أوساط روسية تتفق و‘‘تحذيرات‘‘ أميركية من ‘‘تفكك‘‘ سورية

مسلحون يقصفون مواقع للجيش السوري في حلب أول من أمس - (ا ف ب)
مسلحون يقصفون مواقع للجيش السوري في حلب أول من أمس - (ا ف ب)

عمان- الغد- تتفق تقديرات أوساط روسية مطلعة، مع تلك التي اطلقها مدير وكالة الاستخبارت الأميركية جون برينان مؤخرا حول "نهاية سورية كدولة موحدة"، متوقعة أن تنتهي معركة حلب المشتعلة حاليا، بدحر المسلحين ما يعني هزيمة المعارضة المتحالفة مع واشنطن، وانتصارا نهائيا لدمشق.اضافة اعلان
واعتبرت هذه الأوساط، وفق ما نشرت الصحافة الروسية أمس، أن هذا السيناريو، الذي سيؤكد الدور الرئيس لموسكو في تسوية الأزمة السورية، قد تكون له عواقب دولية تهدد بنشوب أزمة جديدة في العلاقات مع الولايات المتحدة والغرب. وقالت ان "من الواضح أنه ليس الـ10 آلاف مسلح المحاصرين في حلب جميعا من الإرهابيين. وفي حال رفضهم رمي السلاح والاستمرار في القتال، فستواجه روسيا مشكلة غير سهلة: وهي الشرح للشركاء الغربيين كيفية الربط بين العمليات القتالية وبين اتفاقية شباط (فبراير) لوقف إطلاق النار، التي توصل إليها الرئيسان بوتين وأوباما.
وترى الاوساط الروسية كذلك، انه في حال "انهيار مستوى التعاون الحالي" بين الولايات المتحدة وروسيا كما هددت واشنطن، فإن الجانب الأميركي يمكن أن يقدم الدعم للمعارضة السورية المسلحة في شمال سورية (ما يسمى فيدرالية شمال سوريا المحاذية لتركيا). وتخلص الى "هذا عمليا يعني تقسيم سورية إلى مناطق نفوذ ونهايتها كدولة موحدة. وهذا ما حذر منه رئيس وكالة الاستخبارات الأميركية جون برينان نهاية الأسبوع المنصرم، عندما قال في كلمته في "منتدى آسبن الأمني" في ولاية كولورادو: "أنا لا أعلم هل سنتمكن من توحيد سورية من جديد؟".
لكن الاوساط الروسية اياها، اعتبرت ان الولايات المتحدة تسعى الى خلط الاوراق مجددا لتمييع مفهوم "المعارضة المعتدلة" و"الإرهابية"، وذلك ردا على إلحاح موسكو بعزل هذه المجموعات المسلحة عن بعضها خصوصا وأنها متداخلة في مناطق النفوذ والسيطرة.
وترى هذه الأوساط، حسبما تنشر الصحافة الروسية، ان واشنطن تسعى الى ادراج "جبهة النصرة" في قائمة "المعارضة المعتدلة"، غداة فك ارتباطها بـ"القاعدة"، مشيرة إلى أنها بهذا تسعى لأن تنزع عن نفسها صفة الإرهاب.
وتتهم هذه الاوساط الروسية، الولايات المتحدة بأنها تقف وراء فكرة تغيير اسم مجموعة "جبهة النصرة" إلى "جبهة فتح الشام" والتنصل من تنظيم "القاعدة" ليتسنى لواشنطن إدراجها في قائمة "المعارضة المعتدلة" في سورية.
وإذ ترى في تردد الولايات المتحدة في إنجاز شيء ملموس على صعيد تحديد هوية واسماء "الجماعات الارهابية" في سورية، تؤكد الاوساط الروسية، أن واشنطن ليست في منأى عن قرار "النصرة" بفك ارتباطها بتنظيم "القاعدة" وهي خطوة تسعى واشنطن من خلالها الى "خلط الاوراق" مجددا خصوصا في ظل الحصار الذي يفرضه الجيش السوري على المجموعات المسلحة في مدينة حلب، وقطعه لطرق الامداد التي تغذيها بالسلاح والعناصر.
لكن هل تستطيع الولايات المتحدة اعتبار "النصرة" تنظيما غير ارهابي متجاوزة سجلها الحافل بالجرائم التي تنافس تنظيم داعش في بشاعتها؟!
وزارة الخارجية الروسية، ترد على هذا التساؤل بما اورده موقعها الإلكتروني بهذا الشأن: "ليس هناك من حاجة لإثبات أن الإرهابيين يحاولون عبثا تغيير صورتهم؛ لأن "جبهة النصرة مهما غيرت اسمها، كانت وستبقى منظمة إرهابية خارجة على القانون، وليس لها هدف سوى إنشاء ما يسمى "دولة الخلافة" باستخدام وسائل وطرق وحشية وبربرية. لذلك سوف تستمر محاربتها بدعم من المجتمع الدولي إلى حين القضاء عليها تماما".
