إبادة الأرمن؟

جرّمت فرنسا أمس إنكار ارتكاب حملة إبادة ضد الأرمن في تركيا. ردت انقرة بتذكير فرنسا بتاريخها الدموي في مستعمراتها السابقة. ردّ حصيف. لكنه لا يلغي الجرائم التي ارتكبت ضد الأرمن.

اضافة اعلان

تاريخ فرنسا في مستعمراتها السابقة مشين. والمعمرون في منطقتنا يتذكرون دموية الاستعمار الفرنسي. وكذلك المجزرة التي ارتكبت ضد الأرمن راسخة في التاريخ. وتذكير فرنسا بماضيها الاستعماري لا يلغي تعرض الأرمن لإبادة يتناقل الأرمن ذكراها ابنا عن أب.

الصحيح أن تاريخ البشرية مليء بالجرائم والأعمال اللاإنسانية. تركيا شنت حروباً شرسة على الشعوب التي رفضت الخضوع لسيطرتها. وفرنسا سممت مياه شرب الثوار الذين تحدوا استعمارها.

للشعوب ذاكرة حية. والظلم لا يُنسى حتى وإن غُفر. والغفران لا يعني تقبل سردٍ مشوه للتاريخ.

اللافت أنه ندر أن أثار العرب الظلم الذي تعرضوا له إبان الاستعمار الأوروبي لبلادهم.

معمر القذافي وحده طالب إيطاليا بتعويضات عن الجرائم التي ارتكبتها خلال استعمارها لبلاده. لكن العالم سخر من دعوته.

يمكن رد تخلف العرب عن إثارة ظلم الدول الاستعمارية لهم الى وجود ظلم آني ما يزالون عاجزين عن دفعه. فالمسألة مسألة أولويات. ولِم العودة الى حقبة الاستعمار الفرنسي أو الايطالي أو الانجليزي في وقت ما يزال الفلسطينيون يرزحون تحت الاحتلال الاسرائيلي والعراقيون يعانون الويلات تحت الاحتلال الأميركي؟

ربما، في مستقبل بعيد، وربما بعيد جداً، لن يعود العرب معتمدين على الغرب في كل شيء في حياتهم، وينتهي الاحتلال الاسرائيلي ويعود العراق بلداً آمنا مستقراً. وحينذاك، ربما يطرح العرب قضية الظلم التاريخي الذي تعرضوا له على أيدي مستعمريهم.

ووقتها، قد يطلب العرب من فرنسا وإيطاليا وأميركا وبريطانيا وحتى تركيا الشقيقة الاعتذار عن الظلم الذي ألحقته بالشعوب العربية.

أما مرحلياً، فالضعيف لا يجرؤ على المطالبة بحق. وهذه حال العرب.