#أيام_المدرسة_كنا.. يستحضر براءة الماضي

شهد #أيام_المدرسة_كنا، تفاعلا محليا وعربيا كبيرا- (ارشيفية)
شهد #أيام_المدرسة_كنا، تفاعلا محليا وعربيا كبيرا- (ارشيفية)

إسراء الردايدة

عمان- في داخل كل شخص صندوق مليء بالتجارب والخبرات تحدده مرحلة عمرية ما، وتؤججه مفردات الحياة العصرية والمشاغل اليومية، وتأتي التكنولوجيا لتكون مساحة للبوح والتعبير عن الحنين كما في المواقع التواصل الاجتماعي وتحديدا “تويتر”.
ويطال الحنين هنا أيام المدرسة زمان من خلال عبارات طريفة وذكريات وتجارب يسردها أشخاص لتعيدهم للزمن الجميل عبروا عنها من خلال هاشتاغ حمل اسم “#أيام_المدرسة_كنا”؛ حيث شهد تفاعلا محليا وعربيا كبيرا، وسط عبارات طريفة وتحمل خفة دم وشوق مرافق لذكريات مقاعد الدراسة كل بحسب خبرته وتجربته.
وتنوعت التغريدات فمنها ما وجد في هاشتاغ #أيام_المدرسة_كنا، فرصة أعادتهم لأجمل الذكريات، وآخرون وجدوا فيها نافذة للتعبير عن امتعاضهم من عنصرية أصبحت منتشرة على عكس العيش المتسامح سابقا، فجاءت تغريدة الناشطة روان زعمط التي جاء فيها “لم نكن ندرك معنى العنصرية ولا أن هذا أردني وذلك فلسطيني أو مسيحي أو مسلم.. كنا فقط أصدقاء تحت سقف الأردن ننشد السلام الملكي بالطابور وموطني أجمل شيء”.
أما في تغريدة شادي صلاح، فذكره هذا “الهاشتاغ” بالصف ومقعد الدراسة؛ حيث أورد أن تنظيف الصف كان مرة كل أسبوع، فضلا عن اللجوء لتجهيز مواد حصة العلوم والمختبر كافة التي تمنح الطالب علامات إضافية.
وعبر الناشط أيهم العتوم بتغريدة واصفا من خلالها تغير الزمن “أيام المدرسة كنا بدون “تويتر” نافذتنا الاجتماعية كانت المقصف المدرسي نشتري بسكوت بدر وشيبس ساندي”،
أما رنا حلاق فذكرت أن أجمل ما في أيام المدرسة هي حجم الممحاة؛ فالممحاة الصغيرة للأخطاء الصغيرة والكبيرة للخطأ الكبير. أما تغريدة حسام الريان الذي أورد أن الطالب الذي كان يبرع في الرسم ولعب الكرة والدبكة والكشافة، لم يكن مجتهدا في الحصص الأخرى، فلكل واحد تفضيلاته.
وتنوعت التغريدات عبر الهاشتاغ #أيام_المدرسة_كنا، ونسبة التفاعل الكبير معها مرتبط أيضا بحلول الأردن في المرتبة الأولى على المستوى العربي في مؤشر الاستخدام اليومي لشبكة تحميل ومشاركة الفيديوهات “يوتيوب”، وشبكة التدوينات المصغرة “تويتر” بحسب “تقرير وسائل التواصل الاجتماعي في العالم العربي”.
وجاء في التقرير أن نسبة استخدام شبكة “تويتر” يوميا 63 % من إجمالي مستخدمي الشبكة في الأردن، بينما بلغت لـ”يوتيوب” %75، وأشار إلى الارتباط الوثيق لهذه الشبكات بحياتنا اليومية على مستوى الأفراد أو الشركات والمؤسسات وحتى في العلاقة بين الحكومات والمواطنين لدرجة أنها أصبحت تعد من ضروريات الحياة اليومية.
وعلى مستوى العالم العربي بشكل عام؛ بلغت نسبة الاستخدام اليومي لـ”تويتر” %39، من إجمالي مستخدمي “تويتر” في العالم العربي يستعملونه بشكل يومي، فيما يقدر عدد المستخدمين النشطين لـ”تويتر” في الأردن بحوالي 250 ألف مستخدم نشط.
وتناولت الذكريات القديمة أيضا في تغريدات المشاركين عبر “تويتر” كما في تغريدة يزن عبد الحق الخوف من اجتماع الأهالي وحالة التشنج التي تصيب الطالب آنذاك قلقا مما سيقوله المعلم، واتبعها بتغريدة أخرى تذكر بدفتر الطبيعة المميز الذي يحتوي ورقة مسطرة وأخرى بيضاء للرسم عليها أو إلصاق أوراق الشجر وحتى عن الشخصيتين الدراسيتين في كتاب اللغة العربية “باسم ورباب” باعتبارهما أجمل شخصيات الكون.
ولا يأتي الاهتمام بمثل هذه الأمور من عبث، بحسب الاختصاصي النفسي د. محمد حباشنة؛ إذ يربط أسباب الحنين للماضي من خلال “الهاشتاغات” نظرا للحاضر الذي لا يعد مناسبا بحالتيه العامة والخاصة، منوها إلى أن الوضع العام يشمل حالة الوطن العربي وصراعاته المحيطة والوضع الخاص يمثل له قلة الروابط الاجتماعية.
ويوضح الحباشنة أن الحروب والإرباكات التي تحيط بنا والخوف من المستقبل في مثل هذه المرحلة، فضلا عن تراجع التفاعل والعلاقات المباشرة يعيد الحاجة للماضي والحنين اليه، خصوصا أيام الدراسة؛ حيث كانت المسؤوليات في تلك المرحلة العمرية أقل، فضلا عن كونها مرحلة مستقرة أكثر وأقل ضررا.
ولم تقتصر التغريدات التي اندرجت تحت هاشتاغ #أيام_المدرسة_كنا، عن ذكريات الطفولة الصفية بل طالت المشاغبات الصفية والفرح الاجتماعي وحالات الصفاء كما في تغريدة مهند زوايدة؛ حيث ذكر أن الفواصل بين الحصص كانت تتحول لحفلة وغناء، مع الأصوات الغريبة التي كانت تصدر وقت الفرصة وانتهاء الدوام، مشبها إياها بـ”مساجين طالعين عرس”.
وعن متعة الرحلات المدرسية، كانت في تغريدة فلاح الصغير فرح وحنين واضح للمتعة الكبيرة التي تتمثل في الذهاب لمدينة الملاهي والتي تصبح حديث العام في كل مناسبة لأنها رحلة من العمر أو لا تنسى، على حد قوله.
أما الأدوات الصفية فكانت لها تغريدات متعددة، ومنها تغريدة ميس حماد التي ذكرت أن المبراة وقلم الرصاص كانا فرصة للتباهي بأجمل الأدوات الصفية بين بعضهم بعضا من حيث الحجم واللون.
والألعاب الطفولية كانت حاضرة في هذا “الهاشتاغ”. وأورد أحمد ذوقان في تغريدتين متعة لعب لعبة “XO”، في استراحة الدقائق الخمس التي تفصل الحصص عن بعضها، وفي أخرى تناول المناوشات بين الطلبة في الاستراحة على حصصهم من الشيبس والعصير والتباطح في الوصول للصف الأول في دور المقصف.
وبالطبع لا تقل حصص البنات طرافة؛ ففي تغريدة أمواج النماري، ذكرت أن الطابور الصباحي كان لا يمر بدون الخضوع لتفتيش الأظافر الدوري وخلو الوجه من الكحل لفتيات المرحلة الإعدادية.
وعن سهولة الحياة والأحلام، تباينت التغريدات فمنها تغريدة سهل دياب التي تمحورت حول سهولة الحياة وغياب المسؤوليات. أما أحمد قادري فأرفق تغريدته بصورة لممحاة تحمل آثار قلم الرصاص وغرزها به، مذكرا بما كان يقوم به الطلبة خلال الحصة للالتهاء عن الدرس.
ومن جهته، اعتبر الاختصاصي الاجتماعي حسين خزاعي، أن الأجواء الاجتماعية للمدرسة والنظم التربوية والإدارات وتغيرها تعد عاملا مسهما في تعزيز الحنين لأيام الدراسة قديما، فالجو الاجتماعي سابقا كان مختلفا تسوده الصداقات التي تدوم بالمقارنة معه نمط الحياة الحديثة، فيما المدارس المحيطة كانت تشمل كل العائلة والأقارب في المحيط نفسه.
أما حالة الطالب فيلفت الخزاعي الى أن الطالب قديما تغير بمعنى الكلمة، فقديما كان يعتمد على نفسه في الحصول على المعلومة والبحث عنها، فيما اليوم باتت المعلومة متوفرة على الانترنت بدون الحاجة حتى للذهاب للمكتبة.
ويعتبر الخزاعي أن “هناك بعض التغير طرأ على دور المعلم الذي كان سابقا ممسكا أكثر بزمام الأمور ودوره التربوي”، وذلك وفق رأيه أسهم في الحنين لأيام الدراسة القديمة.
وحملت بعض التغريدات “سخرية” من الواقع الحالي حول هيبة المعلم وحالة التعليم ونظامه عموما، كما في تغريدة أحمد حموري التي وصف فيها “حالة الرعب التي تصيب الطلبة من المعلم المناوب في الفرصة”، مؤشرا على فرحة حضور الأهل لاصطحاب الطالب من المدرسة في منتصف وقت الدوام؛ حيث يشعر الطالب بفرحة تطال فرحة خروج السجين من سجنه، على حد قوله.
وأظهرت أرقام رسمية نشرتها “الغد” الخميس الماضي، صادرة عن هيئة تنظيم قطاع الاتصالات على موقعها الإلكتروني، بينت توسع قاعدة مستخدمي شبكة الإنترنت في المملكة لتضمّ مع نهاية العام الماضي حوالي 5.7 مليون مستخدم للخدمة التي أصبحت تشكل جزءا أساسيا من الحياة اليومية للأردنيين في التواصل الاجتماعي أو لتسيير أمور العمل.
ويذهب خزاعي الى أن تغير أجواء الصداقات الاجتماعية وغياب لحظات البراءة التي كانت ميزة وسمة للماضي، كذلك التنافس الشريف بين الطلبة سابقا، أدى لأن تصبح العلاقات جافة في ظل الحياة العصرية.
ومن هنا فإن التفاعل الرقمي عبر “تويتر” من خلال “هشاتاغات” تثير الحنين للماضي، بحسب حباشنة، وأن الحنين للماضي مرتبط بغياب جماليات الحاضر.

اضافة اعلان

[email protected]

@Israalradaydeh