إخلاء المأجور لتصرف المستأجر في حق الإجارة

بنايات سكنية وتجارية في عمان - (تصوير: أمجد الطويل)
بنايات سكنية وتجارية في عمان - (تصوير: أمجد الطويل)

المحاميان: د.حمزة أبو عيسى ود.عبد الله الخصيلات

لقد تعاقبت قوانين المالكين والمستأجرين على إيراد هذا السبب كسبب من أسباب الإخلاء منذ قانون عام 1953 وحتى القانون الحالي. ففي قانون المالكين والمستأجرين الحالي (رقم 11 لسنة 1994 بكافة تعديلاته) نصت المادة (5/ج/3) على أنه يجوز إخلاء المأجور "إذا أجر المستأجر المأجور أو قسماً منه لشخص آخر أو سمح له بإشغاله دون موافقة المالك الخطية أو أخلاه لشخص آخر دون تلك الموافقة "، كما نصت المادة (5/ج/4) على جواز الإخلاء أيضاً "إذا سمح المستأجر لشريك أو شركة بإشغال العقار المؤجر على أنه إذا كان شخصان أو أكثر يشغلون العقار عن طريق الإجارة ويتعاطون العمل فيه، وقاموا بتأليف شركة تضامن بينهم، فإن ذلك لا يعتبر موجباً للإخلاء ويسري هذا الحكم الاخير على تشكيل شركة تضامن بين المستأجر وأفراد أسرته العاملين معه في نفس العقار".اضافة اعلان
وأول ما يجب توضيحه بأن هذا النص يسري بالنسبة للعقود التي أبرمت قبل تاريخ 31/8/2000، إذ أن العقود المبرمة بعد ذلك تحكمها شروط العقد سنداً للمادة (5/ب/1) التي جاء فيها: (أما عقود الإيجار المبرمة بتاريخ 31/8/2000 وما بعده فتحكمها شروط العقد المتفق عليه سواء أكان العقار مخصصاً للسكن أو لغيره...)، لذا لا يجوز الاستناد للنصوص السابقة في العقود المبرمة بتاريخ 31/8/2000 وما بعده (ينظر تمييز حقوق 3692/2011 تاريخ 6/2/2012). لذا فقد درج الناس على إيراد الشرط التالي في عقود الإيجار (ليس للمستأجر الحق بتأجير المأجور أو جزء منه للغير أو إدخال شريك أو شركة معه في المأجور أو التخلي عنه كلياً أو جزئياً بدون موافقة المؤجر الخطية).
ومن الرجوع للبندين 3 و 4 من الفقرة (ج) من المادة (5) يتبين أن هنالك شرطين يجب توافرهما حتى يجوز للمالك طلب الإخلاء استناداً لهذا السبب: الشرط الأول أن يتصرف المستأجر في حق الإجارة، والشرط الثاني أن يكون هذا التصرف دون موافقة المؤجر الخطية.
بالنسبة للشرط الأول فقد توسع المشرع بحيث جعل أي تصرف يقوم به المستأجر في حق الإجارة يوجب الإخلاء، حيث أن النصوص واضحة بأنه يجوز الإخلاء إذا (أجر المستأجر المأجور) أو إذا ( أجر المستأجر قسماً من المأجور) أو إذا ( سمح المستأجر لشخص آخر بإشغال المأجور) أو إذا ( سمح المستأجر لشريك أو شركة بإشغال العقار المؤجر). وعلى ذلك يتبين بأنه لا يجوز للمستأجر أن يتصرف في حق الإجارة بأية صورة كانت، ومن ذلك الإيجار من الباطن والضمان.
أما بالنسبة للشرط الثاني فهو أن يكون تصرف المستأجر في حق الإجارة لا يستند إلى موافقة المالك الخطية، أما إذا وجدت تلك الموافقة فلا يتوفر هذا السبب من الإخلاء. وتستوي أن تكون الموافقة الخطية سابقة أو لاحقة لواقعة التصرف، لكن يجب أن تكون العبارة التي تصاغ بها واضحة وتدل على أن المؤجر موافق بالفعل.
ومما يجب ذكره أخيراً أن حالة تصرف المستأجر في حق الإجارة كسبب من أسباب الإخلاء ترد عليها استثناءات نجملها بالآتي:
1- إذا كان شخصان أو أكثر يشغلون العقار عن طريق الإجارة ويتعاطون العمل فيه، وقاموا بتأليف شركة تضامن بينهم، فإن ذلك لا يعتبر موجباً للإخلاء.
2- كما لا يعتبر موجباً للإخلاء تشكيل شركة تضامن بين المستأجر وأفراد أسرته العاملين معه في نفس العقار.
