إدارة ترامب تحجب المساعدات عن الفلسطينيين

كولوم لينش* - (فورين بوليسي) 10/8/2018

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

يسعى البيت الأبيض إلى احتجاز ما يصل إلى 200 مليون دولار من مساعدات الإغاثة التي تقدمها الولاينات المتحدة للمدنيين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، مما يؤدي إلى قطع شريان حياة إنساني رئيسي في وقت تتصاعد فيه التوترات السياسية والأمنية في المنطقة، وفقاً لثلاثة مصادر دبلوماسية.اضافة اعلان
ويشكل هذا المبلغ تقريباً كل المساعدات الإنسانية التي تقدمها الولايات المتحدة مباشرة إلى الفلسطينيين. كما تسهم واشنطن أيضاً في ميزانية وكالة الأمم المتحدة التي تساعد اللاجئين الفلسطينيين، المعروفة باسم "أونروا"، لكن الإدارة خفضت تلك المساعدات ويبدو أنه ليست لديها خطط قريبة لتقديم المزيد.
يتزامن هذا القرار مع موجة من خفض الأجور وتسريح المئات من موظفي الأمم المتحدة ووكالات المساعدة الدولية الأخرى في الضفة الغربية وقطاع غزة الذي يواجه أسوأ أزمة إنسانية له في سنوات. وقد انتزع الموظفون الفلسطينيون في غزة السيطرة على مكاتب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطيين في الشرق الأدنى الشهر الماضي بعد الإعلان عن تسريح العمال.
وكان وزير الخارجية الأميركية، مايك بومبيو، وكبير مستشاري الرئيس دونالد ترامب للشرق الأوسط وصهره، جاريد كوشنر، قد اتخذا القرار بشأن قطع المساعدات في اجتماع رفيع المستوى عقداه في الأسبوع الماضي.
وكان الكونغرس الأميركي قد خصص مسبقاً مبلغ 230 مليون دولار من أموال الدعم الاقتصادي لمجموعات الإغاثة الخاصة في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. لكن المسؤوليَن قررا أن يطلبا من المشرعين سحب معظم التمويل، وفقاً لمصادر من الدبلوماسيين الذين فضلوا عدم ذكر أسمائهم بسبب مناقشتهم مسائل حساسة.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية: "ليس لدينا شيء لنعلن عنه في الوقت الحاضر". وأكد ناطق باسم مجلس الأمن القومي أنه "لم يتم اتخاذ أي قرار".
سوف يؤثر هذه التخفيض للمساعدات على العشرات من البرامج التي تديرها الجهات الخيرية غير الحكومية في الضفة الغربية وغزة، بما فيها منظمات "كير"، و"خدمات الإغاثة الكاثوليكية"، و"المجموعة الطبية الدولية"، و"ميرسي كوربس". وتقوم هذه المجموعات بتقديم الغذاء والمعدات الطبية والخدمات للفلسطينيين. كما يرجح أن تؤدي التخفيضات إلى إيقاف برامج رئيسية للوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
وقالت المصادر إن الإدارة تنوي مواصلة تمويل شبكة من ستة مستشفيات في القدس الشرقية، والتي تتلقى أكثر من 25 مليون دولار من المساهمات الأميركية السنوية.
وقال أندي دوونش، مدير بعثة منظمة "ميرسي كوربس" في فلسطين، التي اضطرت مسبقاً إلى تسريح ثلاثة عشر موظفاً: "إنها مثل عاصفة كاملة من التطورات التي تتجمع في اتجاه أسوأ وضع شهدناه في عقود في غزة". وأضاف: "ما نقلق بشأنه حقاً هو قدرتنا على الاستجابة" لاندلاع رئيسي آخر للعنف.
في البداية عارض بومبيو التخفيضات الكبيرة والشاملة، محتجاً بأنه سيكون من الأفضل إعادة توجيه التمويل الأميركي إلى جهود إغاثة دولية أخرى. لكن كوشنر ضغط من جهته، معتقداً أن إنهاء المساعدات على الفور يمكن أن يقوي موقفه التفاوضي عندما يقدم خطته التي طال انتظارها للسلام في الشرق الأوسط، وفقاً للمصادر.
يُطلب من الفرع التنفيذي في الحكومة الأميركية، بموجب القانون، أن ينفق الأموال التي يخصصها الكونغرس. لكن إحدى الطرق التي تجري دراستها الآن للالتفاف على القانون هي وضع الأموال في "حزمة إلغاء" وإخبار الكونغرس بعدم وجود حاجة إلى إنفاقها.
وبموجب القواعد الإجرائية للكونغرس، سوف تكون لدى المشرعين مهلة مدتها 45 يوماً لتقرير دعم طلب الإدارة. ولكن في هذه الحالة، حتى لو أنهم لم يتخذوا قراراً، فإن انتهاء المدة سوف يتزامن مع نهاية السنة المالية، وعند هذه النقطة، يمكن أن لا يتم إنفاق الأموال.
يقول ديف هاردِن، وهو مدير سابق لبعثة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في الضفة الغربية وغزة، عن خفض المساعدات: "سوف يأتي هذا بنتائج عكسية. إننا نترك فراغاً سياسياً ونسلم المكان لحماس والرفضويين الآخرين".
في وقت سابق من هذا العام، خفضت إدارة ترامب تمويل وكالة الغوث لإغاثة وتشغيل الفلسطينيين "أونروا"، التي تقدم الغذاء الأساسي والخدمات لأكثر من 5 ملايين من اللاجئين الفلسطينيين عبر أنحاء الشرق الأوسط -وحولت إلى الوكالة أقل من نصف قسطها السنوي البالغ 125 مليون دولار.
وفي ذلك الوقت، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها أرادت إجراء مراجعة لتمويل الولايات المتحدة للأونروا، وزعمت أن على الوكالة إيضاح رغبتها في إجراء إصلاحات لم تحددها الوزارة.
لكن رسائل داخلية بالبريد الإلكتروني في البيت الأبيض، والتي كشفت عنها مجلة "فورين أفيرز" مؤخراً أشارت إلى أن كوشنر ومسؤولين آخرين في البيت الأبيض كانوا يستكشفون طرقاً لتفكيك "أونروا". وفي واحدة من الرسائل الألكترونية، وصف كوشنر وكالة الأمم المتحدة بأنها "فاسدة، وغير كفؤة، ولا تساعد السلام".
تريد إدارة ترامب من الحكومات الأخرى، وخاصة دول الخليج العربية الغنية، أن تساعد على تغطية كُلف وكالة الغوث.
وقال المتحدث باسم وكالة الغوث، كريس غونيس، لهذه المجلة أن العديد من الدول الأخرى قد تحملت بعض العبء، مشيراً إلى التعهد بمبلغ غير مسبوق هو 200 مليون دولار من التمويل الجديد لبرنامج الأمم المتحدة للاجئين منذ كانون الثاني (يناير)، بما فيه 100 مليون دولار من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، كما تعهدت بلجيكا وقبرص والدنمارك والكرسي الرسولي وإيرلندا ومالطا والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بمبلغ 38 مليون دولار أخرى. لكن "أونروا" ما تزال تعاني من عجز قدره 217 مليون دولار.

*كبير المراسلين الدبلوماسيين لمجلة "فورين بوليسي" في الأمم المتحدة، والحائز على العديد من الجوائز.
*نشر هذا التقرير تحت عنوان: Trump Administration Seeks to Withhold Millions in Aid to Palestinians