أول عملية اجلاء لمقاتلين معارضين من دمشق

حافلات تنقل مقاتلين معارضين من دمشق أمس-(ا ف ب)
حافلات تنقل مقاتلين معارضين من دمشق أمس-(ا ف ب)

دمشق- خرج مئات المقاتلين المعارضين والمدنيين أمس من حي برزة الواقع في شمال دمشق، في أول عملية اجلاء للفصائل المعارضة من العاصمة السورية منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من ستة أعوام.اضافة اعلان
وتزامنت عملية اجلاء السكان مع تأكيد وزير الخارجية السوري وليد المعلم رفض سورية انتشار أي قوات دولية مع انشاء "مناطق تخفيف التصعيد" في ثماني محافظات سورية، بموجب مذكرة وقعتها الخميس في استانا كل من روسيا وإيران الداعمتين لدمشق، وتركيا حليفة المعارضة.
وأفاد محافظ دمشق بحسب التلفزيون السوري الرسمي عن خروج 1022 شخصا، بينهم 568 مقاتلا معارضا بالإضافة إلى افراد من عائلاتهم في الدفعة الأولى من عملية الاجلاء في حي برزة.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن حافلات تقل المقاتلين وعائلاتهم ومدنيين راغبين في الخروج في طريقها إلى محافظة ادلب (شمال غرب)، التي يسيطر عليها تحالف فصائل إسلامية وإرهابية.
ومن المقرر وفق التلفزيون، أن "يستكمل خروج باقي المسلحين على مدى خمسة أيام" على أن "تبدأ تسوية اوضاع الراغبين في البقاء في الحي".
وتأتي عملية الاجلاء في إطار اتفاق تم التوصل اليه بين الحكومة السورية وأعيان في حي برزة، يقضي بخروج الراغبين من مقاتلي الفصائل المعارضة والمدنيين من الحي، وفق ما ذكر مصدر عسكري لفرانس برس أول من أمس.
وشاهد مصور لفرانس برس في حي برزة مقاتلين يحملون سلاحهم الخفيف ومدنيين ونساء وأطفال يقفون بالقرب من حقائبهم واكياسهم بانتظار الصعود في الحافلات التي اقلتهم لاحقا إلى ادلب.
وخلال مؤتمر صحفي في دمشق، اعتبر وزير الخارجية وليد المعلم أن المصالحات هي البديل عن العملية السياسية التي لم تفض إلى أي تقدم خلال ست سنوات من النزاع.
وقال المعلم "البديل الذي نسير به هو المصالحات الوطنية وسورية تمد يديها لكل من يرغب في تسوية وضعهم بمن فيهم حملة السلاح".
وأضاف "قد جرت مصالحات في مناطق عدة (...) واليوم بدأت مصالحة برزة ونأمل القابون تليها وهناك مخيم اليرموك الذي تجري حوارات بشأن تحقيق اخلائه من المسلحين".
وتسيطر القوات الحكومية على كامل دمشق باستثناء ست مناطق، تسيطر فصائل معارضة وإسلامية مع جبهة فتح الشام (النصرة سابقا) على خمسة منها، فيما تسيطر الاخيرة وكذلك "داعش" على اجزاء من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق.
وشهد حي برزة معارك عنيفة بين الفصائل المعارضة والجيش السوري في العامين 2012 و2013 مع اتساع رقعة النزاع المسلح في سورية، إلى أن تم التوصل إلى هدنة في العام 2014 حولته إلى منطقة مصالحة.
وتجري مفاوضات ايضا لاجلاء الفصائل المعارضة من حي القابون المجاور الذي يشهد تصعيدا عسكريا ايضا.
وشهدت دمشق خلال الاشهر الماضية تصعيدا عسكريا في محيط الاحياء التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة، وتمكن الجيش السوري في بداية نيسان(ابريل)، بحسب المرصد، من محاصرة حي برزة وعزله عن باقي الاحياء الشرقية.
وتشيد الحكومة السورية دائما باتفاقات المصالحة التي عادة ما تأتي بعد تصعيد عسكري وتنتهي بخروج الراغبين من المقاتلين المعارضين من مناطق كانوا يسيطرون عليها قبل ان يدخلها الجيش السوري، خاصة قرب دمشق. ويقول محللون ان الفصائل المعارضة خسرت فعليا دمشق، ولم يعد أمامها سوى خيار التسوية أو الذهاب إلى ادلب، التي تحولت إلى وجهة لعشرات الآلاف من المدنيين والمقاتلين الذين تم اجلاؤهم من بلدات كانت تسيطر عليها الفصائل المعارضة.
وانتقدت الأمم المتحدة عمليات الاجلاء التي تعتبرها المعارضة السورية "تهجيرا قسريا"، وتتهم الحكومة السورية بالسعي إلى احداث "تغيير ديمغرافي" في البلاد.
وتأتي عملية اجلاء البرزة بعد يومين على بدء آلية تنفيذ اتفاق استانا حول انشاء "مناطق تخفيف التصعيد" في ثماني محافظات سورية تتواجد فيها الفصائل المعارضة.
وقدمت روسيا مشروع قرار حول إنشاء "مناطق لتخفيف التصعيد" إلى مجلس الأمن لدولي لتعزيز الاتفاق الذي وقعته في استانا مع طهران وأنقرة، بحسب ما نقلت الوكالات الروسية عن المتحدث باسم البعثة الروسية في الأمم المتحدة فيودور سترجيجوفسكي.
وبحسب المذكرة، سيصار في مناطق تخفيف التصعيد إلى "وقف أعمال العنف بين الاطراف المتنازعة بما في ذلك استخدام أي نوع من السلاح ويتضمن ذلك الدعم الجوي".
وقال المعلم "نحن لا نقبل بدور للأمم المتحدة ولا لقوات دولية في مراقبة حسن تنفيذ المذكرة".
وبحسب الاتفاق، تؤمن قوات من الدول الضامنة الحواجز ومراكز المراقبة وإدارة "المناطق الأمنية". كما من الممكن ان يتم "نشر اطراف اخرى في حال الضرورة"، وفق المذكرة. وقال المعلم "الضامن الروسي أوضح انه سيكون هناك نشر لقوات شرطة عسكرية ومراكز مراقبة في هذه المناطق"، من دون ان يتضح اذا كان يتحدث عن قوات سورية ام روسية.
ويبدو هذا الاتفاق وفق محللين، بمثابة المحاولات الأكثر طموحاً لتسوية النزاع الذي تشهده سورية منذ منتصف آذار(مارس) 2011، واودى بحياة أكثر من 320 ألف شخص.-(ا ف ب)