المستشرق ليونيد إيسايف في حديث أدلى به إلى "إيزفيستيا" مؤخرا قال إن "جبهة النصرة" لن تكتفي بتغيير اسمها والانفصال عن "القاعدة". فقد أعلن ممثلو "جبهة النصرة" قبل فترة عن استعدادهم لإنشاء تحالف مع "أحرار الشام" و"جيش الإسلام". وهذه خطوة منطقية للاختباء خلفهما. أي أنه عندما تبدأ روسيا بقصف "النصرة" التي غيرت صورتها، وتحالفت مع مجموعات أخرى، فإن الغرب وغيره من "المدافعين عن حقوق الإنسان" سيتهمون موسكو بمهاجمة "المعارضة المعتدلة".
يذكر أن "جبهة النصرة" أعلنت عن انفصالها عن تنظيم "القاعدة" وتغيير اسمها إلى "جبهة فتح الشام" يوم 28 تموز (يوليو) الماضي. وقد شكر زعيم التنظيم أبو محمد الجولاني قادة "القاعدة" "على تفهمهم ضرورة قطع ارتباطنا بهم".
ولم تظهر من جانب "القاعدة" أي اعتراضات على انفصال "النصرة". فقد قال زعيم التنظيم أيمن الظواهري لوكالة "رويترز": "يمكنكم أن تضحوا بالعلاقات التنظيمية والحزبية، إذا كانت تهدد وحدتكم وتكاتفكم".
و"جبهة النصرة" أُسست في سورية العام 2011، وأعلنت عن نفسها رسميا في شباط (فبراير) 2012، عندما نشرت شريط فيديو حول معارضتها للنظام ومحاربتها إياه. وقد حددت هدفها الرئيس بإطاحة نظام الأسد، وتأسيس إمارة إسلامية في سورية. وتدعم هذه المنظمة العديد من المجموعات المسلحة التي تعدُّها الولايات المتحدة "معتدلة".
وعلى صعيد حلب وجبهتها المشتعلة، ترى الأوساط الروسية، أن "نجاح العمليات العسكرية للقوات السورية، التي تكللت بمحاصرة الإرهابيين في حلب، قد تصبح ليس فقط نقطة تحول في الحرب، بل وستغير دور اللاعبين الخارجيين ومن ضمنهم روسيا تغييرا جذريا. فاستعادة القوات السورية سيطرتها على ثاني أكبر مدن سورية هو أكبر نصر للرئيس بشار الأسد في ساحات القتال؛ ولكن هذا السيناريو في الوقت نفسه قد يجعل مفاوضات السلام أمرا من دون معنى لدمشق؛ حيث سيصبح من الممكن إجراء هذه المفاوضات فقط على استسلام معارضي النظام".
وتوقعت هذه الأوساط، ان يثير استمرار المعارك أزمة جديدة في العلاقات بين روسيا والغرب. فقد حذر وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري من أنه إذا جرى اقتحام المدينة بعد العملية الإنسانية، فإن هذا "الاقتحام سيقوض تماما مستوى التعاون"، الذي توصلت إليه موسكو وواشنطن.
وقالت انه "إذا كان حلفاء واشنطن قلقون أيضا من هذه العملية، فإن رئيس وكالة الاستخبارات الأميركية جون برينان ذهب أبعد من ذلك، وشكك في إمكان أن تتجنب الدولة السورية التفكك".
وكانت الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل المعارضة المعتدلة، اعلنت معارضتها للعملية الإنسانية، وقالت: "يجب على العالم ألا يسمح لروسيا باقتحام المدينة تحت غطاء "الممرات الإنسانية". لأن هذه الممرات لم تنظم لتقديم المساعدات بل لتخيير السكان المدنيين بين الخروج والجوع".
أما موسكو، فتنفي هذه الاتهامات، إذ يقول دميتري بيسكوف السكرتير الصحفي للرئيس الروسي، انه لا يجوز اعتبار العملية الإنسانية "تحضيرا لاقتحام المدينة". وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قد زار باريس، وناقش هذه المسألة مع نظيره الفرنسي جان-مارك إيرولت؛ حيث أعلنا أن العملية الروسية قد تثير مشكلات، وتعوق استئناف المفاوضات برعاية الأمم المتحدة بين نظام الأسد والمعارضة. وقد حذر الوزير الفرنسي في رسالته إلى سيرغي لافروف وجون كيري، قائلا: "نحن ندعم تماما هدفكم في محاربة المجموعات الإرهابية في سوريا. ومع ذلك، يجب ألا تكون هذه المحاربة ذريعة لتوجيه ضربات إلى المدنيين والقضاء على كل من يعارض بشار الأسد". وبحسب رأيه، "سينال المجتمع الدولي خلال الأسابيع المقبلة فرصة للبرهنة على كفاءة وفعالية العملية السياسية التي بدأت في فيينا قبل نحو سنة". وإضافة إلى ذلك، تشير باريس إلى أنه بينما "يستمر تعنت النظام، فإن المعارضة قدمت مقترحات بناءة".
ميدانيا، أعلنت موسكو مقتل خمسة من جنودها أمس بعد اسقاط مروحيتهم بنيران اطلقت في محافظة ادلب شمال غرب سورية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان بثته وكالات الانباء الروسية ان مروحية عسكرية روسية تشارك في العملية "الانسانية" الجارية في مدينة حلب السورية وعلى متنها ضابطان وطاقم من ثلاثة افراد أسقطت أمس.