إدارة المخاطر في التمويل الإسلامي.. وجهة نظر

غسان الطالب

الاهتمام بالمطالبة بوضع استراتيجية تحوط للمصارف الإسلامية أخذ بالتزايد من قبل الباحثين والمهتمين بالصناعة المصرفية الإسلامية، حتى من أصحاب القرار في هذه الصناعة بعدما شهدنا في السنوات الأخيرة العديد من المؤسسات المالية والمصرفية التقليدية قد أبدت الاهتمام بالتمويل الإسلامي وتقديم الخدمات المالية الإسلامية لعملائها من خلال فتح نوافذ للتعامل معهم، إلا أن بعض الأدوات المالية التي هي بمثابة صمام الأمان للمصرفية الإسلامية وصناعتها المالية ما تزال بحاجة إلى المزيد من الجهد والاهتمام للمحافظة على منجزاتها أمام حدة التنافس التي تواجهها، بما يتلاءم والتغيرات التي حدثت في الأسواق المالية العالمية، خاصة بعد أن نالت الأزمة المالية العالمية من أكبر المصارف الأميركية والأوروبية على حد سواء وأدت في النهاية الى انهيارها، وقد أثبتت؛ أي المصارف الإسلامية، قدرتها على الثبات وأخذ مكانتها في كل من السوق المصرفية المحلية والعالمية.
وهذا يدفعنا اليوم الى تأكيد الاهتمام بأدوات التحوط وإدارة الخطر مع إدراكنا بأن أي نشاط استثماري أو اقتصادي لا يخلو من الخطر؛ علما بأنه لتحقيق عائد لا بد من توفر عنصر المخاطرة وأن غيابه يمثل تحديا لنمو وتطور الصناعة المصرفية الإسلامية، وبالتأكيد فإن غياب الخطر يضعف الحافز للمستثمر، لهذا فهو مهم أيضا عند اتخاذ القرار الاستثماري، لكن يجب أن لا يكون مبالغا فيه وبالتالي يصبح عائقا أمام النمو المرجو من الاستثمار، وفي سياق الحديث عن التحوط، يمكننا التطرق لبعض أنواعه كما هو معروف علميا وفي جميع أدبيات التمويل، لكن هنا يعنينا التمويل الإسلامي، نذكر منها:

  • التحوط من خطر السيولة، طبيعة هذا الخطر قد يكون مصدرها عادة الديون طويلة الأجل خاصة في حالات البيع الآجل؛ أي يكون فيه قبض الثمن مؤجلا في الوقت الذي تكون فيه المؤسسة بحاجة إلى السيولة لتمشية معاملاتها الآنية.
  • التحوط من خطر معدل العائد أو ما يسمى "معدل المرابحة"، وهذا يتطلب تغير آلية الدفع المؤجل بحيث ينوع الثمن بأدوات دفع أخرى مثل الصكوك أو الأسهم أو أي وحدات استثمارية يمكن أن تكون قابلة للتداول تمكن مالكها من تسيلها بسهولة.
  • التحوط من المخاطر التي مصدرها السوق وسببها عادة التغيّرات في أسعار ومعدلات السوق المالي؛ أي الفروقات بين أسعار الأصول ومعدلات العائد وقد تتمثل أيضا في تقلبات أسعار السلع أو أسعار الصرف.
  • التحوط من مخاطر التشغيل؛ هذه المخاطر تتمثل بوقوع خسائر يكون سببها العنصر البشري أو الناتجة عنه وقد يعود لعوامل مهنية أو تقنية مرتبطة بالوسائل التكنولوجية المستخدمة في المصرف، ويمكن لهذه المخاطر التشغيلية أن تعود لأسباب داخلية أو خارجية تحدث خسائر للمصرف.
    وفي هذا السياق، يمكن للمصرف الإسلامي أن يتخذ خطوات وإجراءات في التحوط لمواجهة بعض المخاطر السابقة الذكر ومنها:
  • اتباع مبدأ تنوع النشاطات الاقتصادية والاستثمارية والسعي لتحقيق التوازن بين العائد والنفقات لهذه النشاطات.
  • التحوط عن طريق إنشاء صندوق تعاوني مصدر أمواله جزء من الأرباح المتحققة لمواجهة أي خطر أو خسارة غير متوقعة في عمل المصرف.. وهكذا.
  • الاهتمام بدور الرقابة الشرعية وإدخال عناصر إليها من ذوي الخبرة الإدارية والمالية.
  • متابعة تطوير نظام الرقابة الداخلية بشقيها المحاسبي والإداري لتجنب أي خلل أو طارئ قد يواجه المصرف أو لمعالجته قبل أن يؤثر على أداء المصرف.
  • تدريب وتأهيل العاملين في المصرف بشكل مستمر لتطوير أدائهم من جانب، ومن جانب آخر تنمية الجانب المعرفي لديهم في توقع الخطر وإمكانية تجنبه.
  • متابعة التطور العلمي والتكنولوجي والمعرفي في مجال العمل المصرفي.
  • وأخيرا، لا يمكن استثناء الدور الرئيسي لرقابة البنك المركزي وإشرافه على أداء المصارف الإسلامية، وهذا يتطلب وضع القوانين والتشريعات التي تنسجم مع فلسفتها لإعادة صياغة العلاقة بينهما بما يساعد المصرف الإسلامي على تجنب العديد من المخاطر التي تواجهه.
اضافة اعلان

*باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي