أي جديد تحت الشمس؟

افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس النواب الثامن عشر، سيكون الحدث الأبرز منتصف هذا الأسبوع. وبؤرة الاهتمام فيه ستكون انتخابات رئاسة مجلس النواب، إلى جانب الخطاب السامي الذي سيلقيه جلالة الملك.اضافة اعلان
الخطاب في افتتاح الدورة يمثل، في العادة، برنامج عمل الحكومة. لكنّ الحكومة تشكلت سلفا قبل انعقاد الدورة، وبرنامجها تحدد سلفا في كتاب التكليف والردّ عليه، والحكومة ستتقدم ببيان وزاري للثقة في وقت لاحق. لذلك، قد يتضمن خطاب جلالة الملك في افتتاح الدورة أفقا أوسع من الرؤى والتوجهات لمستقبل الأردن، سيشمل على الأرجح مضامين الورقة النقاشية السادسة.
بعد أربع سنوات من الثبات غير المألوف على حكومة واحدة ونمط واحد من الأداء، وفي ظلّ ظروف محلية وإقليمية ضاغطة، وأوضاع اقتصادية متردية يتخللها انحسار عام لمنسوب التفاؤل بالمستقبل، فإننا أمام موقف يتطلب بثّ إحساس قوي بافتتاح مرحلة جديدة.
تشكيل حكومة الدكتور هاني الملقي لم يكن عنوان التجديد؛ فهي ابتداء جاءت لإدارة المرحلة الانتقالية بين حلّ مجلس النواب السابق وانتخابات المجلس الجديد، وتم إعادة تشكيلها كحكومة دائمة قبل انعقاد المجلس الجديد لتجنب استحقاق المشاورات النيابية على أساس فكرة الحكومة البرلمانية، وهي الفكرة التي تم تجريبها كعنوان للإصلاح السياسي في مطلع ولاية المجلس السابع عشر لكنها أثبتت فشلها. وطبعا، ليس في تركيبة المجلس الجديد ما يشجع على استئناف فكرة الحكومة البرلمانية التي تحتاج إلى كتل نيابية رئيسة، سياسية وحزبية.
إذن، السياق الذي جاءت فيه الحكومة، وإلى حد ما تركيبتها، لا يجعلان منها عنوانا للتجديد. وعلى الطريق نفسها، فإن قانون الانتخاب الجديد  فشل في أن ينتج التغيير المطلوب، وأنتج مجلس نواب بالمواصفات التقليدية لا نتوقع منه جديدا. أما انتخابات رئاسة مجلس النواب، فلن تأتي بشيء خارج التوقعات. وهناك ترجيحات معينة ولن نقول أكثر، لأنه ليس من حقنا أن نشير لأي اسم في المنافسة الجارية.
لا يبقى سوى خطاب العرش السامي الذي يمكن أن يوجّه رسالة قوية للشعب، تتضمن معاني التجديد وترسم الرؤية للتغيير. وفي ظلّ التراجع عن مشروع الحكومة البرلمانية؛ وهو تراجع مفهوم ومقبول ما دام مجلس النواب على ما هو عليه، فإن أفكارا أخرى يجب أن تطرح للإصلاح، لا يتسع المجال هنا لمناقشتها، لكنها تأخذ بالاعتبار الوقائع المتحققة، خصوصا بالنسبة لدور الانتخابات ومجلس النواب في مشروع الإصلاح.
أكاد أضع هذه الأيام الثقافة العامة كعنوان رئيس لمشروع الإصلاح والتقدم ببلدنا. وهي في الجوهر تتخلل كل شيء؛ سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. وسآخذ موضوع الانتخابات على سبيل المثال. فإن قانونا يعتبر بالمعايير العالمية متطورا للغاية، خضع لأكبر عملية إفساد ممكنة. وهذه المرة، استشرى "المال الأسود" كما لم يحدث من قبل، وتم تجيير آليات القانون الجديد لخدمة الفساد بأوسع مما كان يحدث في نظام الصوت الواحد. وعلى جبهة الفساد أيضا، كنا نعتقد أن المشكلة هي في المستوى العالي لكبار مسؤولين ومحاسيب وعطاءات، لكن نعرف أكثر كل يوم أن الفساد يتعمق في كل مكان ومرفق، وأن الثقافة العامة باتت تقبل الرشوة والتنفع وتتعامل معهما يوميا وروتينيا.
قضية الإصلاح والتقدم، كما يبدو لي الآن، أكثر عمقا وتعقيدا مما كانت تبدو. وهي في كل مرفق وعلى كل مستوى تصبح مسألة ثقافية تخص كل فرد.