أي هجوم على طهران سيكون جنونا. لذلك لا تسبعدوه

وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا - (أرشيفية)
وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا - (أرشيفية)

 ترجمة: علاء الدين أبو زينة
روبرت فيسك – (الإندبندنت) 4/2/2012
إذا قامت إسرائيل حقاً بمهاجمة إيران هذا العام، فإنها ستكون –هي والأميركيون- أكثر جنوناً مما يعتقد أعداؤهما. صحيح أن محمود أحمدي نجاد هو رجل غريب الأطوار، لكن أفيغدور ليبرمان، الذي يبدو أنه وزير الخارجية الإسرائيلي، هو كذلك أيضاً بالتأكيد. وربما يريد كل من الاثنين أن يصنع للآخر معروفاً. ولكن لماذا بحق الله تريد إسرائيل أن تقصف إيران، بحيث تجلب على رأسها غضب حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية على حد سواء في هذه اللحظة بالذات؟ إلى جانب سورية، بلا شك. ناهيك عن جر الغرب -أوروبا والولايات المتحدة– إلى نفس مباراة المبارزة في إطلاق النار.اضافة اعلان
ربما يكون ذلك لأنني تواجدت في منطقة الشرق الأوسط لمدة 36 عاماً، لكنني أشم بعض الرائحة القديمة في الهواء. فيحذرنا ليون بانيتا، وزير الدفاع الأميركي -لا أقل، من أن إسرائيل قد تضرب. وتفعل محطة (سي إن إن) ذلك أيضاً –وهي التي يصعب العثور على مصدر لتشمم الأخبار أكثر منها قدماً- وحتى ديفيد إغناتيوس القديم، الذي لم يكن مراسلاً للشرق الأوسط لعقد أو عقدين، يقول لنا نفس الشيء، معتمداً، كالعادة، على "مصادره" الإسرائيلية.
 وكنت أتوقع هذا النوع من الأخبار الدعائية عندما سعيت الأسبوع الماضي للحصول على العدد الجديد من مجلة نيويورك تايمز –وهذا ليس إعلانا، لأنني لا أريد أن يهدر قراء الإندبندنت طاقتهم على سخافات من هذا القبيل– وفي المجلة قرأت تحذيراً من "المحلل" الإسرائيلي (وأنا ما أزال أحاول اكتشاف أي نوع من "المحللين" هو)، رونين بيرغمان، من صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية.
وإليكم "الكيكر" الذي كتب تحته (كما نسميه في المهنة)، والذي يقترب كثيراً من موسيقى الزنوج الدعائية. يقول: "بعد التحدث مع العديد من كبار القادة الإسرائيليين ورؤساء الجيش والمخابرات، خلصت إلى الاعتقاد بأن إسرائيل ستضرب إيران في الواقع في العام 2012، وربما في النافذة الصغيرة المتبقية، والتي تصغر باستمرار، ستختار الولايات المتحدة التدخل بعد كل شيء. لكنه ليس هناك أمل كبير في ذلك من وجهة نظر الإسرائيليين. بدلاً من ذلك، هناك ذلك الخليط الغريب من الخوف الإسرائيلي... والمثابرة، والاعتقاد العنيد، سواء كان صحيحاً أو خاطئاً، بأن الإسرائيليين وحدهم هم الذين يمكن أن يدافعوا عن أنفسهم بأنفسهم في نهاية المطاف".
أولاً وقبل كل شيء، فإن أي صحفي يتوقع هجوماً إسرائيلياً على إيران الآن، إنما يضع رأسه على خشبة التقطيع. لكن أي صحفي يستحق اللقب الذي يحمله بالتأكيد -وهناك الكثيرون من الصحفيين الجيدين في إسرائيل- سوف يسأل نفسه سؤالاً: من هو الطرف الذي أعمل عنده؟ صحيفتي الخاصة؟ أم حكومة بلدي؟
ينبغي على بانيتا، الظاهر في الصورة بجانب هذا المقال، والذي كذب على القوات الأميركية في العراق من خلال زعمه لهم بأنهم كانوا هناك بسبب 11/9، ينبغي أن يعرف أفضل من تكرار هذه اللعبة. وينطبق الشيء نفسه على (سي إن إن). وسوف أنسى إغناتيوس. ولكن، ما هو هذا كله؟ بعد 9 سنوات من غزو العراق –الذي ما يزالون يقولون لنا إنه كان مغامرة ناجحة بشكل كبير- لأنها كانت لدى صدام حسين "أسلحة دمار شامل"، نخطط نحن في الغرب للشروع في التصفيق بينما تقوم إسرائيل بقصف إيران بسبب وجود "أسلحة الدمار الشامل" غير القابل للإثبات بأكثر من الحالة العراقية. والآن، لا يخالطني شك بأنه في غضون ثوان من سماع الأخبار، فإن كتبة خطابات باراك أوباما الغرائبيين سوف يتذللون ويزحفون جهداً للعثور على الكلمات المناسبة لدعم مثل هذا الهجوم الإسرائيلي. فإذا كان بوسع أوباما أن يتخلى عن حرية الفلسطينيين وإقامة الدولة الفلسطينية من أجل إعادة انتخابه، فإنه يمكن بالتأكيد أن يقوم بدعم العدوان الإسرائيلي، على أمل أن يؤدي ذلك إلى إعادته مجدداً إلى البيت الأبيض.
ومع ذلك، وإذا ما شرعت الصواريخ الإيرانية بالاصطدام بالسفن الحربية الأميركية في الخليج -ناهيك عن القواعد الأميركية في أفغانستان– فإنه ربما يكون لكتبة الخطابات عمل أكبر بكثير ليقوموا به. وهكذا، فلنحاول أن لا ندع البريطانيين والفرنسيين يتورطون.


*نشر هذا المقال تحت عنوان: Robert Fisk: An attack on Tehran would be madness. So don't rule it out

[email protected]