارادايس" المسربة- للاستفسار عن قضايا تسليم المجرمين، وفقا لموقع "ماليزيا كيني" الإخباري.
ولم يتضح بعد إذا ما أصبح "لو" عميلاً لشركة أبل بي لكنه ما يزال هارباً، بينما تستمر التحقيقات الدولية.
وكان للملياردير الصيني، جاك ما، مؤسس عملاقة التجارة الإلكترونية "علي بابا"، حصص مالية في إحدى الشركات الفرعية لمجموعة "شاريون بوكفاند"، وتكتل للأعمال الزراعية في تايلاند، وفقاً لتحقيق "إتش كيه 0 1".
وذكر الموقع الإخباري، أن استثمارات منظم الأعمال الصيني في الشركة المذكورة لم يتم الإبلاغ عنها من قبل.
وتعد الشركة التايلندية وشركاتها الفرعية في الخارج عملاء لشركة "أبل بي" التي تتخذ من برمودا مقراً لها، وفقاً لـ"إسرا نيوز".
وفضحت الوثائق السرية أيضاً المعاملات السرية المزعومة بين قطب هونغ كونغ "هوانغ يولونغ -زوج الممثلة المليارديرة "تشاو وي"- وشركة فرعية تتبع لشركة الكازينو والرحلات البحرية "جينتنغ".
وبحسب "إتش كيه 0 1"، اشتملت الصفقات قروضاً غير معلنة بملايين الدولارات، والتي استخدمت في تمويل عمليات هوانغ في منغوليا.
وقد تم حظر هوانغ وزوجته مؤخراً من أسواق أوراق الأسهم الصينية مدة 5 سنوات بسبب انتهاكات ذات صلة لم يتم التصريح بها.
القادة والسياسيون
ضمت الأسماء الأندونيسية، المشمولة في الوثائق، شخصيات سياسية بارزة مثل زعيم المعارضة والمرشح لانتخابات العام 2014 الرئاسية، سوبيانتو برابو، وولدين من أولاد الرئيس السابق، سوهارتو، الذي وصفته مؤسسة "تارنسبيرانسي إنترناشيونال" ذات مرة بأنه أكثر القادة فساداً في القرن الماضي. وفي أعقاب تكشف الحقائق، أعلنت الحكومة الأندونيسية عن إطلاق تحقيقات فاحصة في شؤون برابو وأولاد سوهارتو.
وكشفت الوثائق أن رئيس الوزراء الباكستاني السابق، شوكت عزيز، أوجد حساباً استئمانياً لعائلته قبل دخوله سلك السياسة عقب سنوات من الخدمة في القطاع المصرفي.
وقال محاميه إن عزيز وأقرباءه دفعوا جميع الضرائب التي فرضت عليهم الولايات المتحدة حيث تم تسجيل الحساب. وذكرت منصة الأخبار الباكستانية "ذا نيوز" أن كريم آغا خان -الزعيم البريطاني القومي والروحي لـ15 مليون شيعي إسماعيلي- كان يملك شركة في جزيرة مان تستخدم في "تمليك اليخوت".
وظهرت أسماء أكثر من 700 شركة وشخص هندي في الوثائق أيضاً. وكان بينهم زمرة من نجوم "بوليوود" وسياسيون ومديرون تنفيذيون، بمن فيهم "سيدهارث شامناث". وكان السيد شامناث أنشأ كيانات خارجية بالتعاون مع مقاول البناء والمهندس التركي بوراك باسليلار للاستثمار في قطاع الطاقة الهندي، وفقاً لصحيفة "إنديان إكسبرس". وتعترف سجلات "أبل بي" بأن باسليلار "راكم ثروته في ليبيا"، وقيل إنها تناهز تقريباً تلك التي كان يملكها الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي.
ورداً على "إنديان إكسبرس"، نفى شامناث ارتباط شريكه التجاري بالقذافي. وأعلنت وكالتان حكوميتان هنديتان أنهما ستحققان في الحالات المدرجة في وثائق "برادايس" للتأكد من وجود مخالفات أو انتهاكات.

"الاتحاد الدولي للصحفيين المحققين"
سيسيليا أليسي