إجماع على الإصلاح النقابي

 اختلفوا على أمور كثيرة، اختلفوا على بقاء فروع الضفة الغربية جزءا من النقابات في الأردن أم الانفصال عنها امتثالا لفك الارتباط، اختلفوا على علاقة النقابات بالسياسة والأحزاب، اختلفوا على دخول ديوان المحاسبة على مالية النقابات، لكنهم أجمعوا على حاجة النقابات إلى الإصلاح ابتداء باعتماد آلية التمثيل النسبي في الانتخابات لبرلمانات نقابية تمثل الجسم التمثيلي الوسيط بين الهيئات العامّة ومجالس النقابات.

اضافة اعلان

مركز البديل للدراسات استضاف أمس ندوة مهمّة للغاية شارك فيها عدد من النقباء المهنيين الحاليين والسابقين وعدد واسع من النقابيين من جميع النقابات، حيث قدمت أوراق عمل عالجت محاور مختلفة من بينها الموضوع الرئيسي للندوة "تحديات المشاركة والتغيير". وقد ظهرت بعض الأصوات التي تشكك في الغايات من وراء حديث التغيير، لكن الجميع وافق في النهاية أن التحول إلى نظام التمثيل النسبي الانتخابي ووجود هيئة تمثيلية موسعة تقوم مقام الهيئة العامّة هو الطريق للاستجابة لتحديات المستقبل وخصوصا التوسع الهائل في عدد المهنيين المترافق مع تراجع نسبة المشاركة.

لكن العقبة التي ربما لم يتم الانتباه إليها ومعالجتها، وقد تطرقت لها من جهتي في ختام تعقيب على المداخلات، أن الطريق للتغيير لن يكون ممهدا بمجرد اجتماع أية هيئة عامّة واتخاذ قرار بالتحول الى نظام انتخابي وآلية تمثيل جديدة، فكل نقابة محكومة بقانون يتناول أصغر هذه التفاصيل، أي أنه يتوجب اقتراح التعديلات على حوالي 14 قانون نقابة لتذهب بعد ذلك عبر الآليات التشريعية من الحكومة إلى مجلس النواب إلى مجلس الأعيان لإقرارها.

وفي الحقيقة لدى بعض النقابات مقترحات محدودة تحتاجها على قوانينها موجودة في الأدراج من سنوات، ثم من قال إن المقترحات إذ تصل الى مجلس النواب ستمرّ كما هي؟ فقد تنقلب رأسا على عقب. والأصل أن تقرر الآليات التنظيمية والهيكلية الخاصّة بكل نقابة من النقابة من دون حاجة الى تعديل القانون. فكل ما يتصل بمزاولة المهنة والعلاقة بالدولة والمجتمع يقرر من المجتمع بواسطة مجلس الأمّة، لكن في القضايا النظيمية الداخلية يفترض أن تستند إلى نظام.

ويمكن استثمار الفرصة الآن لتصحيح هذا الخلل بأن يأتي الإصلاح المنشود من خلال نصّ قانوني واحد خاص بالعمل النقابي يعطي لكل نقابة الحق في وضع الأنظمة المناسبة لانتخاباتها وهيئاتها بغضّ النظر عمّا ورد في أي تشريع آخر، وهذا بالمناسبة ينسجم حرفيا مع إعلان الأمم المتحدة العالمي للحقوق السياسية والاجتماعية.

نمتنى أن لا تعطّل الحكومة هذا التوجه الإصلاحي وقبل ذلك نتمنى أن تضع هيئة نقابية مشتركة الخطّة العملية لهذا المشروع الإصلاحي الذي يمكن أن تقره الهيئات العامّة للنقابات المهنية.  

[email protected]