إثارة المشاكل مهمة يتولاها شخص في كل مكان عمل

بعض الموظفين في مكان العمل يتسببون بإثارة المشاكل والفتن - (أرشيفية)
بعض الموظفين في مكان العمل يتسببون بإثارة المشاكل والفتن - (أرشيفية)

مجد جابر

عمان- أجواء التوتر والاستنفار والقلق هي  التي تخيم على جو العمل الذي تعمل فيه الثلاثينية ربى عبدالله، ففي كل يوم تذهب فيه الى العمل تتفاجأ بقصة جديدة وحدث غريب يتداوله الزملاء وينشغلون فيه طوال الوقت.اضافة اعلان
وتستغرب من أين يأتون بهذه القصص، ليتضح لربى بعد ذلك أن إحدى الزميلات وظيفتها الأولى والأخيرة في العمل هي زرع التوتر وإثارة القصص والنميمة وخلق كل هذه الأجواء السلبية بدون معرفة بمدى صحة الخبر أو عدمه.
تقول ربى “أستغرب كثيراً من هذه الطبيعة التي تسيطر عليها والقدرة على إحضار قصة جديدة يوميا تثير حولها الفتن والشكوك والنميمة وتزرع فيها الأحقاد بين الزملاء”، الى جانب أنها تستهجن من “أصحاب مصادر قصص زميلتها الذين يخصونها بهذه القصص عن الآخرين”، لافتةً الى أن هذه الفتاة “ليس لها أي شغلة أو عملة سوى إثارة الفتن بين الزملاء”.
وتضيف أن المحزن أكثر هو وجود أشخاص يسمعون لها؛ فهي تتنقل من شخص لآخر لإثارة الفتن وتجد من يسمعها ويجاريها في الحديث حتى تنشر الموضوع في المكان في فترة قصيرة جداً ويصبح الجميع يحكي فيه.
ولعل ربى ليست وحدها التي تواجه هذا النوع من الأشخاص في بيئة العمل والذي تكون وظيفته الوحيدة هي إثارة الفتن ونقل الكلام والنميمة والتخريب بين الزملاء.
فإبراهيم مصطفى هو شخص آخر يعيش في بيئة عمل يتخللها الكثير من الفتن والأحقاد والنزاعات، الا أنه ومنذ مدة قصيرة بات يتنبه، الا أن هناك بعض الزملاء الذي اذا مر بظرف وانشغل أو اذا سافر الى مكان “تهدأ الأمور وتستقر في العمل بطريقة رهيبة”.
ويقول مصطفى إنه في البداية كان يلاحظ الأمر، لكنه لم يكن يعيره أي اهتمام، الا أنه بعد فترة بات يراقب هذا الزميل ليجد أنه في أول ثلاث ساعات من الدوام لا يعمل شيئا سوى التنقل بين المكاتب وكأنه ينشر خبرا ما، الى جانب أنه في كل مرة كان يرى زميلا له منزعجا بسبب كلام قيل عنه ليسأله عن مصدره فيخبره أن فلان وهو الزميل نفسه هو من نقل له الخبر من مصادر “موثوقة”.
ويشير إلى أنه “لا يعرف كيف أن الناس يصلون لمرحلة من السذاجة لتصدق شخصا منافقا ويحب النميمة والتخريب بين الناس بهذه الطريقة”، خصوصاً وأنه بعد فترة يصبح “انسانا مكشوفا أمام الجميع رغم الصفات والأساليب التي يتقنها”، مبيناً أنه شخص قادر على أن “يخبص” كل الدنيا في بعضها ويوقع الناس في بعضهم بدون أن يشعر أحد أنه فعل أي شيء.
في حين تصف العشرينية هناء علي احدى الزميلات والتي كانت في يوم من الأيام صديقة مقربة منها بـ”المنافقة”، والسبب في ذلك هو أنها أوقعتها بكثير من المشاكل مع كثير من الأشخاص بدون أن تظهر نفسها في طريقة سيئة على الإطلاق، بل على العكس كانت بعد أن تزرع في عقلها الحقد والفتن بينها وبين زميلتها تذهب للطرف الآخر لتواسيه على أنها إنسانة طيبة ولا تحب أن يحدث خلافات بين الناس.
وتضيف هناء أنها وبعد فترة باتت تشعر بذلك “فلا يمكن أن يكون كل الناس خطأ وهي وحدها الإنسانة الطيبة الحنونة التي تريد دائما تحذيرها من الناس”، مبينة أنها اكتشفت فيما بعد أنها تفعل ذلك مع كثيرين غيرها وأنها تستمتع في زرع الفتن والكذب ونقل الكلام بين الزملاء وكأن هذه هي وظيفتها التي تأتي للدوام من أجلها.
ولعله وفي كل مكان عمل وكل مؤسسة هناك دائماً شخصية وظيفتها الأولى والأساسية هي خلق النزاعات والفتن ونقل الكلام بين الناس وإشاعة حالة من الفوضى والمشاكل تعكر صفو العمل وتؤخر من إنجازه.
وفي ذلك، يذهب الاختصاصي الاجتماعي د. حسين الخزاعي أن السبب الرئيسي هو أن هؤلاء لم يخضعوا في حياتهم الوظيفية للمساءلة ولا العقاب ولا القانون رغم أن أي مؤسسة لا بد من أن تكون فيها قوانين رادعة.
وذلك ناجم عن تساهل وإهمال المديرين والمسؤولين، فعدم تفعيل دور الرقابة بشكل جيد وإدارة المؤسسات بشكل جيد وعدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، كلها أسباب تلعب دورا في وجود هذه الشخصيات في المجتمع وفي بيئة العمل.
الى جانب أن “أسلوب المسايرة والمداراة الذي يستخدمه بعض المديرين والاستسهال، وقضية الواسطة والمحسوبية، كلها من الأمور التي تسهم في وجود مثل هذه الشخصيات”، مبيناً أن هناك أنماطا لمديرين يحبون وجود هذا النوع من الموظفين بينهم.
بالاضافة الى أن طبيعة التنشئة الاجتماعية لها دور كبير في ذلك وطبيعة المؤسسة ووجود وقت فراغ كبير لدى الموظف.
في حين يرى الاختصاصي النفسي والتربوي د. موسى مطارنة، أن هذه الشخصية هي نتاج بيئة أسرية تملك هذا النمط من الناس وبالتالي فهم يسقطون هذا النقص والضعف والقهر الذي عندهم في تخريب أحوال الأشخاص الآخرين.
ويكون انبساطهم بخلق حالة من النزاع بين الناس ليكون لهم دور كونهم في الحالات الطبيعية لا تكون لهم أهمية فيها، ودائما يختلقون ويزيدون على القصص، مبيناً أن هؤلاء الأشخاص لديهم اضطراب نفسي ويجب أن يتعالجوا كونهم يسقطون كل حالات الضعف على حياة الناس الآخرين.
ويشير مطارنة الى أنهم موجودون ويجب كشفهم وتوقيفهم عند حدهم ولا يجب على الناس أن يسمعوا منهم ويصدقوهم الا بوجود دليل ولا بد من الحذر من هذا النوع من الناس.