3- ومن حق المستأجر اسكان أفراد أسرته معه في المأجور دون الحصول على موافقة المؤجر، وقد قضي بأن العائلة تتكون من الأباء والأمهات والأولاد وإذا زادت فرداً بالتوالد فلا يكون الولد من الغير لغايات تخلية المأجور (تمييز حقوق 582/1981 تاريخ 2/12/1981)
4- يجوز للمستأجر إدخال شخص آخر للمأجور من أجل القيام بأعمال الإدارة أو الرعاية، حيث قضي بأن قيام الولد بتشغيل الفرن المأجور نيابة عن أبيه لا يعد تخلياً عن المأجور (تمييز حقوق 217/1976 تاريخ 3/5/1976)، كما قضي بأنه إذا ثبت بالبينات أن وجود المدعى عليها الثانية في المأجور هو من أجل رعاية أولاد شقيقتها الصغار (زوج المدعى عليها الأولى المستأجرة المتوفى) ولم يكن بقصد ترتيب حق لها في الاشتراك بشغل المأجور... فإن وجود المدعى عليها الثانية في المأجور على هذا الوجه لا يوجب التخلية (تمييز حقوق 381/1978 تاريخ 14/2/1979).
5- وأخيراً فإنه يجوز للمستأجر السماح للغير بإشغال المأجور على سبيل الضيافة ووفق ما تقتضيه العادات والتقاليد، إذ أن تواجد بعض الضيوف في المأجور لأيام معدودة ومن قبيل الضيافة التي تجيزها الأعراف والعادات لا تعني أن المستاجر قام بتأجير المأجور أو تخلى عنه أو سمح لآخرين بإشغاله (تمييز حقوق 75/1993 تاريخ 20/3/1993). وتطبيقاً لذلك قضي بأن سماح المستأجر لعمه وبعض أفراد أسرته بعد نزوحهم من الكويت بالإقامة معه في المأجور موضوع الدعوى على فترات متقطعة ولفترة مؤقتة تتراوح ما بين ثلاثة إلى أربعة أشهر على أثر حرب الخليج تحت ظروف اقتصادية صعبة وأزمة اسكان خانقة، لا يفيد أن المستأجر أشركهم بالمأجور بالمعنى المقصود بنص المادة 5/ج/3 من قانون المالكين والمستأجرين ما دام أن هذه الإقامة مؤقتة ولها حكم الضيافة وبدون مقابل وفق ما استقر عليه الاجتهاد (تمييز حقوق 610/1993 تاريخ 5/9/1993). وفي قرار آخر: لا تعتبر إقامة المدعى عليها مع والدها واستقباله لهما في بيته المستأجر على أثر نزوحهما من الكويت في ظروف استثنائية قاهرة وفي وقت كانا يعانيان من أزمة مالية بسبب هذه الظروف بالاضافة إلى أزمة السكن التي واجهتها في الاردن آنذاك مما اضطرهما للنزول ضيوفا على والدهما حوالي ستة اشهر، إن مثل هذا التصرف الذي تسمح به بل وتفرضه العادات والتقاليد لا يعتبر اشراكا بالمأجور. لأن العادات والتقاليد في مجتمعنا العربي الاردني تجيز في الظروف العادية استضافة الآخرين من اقارب وسواهم لمدة معقولة في البيت المأجور والأبناء أولى بهذه الرعاية خاصة في الظروف التي تلت حوادث الخليج (تمييز حقوق 1553/1993 تاريخ 2/6/1994).
وكذلك قضي بأن استضافة المستأجرة لوالدتها في حالة الموت وهي حالة اضطرارية لا يجوز فيها للأبناء تجاهل ظروف والديهم وكذلك استضافتها لشقيقتها بسبب حالتها الصحية ولمدة لا تزيد على شهر واحد هو موقف من مواقف البر بالوالدين والعطف والمروءة على الأخ المريض لا بل أنه من باب وفاء الأبناء أن يحرصوا على رعاية الآباء في مثل هذه الظروف الصعبة، فإيواء المستأجرة لأمها وشقيقتها لا يرقى للحد الذي يعتبر سماحاً لشخص آخر بإشغال العقار دون موافقة المالك الخطية لأن المستأجر في مثل هذه الحالة لا يستضيف استغلالاً لحقه بالإجارة إذ تنعدم كل علاقة تأجيرية بين المستأجر وبين من يستضيفهم ولا يشكل ذلك مخالفة لأحكام القانون أو سبباً للإخلاء بالمعنى المقصود في المادة (5/ج/3) من قانون المالكين والمستأجرين (تمييز حقوق 1380/1995 تاريخ 30/9/1995).